اعداد مجموعة من الأساتذة بمنطقة عفرين
مما لاشك فيه أن التعليم من أهم عمليات التربية للإنسان أو نكاد نقول أن التعليم هو التربية ذاتها بمختلف النواحي (البدنية ـ العقلية ـ العاطفية … ) وعلى هذا فهو قديم قدم الإنسان ذاته ، بدأ في الأسرة مع تربية الإنسان لطفله ونقل الخبرات له ومروراً بما يتعلمه المرء في بيئته من عادات وأعراف وتقاليد تشكل له الموروث الثقافي الشعبي وطرق المقاربة الفكرية والذهنية التي تميز شعباً عن آخر في مفاهيمه حول الحياة والمجتمع وانتهاءً بما قامت به الشعوب من تعليم ممنهج علمي مدروس وبلغتها الأم لبناء أجيال تحمل ثقافة الأمة والشعب وحمايتهما من الزوال ، لكن أيضا بنفس الوقت قامت الشعوب بتعليم أجيالها علوم العصر ولغات الشعوب الأخرى لتستطيع دولهم وشعوبهم مواكبة الحضارة العالمية والتواصل مع أمم وشعوب العالم وما يحدث فيه من تطورات فلا تقع في الانعزالية عن الحضارة العالمية بل تساهم في ارتقائها .
ومن هنا تصبح عملية التعليم القومي عملية معقدة تحتاج كوادر وخبرات ومشاريع وأهداف تربوية وقومية بعيدة وأخرى قريبة ومهارات وخبرات تعليمية مختلفة وهذا لا يكون إلا بجهد مؤسساتي ورعاية دولية عالمية تُكسِب التعليم ارتقاءً بالمستوى وتطوُّراً يعطيه شرعيِّة واعترافاً دولياً يساهم في تطور البشرية.
والكُرد واحد من شعوب هذا العالم ولا أحد يستطيع أن ينكر حقه في التعلم بلغته الأم وتعلم تاريخه وجغرافيته ودينه الأساسي وتراثه الشعبي حتى يستطيع بناء شخصيته الكردية المتميزة عن غيرها بخصائصها السيكولوجية والمعرفية أسوة بباقي شعوب العالم، لكن للأسف حرم الكُرد من هذا الحق بسبب وقوع كردستان تحت براثن الدول الغاصبة المحتلة ومورست بحقهم أبشع سياسات الصهر القومي للقضاء على الشخصية الكردية واللغة الكردية والتراث الكردي ودفعهم نحو الانصهار في ثقافة مجتمعات الدول الغاصبة لهم. فانطلاقاً من هذه الحيثيات والمنطلقات الأساسية في أي عملية تعليم وإذا أسقطنا ذلك على واقع التعليم في غرب كردستان فإننا نجد أن التعليم فيها كان تابعا لنظام التربية والتعليم في الجمهورية العربية السورية حتى عام ( 2012) وهو تعليم اكتسب الشرعية من منظمة اليونسكو العالمية والشهادات السورية كانت ولا تزال شهادات مرغوب فيها في دول العالم ، غير أنه كان مكرساً لبناء الشخصية القومية العربية وإهمال الشخصية الكردية كونها المكون الثاني في سوريا ، أضف إلى أن لغة التعليم الرسمية هي العربية فبها وُضِعت المناهج والخطط التعليمية … الخ ومع مجيء حزب البعث إلى السلطة صار التعليم مؤدلجاً يخدم الفكر البعثي الشوفيني فبدأ يُغيِّب عن المنهاج أي لفظ أو مصطلح أو إشارة لوجود قومية كردية وبمقارنة المناهج القديمة في الستينات والسبعينات مع المناهج الحالية نجد الفارق واضحاً وسياسة الإلغاء باديةً ، أضف إلى فرض فلسفة وسياسة حزب البعث وأقوال حافظ الأسد وخطاباته ومن ثم أقوال بشار الأسد والتركيز على أنهما رمزان للأمة العربية والمقاومة العربية …الخ ورغم ذلك كان التعليم لدى الكرد ينمو ويتطور بشكل كبير جداً إسوةً بباقي مناطق سورية بل وفاقتها في السنوات العشر الأخيرة إذ أن نسبة التعليم في غرب كردستان وصلت إلى 90% خاصة في منطقة عفرين وفي كل عام استطاع الطلاب الكُرد أن يدخلوا كليات الطب بمعدل 15 طالباً كل عام ( فقط في مدينة حلب ) عدا باقي مناطق غرب كردستان ناهيك عن فروع الهندسة والصيدلة وطب الأسنان … الخ
