د. محمود عباس
أثناء محاضرتي في مكتبة مدينة الجامعة الغربية، البارحة في هيوستن، لجمهور من المحاربين القدماء والمتقاعدين الأمريكيين، سأل أحدهم السؤال التالي: وما الحل لقضايا الشرق الأوسط؟
كان جوابي له التالي:
1-إذا أردنا حلا سريعاً، وبدون إزالة الجذور المؤدية إلى كل هذا الصراع، سيكون عن طريق التدخل الخارجي من قبل الدول الكبرى وعلى رأسهم أمريكا وروسيا وبقوة، ليس عسكريا فقط، بل عن طريق جدية الدعم العسكري والسياسي والمادي للقوى الديمقراطية، وعلى رأسهم القوى الكردية، التي تحارب المنظمات الإسلامية التكفيرية كداعش، والسلطات الاستبدادية، ليست فقط سلطة بشار الأسد بل سلطة رجب طيب أردوغان التركية. والاعتراف بالكرد سياسيا.
2-إما إذا أردنا حلولا جذرية: فلابد من تهيئة العاملين، الخارجي والداخلي:
1-الأول: سيكون عن طريق مساعدة الدول الحضارية، لشعوب المنطقة: ثقافيا، لتشذيب المفاهيم الموبوءة، وتهذيب وتنقية وتطوير مراكز التدريس وتثقيف وتعليم شعوب المنطقة، من المدرسة إلى الجامعات وحتى المفاهيم والخطب التي تلقى في المساجد. وسياسيا، إسقاط السلطات الاستبدادية التي ترسخ النظام الثقافي الموبوء بين الشعوب لديمومة طغيانها. واقتصاديا، دعم القوى الديمقراطية في المنطقة، لخلق البديل للأنظمة الفاسدة.
2- مساعدة الكرد، والشعوب الأخرى المستعمرة في المنطقة، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، لأنهم وبسبب الظروف التي مروا بها، من الاستعمار الثقافي والاقتصادي، إلى الاضطهاد السياسي والقهر المعيشي، والتهجير والتعريب والتتريك، أصبحوا أكثر الشعوب تفهما للحرية، وبشكل عفوي، وطموحا للنظام الديمقراطي، ومعاداة للمنظمات التكفيرية والأنظمة الاستبدادية.
3-ولا بد من تحرير كردستان وتشكيل كيان جغرافي مستقل، ليس لأنني كردي، بل لأنها ستكون على الأغلب من أغنى دول المنطقة، وبمساحة كبيرة وثقل ديمغرافي، ونظام ديمقراطي، وستكون مثالا حضاريا للدول والشعوب المجاورة، وستكون لها تأثير مباشر على شعوب ودول الجوار في كل المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية. ولابد من مساعدتها في بداياتها، لئلا تكون هشة البنيان وسهلة للقوى الإقليمية بالتدخل في أمورها، تجرفها إلى دروب الدكتاتورية، والفساد الداخلي، مثلما يحصل اليوم.
وأضفت أنه، في الحل الأخير، المسيرة لن تكون سهلة، ولن تكون في سنة أو سنتين، بل هو طريق قد يدوم عقود قادمة، لكنه الحل الأمثل كما أراه، لبناء الشرق الأوسط المشابه لبدايات أوربا عندما خرجت من عصر الظلمات.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
31/3/2016