السعوديّة وإيران وحزب «الاتحاد الديموقراطي» السوري

هوشنك
أوسي
 
المتابع للخطاب السياسي والإعلامي لحزب «الاتحاد
الديموقراطي» (فرع العمال الكردستاني في سورية)، يجد تقاطعاً غريباً ومريعاً بينه
وبين إعلام «حزب الله» اللبناني، وإعلام نظام الأسد، وكل الجماعات الدائرة في فلك
«الولي الفقيه»، لجهة استهداف المملكة العربيّة السعوديّة على الأصعدة كافة. والحقّ
أن «الاتحاد الديموقراطي» لا يمكنه أن ينحو هذا المنحى، لو لم يتلقَّ الأوامر من
«العمال الكردستاني». ذلك أن الأخير، دأب على استخدام فرعه السوري، لمهاجمة
السعوديّة وإعلامها، ومهاجمة إقليم كردستان العراق أيضاً، حتّى لا يضع «الكردستاني»
نفسه في الواجهة أو المواجهة المباشرة!.
هذا التقاطع المريب والغريب، لم يجد لنفسه شيوعاً قويّاً لدى الأوساط الموالية
للحزب على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنّه لا يوجد عاقل بين جماهير «الاتحاد
الديموقراطي» كي يتساءل: لماذا استهداف السعودية؟ وما هي مصلحة الكرد السوريين في
استعداء هذا البلد على الطريقة الأسديّة – الخمينيّة؟! وماذا فعلت السعوديّة بحقّ
الكرد حتّى تتعرّض لهذا الاستهداف من حزب «كردي سوري».
وهل المبررات التي يسوقها
«الاتحاد الديموقراطي» في سلوكه هذا صحيحة ومقنعة؟
لا يجد «الاتحاد الديموقراطي»
أي حرج في مهاجمة السعوديّة، وفي الوقت عينه، لا يجد الحزب أيّ حرج من التحالف
والتنسيق منذ عقود مع دولة، كإيران!. بل يعيب «الاتحاد الديموقراطي» على المعارضة
السوريّة علاقاتها مع السعوديّة وتركيا، وأن ذلك يعتبر تدخّلاً في الشأن السوري!،
وأن المعارضة يجب أن تكون مستقلّة!، ويتعامى الحزب عن عشرين سنة وجود لزعيم
«الكردستاني» في كنف نظام الأسد الأب، ووجود معسكراته في البقاع اللبناني ودمشق
واليونان وأرمينيا في حقبة التسعينات.
ويتعامى عن الدعم اللوجستي الذي كان
يتلقّاه «الكردستاني» من نظام الأسد، وطهران، وأثينا، ويريفيان، ونيقوسيا… إبان
حقبة التسعينات وصراع «الكردستاني» مع أنقرة!. هذه يعتبرونها حلالاً بينما علاقة
المعارضة السوريّة مع السعوديّة وتركيا، يعتبرونها حراماً!؟. ذلك أن ما ينطبق على
المعارضة السوريّة الآن، ينبغي أن ينطبق على «الكردستاني» أضعاف المرّات. وعليه،
الخطاب الإعلامي والسياسي لـ «التحاد الديموقراطي» فيه من الفجوات والتناقضات
والتضليل إلى درجة الاهتراء، ما لم يعد قابلاً للترقيع!.
السعوديّة لم تمارس أيّ
عداء للكرد وللقضيّة الكرديّة وحقوق الأكراد في هذه البلدان، كما يزعم «الاتحاد
الديموقراطي»، في حين أن إيران، التي يتحالف معها «الكردستاني» وفرعه السوري، تحتلّ
جزءاً من كردستان، وارتكبت المذابح بحق الكرد، قبل جمهوريّة مهاباد سنة 1946،
وأثناءها وبعدها، وصولاً الى ما بعد انقلاب الخميني على نظام الشاه، ولغاية هذا
اليوم. ولا يكاد يمضي شهر، ولا تعلّق فيه طهران نشطاء كرد، ومنهم موالون لـ
«الكردستاني»، على أعواد المشانق!.
كذلك المتابع للإعلام السعودي المرئي
والمقروء، يجد أنه أفرد مساحات لا بأس بها لعرض معاناة ومظالم الكرد في تركيا،
سورية، إيران، على رغم العلاقات التي كانت تربط الرياض مع أنقرة، ودمشق وطهران!.
وعليه، يدرك «الاتحاد الديموقراطي» أن الإعلام الإيراني لم يتعاطَ بإيجابيّة مع
الكرد وقضيّتهم، عُشر ما تعامل به الإعلام السعودي مع قضايا الكرد وحقوقهم في هذه
البلدان.
في الفترة الأخيرة، لاح في الأفق تقارب سعودي – تركي، وقام
«الكردستاني» وفرعه السوري بتفسيره على أنه استعداء للكرد في تركيا وسورية وحقوقهم
في هذين البلدين!. هذا التفسير فيه الكثير من الخطأ والغبن أيضاً، إذ إنه ليست
للرياض أيّة مشكلة مع الكرد، سواء أن انفصلوا عن تركيا أو بقوا ضمنها. وكذلك الأمر
في إيران وسورية والعراق. ولقد استقبلت السعوديّة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني
استقبال الملوك والرؤساء.
خلاصة القول: الخطاب الإعلامي والسياسي المناهض
للسعوديّة الذي يتبنّاه حزب «الاتحاد الديموقراطي»، لا يؤكّد ويوثّق تخندقه إلى
جانب «حزب الله» اللبناني والنظامين في طهران والقرداحة وحسب، بل يفتح أبواب
التهلكة على الكرد السوريين، ويعزز موقع أردوغان وسياساته ضد الكرد، في منطقة
الخليج.

جريدة الحياة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…