أما فيما بعد (2012) وفي ظل الإدارة الذاتية التي جيء بها غريبة على تطلعات شعبنا وعنوةً عن إرادته بدأ التعليم يتراجع عما كان عليه بسبب سوء تصرف سلطة الإدارة الذاتية وإخضاع التعليم والسياسة والاقتصاد والمجتمع وكل نواحي الحياة لإرادتها وفرض نفسها سلطة أمر واقع والشروع بتنفيذ محاربة التعليم ونشر الجهل كي لا يبقى أمام الشباب الكردي طريق سوى حمل السلاح والذهاب للانتحار في حروب لم تحقق للكرد أي مكسب قومي وقامت هذه الإدارة بالتضييق على التعليم والمعلمين والطلاب بقرارات وإجراءات لا سبيل لذكرها الآن. لكن آخر هذه الخطوات هو فرض منهاج باللغة الكردية على الأجيال ليتعلموه مستغلة تعطش الإنسان الكردي إلى التعلم بلغته الأم التي طالما كان يحاول تعلمها في السر وفي الأقبية بعيداً عن أعين المخابرات السورية ومتسترة بشعارات قومية وطنية وهنا بدأت المشكلة الكبيرة التي تلخصت بثلاث خصائص أساسية:
1ـ أنه تعليم لاشرعي 2ـ أنه تعليم مؤدلج 3ـ أنه تعليم متخلف غير خاضع للمعايير التربوية
لاشرعية التعليم : يُعتبَر التعليم الذي فرضته الإدارة الذاتية تعليماً لا شرعياً أي لم يكتسب الاعتراف لدى المنظمات العالمية المعنية كاليونسكو ولا عند الدول الإقليمية ولا لدى النظام السوري ولا حتى عند مكونات الشعب الكردي في غرب كردستان وعلى هذا فإنَّ كل وثيقة أو شهادة صادرة عن هذه الإدارة تبقى حبراً على ورق ولا تلقى قبولاً ولا يعمل بها خارج مناطق الإدارة الذاتية وهذا يعني عزل أجيال كاملة عن العالم والناس وحصرها في هذه المناطق حيث لا توجد فرص متابعة التعليم إلى المراحل العليا وغياب الاختصاصات الأساسية التي يرغب بها الطلبة كالطب والهندسة والصيدلة … الخ كما لا توجد فرص عمل للمتخرجين وإن وُجِدت فرصة للعمل فلا توجد رواتب تغطي نفقاته وعلى هذا يصبح التعليم عبئاً على المواطن ويقتل الكثير من أحلام وطموحات شبابنا المقبل على التعليم والذي حقق أشواطاً بعيدة في التعليم كما أسلفنا ويقتل أجيالاً كاملة بإبعادها عن التعلم المتطور وبالتالي سيطرة الجهل شيئا فشيئاً هذا فضلاً أن هذا التعليم اللاشرعي وللأسباب السابقة كان سبباً في هجرة الكثير من شبابنا وطلابنا بحثاً عن تعليم شرعي يؤمن لهم متابعة ًلتعليمهم وفرص عمل تؤمن لهم حياة كريمة مما أدى لإفراغ المنطقة من السكان الذين هاجروا مع أبنائهم الطلاب وهذا ما يسهل عملية التغيير الديمغرافي لمناطقنا ، ومن بقيَ ولم يتسنَّ له الخروج لا يجد طريقا أمامه سوى الانضمام إلى حملة السلاح والالتحاق بمعارك لم تعطِ لنا شيئاً ولم تقدم لنا حريتنا المرجوة .
وفي هذا الصدد تتعالى أصوات مؤيدة لهذا التعليم لتقول أن شرعية التعليم لابدَ قادمة وأنه يجب أولاً فرض هذا التعليم إلى أن تتحقق مكاسب سياسية وعسكرية فإذا تمَ الاعتراف بوجود كيان كردي في غرب كردستان تكون بُنانا الفوقية في المجتمع جاهزة لمتابعة مسيرة بناء الدولة، والحقيقة هذا لغط كبير لأنه لا توجد ضمانات حقيقية بأن الكيان الكردي المرتقب قادم، وعلى فرض أنه قادم فالسؤال المهم جداً: متى يكون ذلك؟ وكم من الأجيال ستدفع الثمن حتى يتحقق ذلك؟ وهل نحن مضطرون لهذا الإجراء؟ ألا توجد حلول أخرى وطرق أخرى؟ لمَ لا نتعلم من تجارب الشعوب الأخرى؟ وفي هذا المجال نتذكر جميعاً أنه عندما انهار الاتحاد السوفيتي بقيت جمهورياته تعلم أبناءها التعليم السوفيتي لسنين طويلة حتى استطاعوا تنظيم مناهج خاصة بهم وبدؤوا بتدريسها دون أن يضيعوا أجيالاً كاملة في عملية الانتقال.
