المستفيقون على دقات طبول الفيدرالية

افتتاحية جريدة ( المساواة)  *
ما ان بدأت اولى الخطوات التي يتفق المتتبعون انها جدية في ايجاد تسوية للأزمة السورية من خلال جنيف3 , حتى بدا الضجيج حول أحد عناوينها البارزة لسوريا المستقبل التي قدم السوريون تضحيات جسام لتكون مغايرة لسوريا الامس في ظل نظام شمولي مستبد ادى بها الى ما هو الحال, وتنبه واستفاق اصحاب هذا الضجيج من افراد وجهات على دنو الخطب الذي ظهر مع الدعوة الى النظام الفدرالي في سوريا كأحد الخيارات التي تستحق الوقوف عندها, وزاد من صخب هذا الضجيج ما تم الاعلان عنه من فدرالية روج افا – شمال سوريا, وبعيدا عن تقييم ما تم في هذا الاعلان, حيث عبر المجلس الوطني الكردي عن موقفه منها في حينه, وان المجلس هو اول من دعا الى الشكل الفدرالي للدولة كأفضل خيار يؤمن سوريا حاضرا و مستقبلا,
فإن هؤلاء المستفيقون على دقات طبول الفدرالية لم يتناولوا الفكرة بشكل موضوعي كخيار, بقدر ما تناولوا الشعب الكردي ونعتوه بأسوأ النعوت, وصار كل منهم ينبش في الجغرافيا والتاريخ رغم ضحالة وعيهم المعرفي والمتقوقع لينفي الوجود الكردي وحقوقه القومية, وصاروا بين ليلة وضحاها أبناء عم النظام على هذا الغريب المهاجر في حقد شوفيني موروث من أمسهم القريب.
ولعل ما أثار الاهتمام والحفيظة لهذا الضجيج أكثر هو استدارة المعارضة للوثائق والصيغ التي أقرتها حول مستقبل سوريا كهوية الدولة وحقوق المكونات والاقرار الدستوري بالوجود القومي الكردي وضمان حقوقه وفق العهود والمواثيق الدولية سواء ما ورد منها في وثيقة المجلس الوطني الكردي مع الائتلاف أو وثائق مؤتمري القاهرة, وتجاهل الرؤية والمقترحات الكردية بهذا الخصوص في مداولات جنيف.
وان كانت بعض الأقلام الوطنية الغيورة قد ردت عليها بحس وطني فان ذلك لا يعفي قوى المعارضة الوطنية أيضا اطرافا كانت او احزاب للتعبير عن رفضها لتلك المواقف و صدقيتها والتزامها في التغيير المنشود في سوريا وبناء دولة ديمقراطية متعددة القوميات والاديان , وأن لا تكتفي ببعض التعليقات الخجولة والمواقف التبريرية والمبهمة. ان تجاهل الوعي العربي السياسي الذي ترعرع وعاش طويلا في كنف الانظمة الشمولية لما عاناه الكرد من اضطهاد قومي على يد نظام البعث منذ عقود ومحاولاته صهر ومحو هويته القومية عبر مشاريع وسياسات عنصرية مقيته, لم يحد الكرد في تناولهم للهم الوطني بقدر تناولهم للهم القومي وربط على الدوام حل القضية القومية للشعب الكردي بمسالة تحقيق الديمقراطية في البلاد, وان ما ظهر ويظهر من تجليات للفكر القومي المتعصب اليوم في اصوات نشاز, فان الحكمة تقتضي عدم الانجرار الى سياسات ردود الافعال الضارة وغير المجدية, ويزيد من الحاجة الى مضاعفة الجهود لإقناع الآخرين من ان اتحادية الدولة تبقى الخيار الأفضل لإعادة اللحمة لسوريا ارضا وشعبا في ظل ما يعانيه من تمزق في البنية المجتمعية وتقسيم مفروض على الارض, كما تزداد الحاجه لان تسمى الاشياء بمسمياتها بعيدا عن شعارات حمّالة للأوجه, واعتماد ضمانات دستوريه يطمأن لها كل مكونات المجتمع السوري كما يطمئن بها الشعب الكردي لحل قضيته القومية حلا عادلا وتأمين حقوقه القومية وفق العهود والمواثيق الدولية وذلك حماية له من التغول القومي المتعصب مرة أخرى في دولة مركزية مستنسخه.
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…