إلى إقليم كُردستان، ومن له صلة بالأمر: أنقذوا شعبنا في روجآفا من الجوع المميت

 ابراهيم محمود
نتابع أخباراً، ترِدُنا أخبار، حول الوضع الكارثي في روجآفا” نا “، والجوع الذي يتهدد الغالبية من شعبنا هناك، وكل الذين يعيشون هناك، كما لو أن الخوف من موت داعشي، أو فقدان الأمان، أو ما يمكن أن يحصل في أية لحظة، لا يكفي، ليكون الجوع وأصنافه خوف المخاوف، وأهلنا يبثّون كل المعنيين بما يجري هناك نداءات استغاثة عن جوع متصاعد، وفقدان الأدوية، في الوقت الذي تتخذ التنازعات السياسية الحزبية الكردية المنشأ حرب وجود أم عدمه، وكل إضافة درجة تخاصم تصاعد في وتيرة الجوع والموت المستفحل.
هل بات أمن الحزب متقدماً على وجود شعب كامل؟ وماذا يعني إذا استمرت التنازعات؟ ستبقى مداخل البلد مغلقة مشرقاً ومغرباً” بين مبروكة وسيمالكا “، ويزداد الناس جوعاً وخوفاً على صغارهم، ويصبح لداعش أكثر من هيئة، أكثر من سبيل إلى نفوس الناس، إلى أذهانهم، وهو يستبد بهم، وهو يمضي بهم إلى اعتماد تصرفات، حباً بصغارهم، وللحياة، وربما في اضطرار بعضهم إلى رهن حريته، إلى الدفع بالكرامة والشرف إلى أيدي سماسرة يتاجرون بالوطنية والقومية والشعب، إلى الكفر بالكردايتية ذاتها..لنعترف هنا: ألا يقولون إن الجوع كافر ؟ هلّا أمعنتم النظر في وجوه الذين يستغيثون بمن له صلة بالموضوع؟
صوتي هنا، وقبل أي جهة أخرى، ومن باب تلمُّس الأمل، موجَّه، على الموجة الطويلة: إلى إقليم كردستان، والسلطة القيادية فيه، والأخ الرئيس مسعود برزاني قبل أي كان، ومسئوليه وساسته، وكل الذين لديهم القدرة على تخفيف غائلة الجوع هذه، والذين يمثّلون أحزاباً هناك، بالمبادرة إلى فتح معبر ” سيمالكا “، وإرسال ما يلزم، وكلّي يقين أن لدى سلطات الإقليم الكثير مما يمكن إرساله من مواد غذائية وطبية ومعونات وغيرها، لدي يقين أنها تمتلك القدرة على تأمين الكثير الكثير، وحيث أعين روجآفا تترقب بشائر الخير من جهة معبر سيمالكا، ليس الكرد وحدهم هناك في ” سفربرلكاتهم الجوعية والمرَضية “، بل سواهم: عرباً، سرياناً، أرمناً وخلافهم، إذ لا شهادة دامغة على رفع رصيد جهة ما من الجانب الإنساني، الأخلاقي من التخلي عما يصل بما هو خصوماتي.
لتذهب الحزبية إلى الجحيم إذا كان الرهان على موت شعب أو هلاكه هو الحاسم، والشعب هو البداية والنهاية، ليذهب أهلها إلى الدرك الأسفل من الجحيم إذا كانوا يتغنون بمآثر شعبهم، وهم يرون بأم أعينهم ويسمعون بآذانهم ما يجري في روجآفاهم، وهم يردّدون مراراً، مراراً أن ثمة مسائل عالقة تمنع من إرسال المساعدات..
للإقليم الذي يمتلك قابليات كاملة في مضمار ” فُرِجت ” وحتى بعضٌ من الذين يفكرون في الوضع الكارثي لشعبهم هناك، أقول: لا مجال للتردد، لا لزوم للدخول في رهانات، تصفيات، تسويات، والجوع في اضطراد.. إنها اللحظة المثلى للتأكيد على أن الحرص على سلامة بسمة طفل، غداً سيكبر وستكون بسمته الشاهدة على ذلك، على طمأنينة قلب أم مرعوبة من الجوع الذي تعدى عتبة بيتها، وتخشى على عرضها من أن يكون الثمن المدفوع حباً بأولادها، وثمة حالات واقعة، على أمان نفسي لأب مشرف على الجنون لأنه يتابع كل شيء، وليس لديه شيء، وخشية أن يقوم بكل ما لا يُتوقع في وضع ينذر بالخطر، لحظة التأكيد على أن كل ذلك هو الرهان على نقاوة القومية والتحرر من سطوة الأنانية وغوايتها القاتلة..
بالحرف الواحد: لتحرَق مكاتب المعنيين بها، ليمنَعوا من رفع شعارات لا تتناسب وسياسة القائمين على إدارة الأمور هناك، كل ذلك لا يعادل الحد الأدنى من تقديم ما يلزم: غذاء، ودواء، وبعضاً من الكردايتي..
الآتي هو الذي سيقول كلمته، سيفرز الكردي الصالح عن الكردي الطالح.
إنه لرعب ما بعده رعب، أن يدافع أحدهم عن خانته الحزبية وثمة شعب بالكامل منذور للهلاك.
هل من مجيب !
دهوك، في 10 أيار 2016 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…