هل أن الاوان لان يصبح المجلس الوطني الكردي حزبا سياسيا؟

اكرم حسين 

فاجئت الثورة السورية احزاب الحركة الوطنية
الكردية الكلاسيكية ، والتي كان نضالها منحصرا  في اطار اصدار بعض البيانات
والنشرات الدورية وعقد الاجتماعات الحزبية واحياء بعض المناسبات الثقافية
والاجتماعية، باستثناء احزاب لجنة التنسيق الكردية “يكيتي-ازادي-تيار المستقبل”
التي خرجت في عدد من الاعتصامات وتعرض اعضاءها للسجن والاعتقال بينما انخرطت بعض
الاحزاب الاخرى في اعلان دمشق للتغيير الديمقراطي الذي طالب بالتغيير التدرجي
السلمي، وتم على اثرها اعتقال بعض قادته (فداء حوراني ورياض سيف) وكانت ردة فعل
السلطة عنيفة تجاه بعض النشاطات، وفي عام 2008 تم اعتقال مشعل التمو واودع السجن
بعد ان خضع لمحاكمة صورية، اصدرت حكمها باعتقاله لمدة ثلاثة سنوات يضاف الى كل ذلك
اصدار المرسوم 49 في العام ذاته، القاضي بمنع التملك في المناطق الحدودية و الذي
جاء اساسا لاستهداف الكرد، ودفعهم للهجرة وترك المنطقة ؟
 وقبل الثورة كانت اغلبية الاحزاب الكردية منخرطة في اطار ما سمي آنذاك بالمجلس
السياسي الكردي، ولاحقا احزاب الحركة الوطنية الكردية، واتفقت فيما بينها على بعض
الاسس في نضالها، للحفاظ على كينونتها ، ووقف النزيف المستمر في جسدها، وتعزيز
قدراتها، وتوسيع مشاركتها في الساحة السياسية الكردية والوطنية   
عندما انطلقت
الثورة السورية في درعا عام 2011 خرج بعض الشباب الكرد والمثقفين والنساء في
تظاهرات في مدينة القامشلي، سرعان ما توسعت وعمت المدن الكردية الاخرى، وكان موقف
معظم الاحزاب الكردية آنذاك سلبيا تجاه التظاهرات، حيث تصدى لها البعض بشكل مكشوف
وعلني وسافر على رؤوس الاشهاد ، وبدون خجل او مواربة ، وحاول التشكيك والتقليل من
جدواها، و ثني الشباب عن  الخروج في هذه التظاهرات ، وفي أوائل أيّار 2011 اجتمعت
معظم الأحزاب الكردية في مدينة القامشلي وأصدرت بياناً وضعت فيه تصورها لحل سياسي
للأزمة، اتسم بالاعتدال ودعا إلى إجراء حوار بين السلطة والمعارضة لحقن الدماء ووضع
مبادئ لإصلاحات ديموقراطية، من ضمنها تحقيق المطالب المشروعة للشعب الكردي في إطار
وحدة البلاد، ونتيجة لرفض احزاب الحركة الوطنية الكردية المشاركة بالتظاهرات اعلن
“تيار المستقبل”  انحيازه الى الثورة والى الشباب ، وخرج من صيغة احزاب الحركة،
التي كانت تضم معظم الاحزاب الكردية السورية تقريبا ، وبعد خروج مشعل التمو من
السجن تم عقد اللقاء التشاوري بالتنسيق مع فيصل يوسف وعبد الرحمن الوجي وبعض
المثقفين الكرد ونشطاء المجتمع المدني في مدينة القامشلي 15/9/2011 بحضور اكثر من
مائة شخصية من كافة شرائح المجتمع الكردي وخرج اللقاء بتوصيات مهمة ، مما دفع بقية
الاحزاب للاستنفار والتحرك بغية قطع الطريق على أي اطار محتمل قد ينشأ في المستقبل
و يغير من قواعد اللعبة والاشتباك ، لذلك سارعت الى تأسيس المجلس الوطني الكردي في
26/10/2011 بدعم ومساندة من اقليم كردستان العراق ، ونتيجة الاختلاف في توزيع الحصص