إن اعتراف اليونسكو بأي شهادة تعليمية يجب أن يتم على أساس شرعية التعليم وشرعية التعليم تأتي بأحد طريقين:
إما أن يكون تعليماً تابعاً لدولة ذات سيادة ولها مقعدها في الأمم المتحدة وهذا غير مطروح في غرب كردستان لأن أصحاب الإدارة الذاتية لا يطرحون مشروع الدولة القومية بل مشروع الأمة الديمقراطية.
أو أنه تعليم يحظى باعتراف العاصمة ضمن الدولة الفيدرالية وهذا أيضاً غير مضمون لأن مستقبل سوريا مازال غامضاً ولأن التصريحات التي تخرج من الحكومة السورية في دمشق كلها تؤكد عدم وجود قضية كردية في سورية وعدم وجود شعب كردي وبالتالي لا اعتراف من دمشق بوجود تعليم كردي أو أي مؤسسة كردية أخرى وثالثاً أن الإدارة الذاتية تطرح نفسها كجزء من سوريا وبالتالي فإن مؤسسات هذه الإدارة مرتبطة بدمشق ولابد من الحصول على اعتراف منها لإنشاء تعليم خاص بغرب كردستان ، فثمة تناقض كبير كما نرى لم يُحل حتى الآن لا مع النظام ولا مع المعارضة وهذا ما يجعل طلابنا الضحية الأولى لهكذا تعليم كونه لا يضمن لهم مستقبلاً كريماً يعيشون به ويبنون حياتهم على أساسه .
أدلجة التعليم : وإذا تجاوزنا لاشرعية التعليم التي تعتبر من أشد المخاطر على أجيالنا وشبابنا وأولادنا إلى تفحص محتويات هذا المنهاج فسنجد أنه يشير في بعض مواده ودروسه إلى تمجيد شخصية عبد الله أوجلان الذي تقتدي الإدارة الذاتية بفكره وتهتدي بتعاليمه وتعتبره القائد الأوحد والملهم ومنقذ الأمة الكردية ، حتى أن صوره باتت تعلق في كل الدوائر الرسمية وليس فقط في قطاع التربية والتعليم مما يذكرنا بصور حافظ الأسد وبشار الأسد التي توضع في كل غرفة رسمية ومؤسسة حكومية ، بل ويعتبر هذا المنهاج أن يوم مولده في 4 نيسان يوماً وطنياً وذكرى نحتفل بها كل عام وتعطل المدارس في هذا اليوم كما جاء في كتاب ( jiyan Û civak ) للصف الثالث في صفحته ( 39 ) ، ثم يلحق بصفحة عن حزب ( pkk) وأهداف نضاله وكأن المنهاج يروِّج لهذا الحزب دون غيره من الأحزاب الكردية كما نجد في كتاب ( zanistin civaki ) للصف الرابع في الصفحة ( 74 ) حديثاً عن شهداء حزب ( pkk) علماً أن من مبادئ التعليم الأساسية بحسب اليونسكو عدم تسيس المناهج .
