عمر كوجري
دأب الشباب الكوردي في كوردستان سوريا ومنذ نشوء الحركة السياسية الكوردية في خمسينيات القرن الماضي في الدخول بجسم النضال اليومي، وانخرط الكثير منهم في صفوفها، وقدّموا من أجل رفعة وطنهم شهداء أجلاء.
ولكن حالة اللاتراضي والمجافاة بين الحركة الكوردية والشباب ظلت قائمة، وكانوا دائماً يشكون من “محاربة” القيادات لهم، وإنّ طاقاتهم لا توظّف كما يجب، والمتشبثون في مناصبهم لا يعطون الشباب الفرصة للإبداع والظهور، ولهذا انسحب الكثير منهم من صفوف الأحزاب.
حالة الغبن والشعور بالتظلُّم قد لا تبدو على الدوام صائبة، فحين ابتعد الشباب عن الحركة السياسية الكوردية لم يبدعوا طرائق مبتكرة لتوظيف طاقاتهم، وبقيت الكثير من شعاراتهم رهينة الظهور الفردي لثلة قليلة منهم، استفادوا على حساب المتحمّسين والناشطين، ظهر هذا جلياً خلال الثورة السورية، فقد اشتكت الفعاليات الشبابية من جور الأحزاب وانقساماتها، لكنها للأسف وقعت في ” الوكر” عينه، فقد تشظّت التنسيقيات الشبابية الكوردية بشكل غير طبيعي، مع أنها ادّعت أنّ بعض الأحزاب ساهمت في تشرذمها وتشتتها، لكن هذا لا يبرر الفوضى التي وقع فيها هؤلاء، بل أن بعضهم انحصرت مهمته في الاشتراك لدقائق معدودات في تظاهرة بمكان” آمن” والتصوير مع كرتونة، وافتعال غضب عارم وقت التصوير، والاستفادة منها فيما بعد بإجراءات الإقامة ولمِّ الشمل، والفوز بيورو السوسيال الأوروبي، والكتابة من هناك بأن الحركة الكوردية أصغر من أن تتحمل طاقاته العظيمة الخلاقة، ولهذا آثر البعد عن أرض الوطن.
هذه حال مبادرات شبابية من كوردستان سوريا، وهي في بدايتها تكون صاخبة، ضاجة بالنشاط، وتخلق إيحاء بأن “تحرير كوردستان” صار قاب قوسين أو أدنى، ويزداد التّفاعُل “الخَلاّق” والتّحشيد العرمرم على صفحات الفيس بوك باعتبار أن الأمر لا يتعدّى الاشتراك ببوست أو بلوغو المبادرة، أو وضع لايك، وتعليق صغير مثل: هربجي- إلى الأمام- منورين.. وهكذا..
الاندفاع الشبابي الذي وصل ذروتَهُ سرعان ما يخبو في أول” انتكاسة” أو سوء فهم، ويبقى التّحارب على ” المُنجَز” الشَّخصي أهم بكثير من المبادرة ذاتها.
بمعنى يتمُّ تداولُ شعاراتٍ ضخمةٍ دون توفير الأرضية المناسبة لتنفيذ هذه الشِّعارات على الأرض، وبالتّالي يحدُثُ الإحباطُ الشّديدُ، وبالتالي فشل المبادرة برمتها.
زاوية” العدسة” صحيفة ” كوردستان” العدد 533