والمقاعد تم استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي طالب بتمثيل اكبر لعدد من
منظماته في المؤتمر كاتحاد ستار والشباب ومؤسسة عوائل الشهداء ..الخ وقام بتأسيس
مجلس غرب كردستان الذي ضم بين دفتيه كل مؤسسات الحزب المذكور، ومع تقدم مسار
الاحداث وتطور الثورة، واختلاف القراءات ، حصلت بعض الاتفاقيات الكردية هولير
الاولى والثانية ودهوك وملحقها، وتشكيل “المرجعية” السياسية الكردية التي ضمت احزاب
المجلس الوطني الكردي واحزاب تف دم وبعض الاحزاب الاخرى ، لكن ما جرى في جلسة
اختيار اعضاء “المرجعية” كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير؟ ، مما ادى الى طرد
ثلاثة احزاب من المجلس الوطني الكردي بحجة وقوفها الى جانب مرشحي الطرف الاخر، وتم
تعطيل المرجعية والاتفاقية معا ولا زالت، ولا ننسى هنا بان ثلاثة احزاب اخرى كانت
قد اعلنت انسحابها من المجلس وانضمت الى الادارة الذاتية القائمة، مما جعل المجلس
يبدو وكانه يضم قوى وشخصيات وفعاليات تنتمي الى لون واحد وفكر واحد رغم ان المجلس
في بداية تأسيسه كان عبارة عن تحالف سياسي يحتوي في ثناياه مجموعة من الاحزاب
الكردية ذات التوجه السياسي المختلف قوميا وفكريا، فالبعض كان قريبا من هولير
والاخر محسوبا على السليمانية او قنديل اضافة الى وجود احزاب مرتبطة بدمشق وتعمل
بعيدة عن الاجندة الكردستانية منذ وقت طويل  
اما اليوم  فإننا نكاد لا نرى اية
اختلافات جوهرية بين احزاب المجلس الوطني الكردي ومكوناته السياسية والاجتماعية لا
بل تكاد تتطابق كلها في النهج والفكر او الطرح السياسي وتعلن التزامها المطلق بنهج
البارزاني بعد استبعاد  بعض الاحزاب والقوى التي كانت تنتمي الى هذا اللون السياسي
او ذاك، والمراقب والمتتبع لخط سير المجلس لا يجد اليوم سببا لبقاء هذه الاحزاب
والفعاليات كمكونات تنظيمية مستقلة داخل المجلس، بعد توحيد اربعة احزاب سابقا تحت
مسمى “الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا” وهي تجربة لا زالت قائمة حتى الان ، ومن
الخطأ بقاء مكونات المجلس من احزاب وتنسيقيات ومستقلين دون اية وحدة تنظيمية في هذه
المرحلة الحساسة والمصيرية ، لان من هو اليوم داخل المجلس ينتمي الى ” نهج
البارزاني” لذلك ادعو ها من هذا المنبر الى ضرورة التوحد التنظيمي  تحت مسمى ” حزب
المجلس الوطني الكردي” فهل يستطيع ان يفعلها الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا 
ويكون على قدر التحدي والمسؤولية ؟ سؤال برسم قيادة الحزب المذكور وعلى رأسه
السكرتير سعود الملا ؟!! بعد ترحيب رئاسة إقليم كردستان باقتراح الدولة الفدرالية
في سوريا، وتصاعد الاصوات المطالبة بها كشكل من اشكال حق تقرير المصير للشعب الكردي
في سوريا ، في وقت ولى فيه زمن التصريحات والتمنيات ، وحل محله زمن التضحيات
الجسيمة والنتائج الملموسة ….؟؟!!!  

نشرت في صحيفة بوير برس العدد 39
تاريخ 15-3-2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…