وأما على صعيد سياسة التعليم بمعنى الخطط والبرامج والنشاطات المدرسية والإدارة فنجد سياسة نشر ثقافة منظومة ( تف دم ) وحزب ( pkk ) ورديفه الـ ( pyd ) بادية واضحة فيوم (4) نيسان كما ذكرنا وهو يوم مولد عبد الله أوجلان يعتبر يوم عطلة رسمية وتقام الاحتفالات والمسيرات الأمر الذي يكرس فكرة عبادة الفرد الخارجة عن أسس التعليم الصحيحة ويمجد شخصية عبد الله أوجلان ، وكذلك الأناشيد والأغاني التي تُعلَّم للطلاب هي أناشيد تابعة لثقافة منظومة ( تف دم ) وتهدف إلى تربية الأطفال على فكر وسياسة حزب العمال الكردستاني وذراعه الاتحاد الديمقراطي دون الاهتمام بتقوية الروح الوطنية النابعة من التاريخ الكردي . والأخطر من كل هذا أن مفاصل الهيكل الإداري والجهاز التدريسي موضوع على أسس سياسية مؤدلجة فقد قامت حكومة الإدارة الذاتية في عفرين بطرد كل المدراء والإداريين الذين لا ينتمون لخطهم السياسي من مراكز عملهم ومكاتبهم رغم كفاءاتهم العلمية والعملية وقامت بتعيين أشخاص لا يمتُّون بصلة للتعليم كمدراء وإداريين بدلاً عنهم وصاروا يعيثون فساداً في التعليم بقراراتهم اللامسؤولة وطرق جبايتهم لأموال التعاون والنشاط المدرسي والتي رفعوا سقفها فشكل عبئاً على الأسر الفقيرة التي ترسل أكثر من ولد للمدرسة والاهتمام بالفكر الأوجلاني على حساب التعليم يعني صاروا مدراء فقط لأنهم من المؤيدين لهذه المنظومة السياسية وصاروا كالهياكل تملأ الفراغ على الكراسي أما القرارات الحقيقية فتعود للموجهين الاختصاصيين الذين بدورهم يأتمرون من رئيس هيئة التربية والتعليم التي هي بالأساس مجرد واجهة توهم الشعب بوجود مؤسسة حكومية مدنية عاملة لخدمة الشعب لكنها في الحقيقة تعمل تحت إمرة اثنين فقط جاؤوا من قنديل ليتسلموا ويديروا قطاع التعليم بعقلية عسكرية إيديولوجية بحتة بعيدة عن الفكر المؤسساتي الحقيقي وروح المجتمع المدني .
ابتعاد التعليم عن المعايير التربوية : من المعروف أن للبدء بأي تعليم لابد من تحديد الأهداف العامة والأهداف الخاصة والأهداف المرحلية في التعليم وتحديد المدرسة التي سيتبعها المنهاج من المدارس المعروفة في التربية والتعليم كالمدرسة السلوكية أو مدرسة حل المشكلات … الخ كما يجب تحديد طرق لتدريس وعرض الدرس وتقام في هذا المجال دورات للمعلمين والمدرسين لإتقانها ومن ثم البدء بتنفيذها ، وبالاطلاع على هذا المنهاج نجد أنه بعيد عن تعليم التلاميذ المهارات السلوكية حيث لا توجد خطط للتعليم المرحلي بحيث يحقق المتعلم مجموعة من الخبرات والمهارات تتناسب ونمو عقله في المراحل التعليمية التي ينتمي لها .وعلى سبيل المثال ما نجده في مادة الجغرافية لطلاب الصف السابع حيث نجد دروساً أعلى من مستوى عقل الطالب لأنها تتناول أمورا وحقائق عن نشأة الكون والأرض والشمس والكواكب وتضاريس الأرض بشيء من التفصيل وبلغة ومصطلحات جغرافية لا يعرفها المدرس نفسه الذي لم يتلقَ التدريب الكافي لتعليم المنهاج فكيف الأمر بطالب لم يتعلم السنة الماضية ( حين كان في الصف السادس ) اللغة الكردية كون تعليم اللغة الكردية لم يصل للصف السادس العام الماضي بل توقفت عند الصف الثالث , وكذلك بالنظر إلى تطبيق المنهاج الجديد فقد اتخذ سياسة نشره على مراحل ( كل ثلاثة صفوف معاً) وهذا ما أضر ببعض الطلاب ضرراً كثيراً ، فقد تم نشر التعليم بالمنهاج واللغة الكردية الجديدين أولاً للصفوف الثلاثة الأولى عام ( 2015 ) وفي الصفوف الثلاثة الثانية أي ( الرابع والخامس والسادس ) في عام ( 2016) وهذا يعني أن طالب الصف الرابع عام ( 2015 ) لم يتعلم اللغة الكردية ، فعندما أصبح في الصف الخامس عام ( 2016) جاءته اللغة الكردية والمنهاج الجديد دون أن يكون جاهزاً لتعلمه فما عاد بإمكانه متابعة تعليمه بسبب هذه الفجوة في سلسلة تعليمه فانقطع عن التعليم ، وطبعاً هناك قرار سياسي خلف هذا الاستعجال في نشر المنهاج على مراحل ( كل ثلاثة صفوف معاً ) ليتم تعميم المنهاج الجديد بأسرع وقت ممكن دون أي اعتبار لمصلحة الطلاب.
أما عن الكوادر والمعلمين فهو أسوأ حالاً حيث قامت الإدارة الذاتية ( كما أسلفنا ) سابقاً بإعفاء كل المدراء والمعلمين من مهامهم لأنهم لا ينتمون لنهجهم السياسي وبحجة عدم تعاونهم مع قرارات الإدارة الذاتية وتعيين مدراء ومعلمين آخرين غير مؤهلين تعليمياً وإدارياً وغير متخرجين بل أن البعض منهم لم يكن قريباً من السلك التعليمي بشكل أو بآخر بل إن أكثرهم من حملة الشهادة الاعدادية والثانوية ، فهذه التي درست الصف التاسع مرات ومرات ولم تحصل على الشهادة الاعدادية أصبحت الآن معلمة اللغة الكردية بمجرد أنها اتبعت دورة للغة الكردية لمدة شهر ، وتلك التي تركت العمل في الأسايش لتصبح موجهة في المدارس وهذه التي ما زالت طالبة صارت مديرة لأستاذها الذي علمها في الثانوية وتلك التي تخضع حالياً لدورة بكالوريا لتقدم لدى النظام كما أغلب أولاد مسؤولي الإدارة الذاتية فإن حصلت على الشهادة الثانوية ضمنت لنفسها وظيفة إدارية أو تعليمية عند سلطة الإدارة الذاتية تقدم لها راتباً شهرياً وهذا هو المهم لدى سلطة الإدارة الذاتية أن نملأ الفراغات بموظفين موالين ولو على حساب الطالب وتعليمه التربوي الصحيح ، وهكذا دواليك من هذه المظاهر والنماذج التي تضر بالتعليم وتجعله يتراجع بسبب غياب الكفاءات ، ورب قائلٍ من مسؤولي الإدارة الذاتية يقول أن باب العمل في سلك التعليم مفتوح للجميع وخاصة أصحاب الكفاءات والخبرات فليتفضلوا وليصححوا كل هذه الأخطاء ونتلافى التقصير معاً ، والحقيقة هذا كلام حق يراد به باطل لأن دعوتهم مشروطة بالتقيد التام بتعاليمهم ومناهجهم اللاشرعية ومن ثم يفرض على المعلمين دورات مكثفة (perwerde) في تعلم فكر وفلسفة قائدهم ( آبو) ، يعني هم يريدون أدوات تنفيذ وليس الاستفادة من خبرات أصحاب الكفاءات وتجييش المجتمع الكردستاني خدمة لأجنداتهم .
لذا نجد من الأنسب أن نترك التعليم على حاله مكتسبا شرعيته من النظام ويوفر لطلابنا فرص متابعة التعليم والعمل ،مع البدء بتعليم اللغة الكردية كمادة إضافية على المنهاج الحكومي إلى أن نقيم بأيدي موحدة كياناً فدرالياً في سوريا يعترف بهويتنا القومية دستورياً وبتعليمنا في غرب كردستان وبلغتنا الأم وأن نطلب مساعدة اليونسكو والأمم المتحدة للإشراف على مناهجنا ومساعدتنا في وضع الخطط والبرامج التي من شأنها تطبيق هذا المنهاج وبعد ذلك من الضروري أن نبدأ بوضع المنهاج وتنفيذه صفاً صفاً لا مرحلة مرحلة ، بحيث نحقق انتقال آمن للتعليم فلا تنقطع السلسلة التعليمية كما أوضحنا ، وأن نقوم بتربية كوادر تدريسية وإدارية ذات مستوى تعليمي قادر على تنفيذ المناهج بكفاءة عالية ليستفيد الطالب من تعلمه ويجب إبعاد التعليم عن الإيديولوجيا أياً كانت وربطه بالقيم الوطنية والإنسانية التي تجعل من المتعلم إنساناً متفاعلاً مع الوطن وبنائه ومع العالم في بناء الحضارة الإنسانية وتظهر دور الكرد تاريخياً وحاضرا في بناء الحضارة الإنسانية .
إننا واستناداً لما تقدم نرى أننا بهذا التعليم الذي تفرضه الإدارة الذاتية ندفع بأبنائنا الطلاب إلى متاهات الضياع ونفرِّغ التعليم من محتواه النبيل ونجعله سلاحاً في هدم الإنسان بدل بنائه البناء الصحيح لأنه تعليم يهدف إلى تخريج جيل من المتحزبين وحاملي السلاح خدمة لحزب وثقافة محددة، لا ثقافة وطنية وبهذا نستطيع أن نقول إننا أمة في خطر.
عفرين في 26 / 5 / 2016 م