وقف إطلاق النار … خطوة هامة على طريق إيجاد حل سياسي سلمي

افتتاحية الوحـدة *
 
بلغت الأزمة السورية المركبة حداً خطيراً، ولم يعد الشعب السوري بكل مكوناته قادراً أو مستعداً لتقديم المزيد من التضحيات – إن صح التعبير – وتحت أية شعارات كانت، بل قرٍف من الأوهام والخطابات، إنه يريد السلم والأمان أولاً وتأمين لقمة العيش ثانياً ولملمة جراحه ثالثاً، أي أن الوضع الاقتصادي – الاجتماعي هو الهم الأكبر للإنسان السوري، وأي خطوة نحو الانفراج تثلج صدره وتنعش آماله.
بعد فشل جنيف3، أراد السيد استيفان دي مستورا تحقيق انجازات على الأرض، في ظل تفاهم وتوافق روسي – أمريكي، وقد زار دمشق وتبعه إدخال مساعدات إنسانية وإغاثية إلى عدة مناطق محاصرة عن طريق منسقية الأمم المتحدة، وانعقد يومي 11 – 12 شباط 2016 بمدينة ميونيخ الألمانية اجتماع لأعضاء «المجموعة الدولية لدعم سورية»، وصدر عنه بياناً نص على التزم أعضاء المجموعة بالإجماع بأن يعملوا على التسهيل الفوري للتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي تم إقراره أيضاً بالإجماع بتاريخ 18 كانون الأول 2015.

وأعادت المجموعة التأكيد على استعدادها لتنفيذ كل الالتزامات الواردة في القرار بما فيها: ضمان عملية انتقال سياسي بقيادة سورية ويملكها السوريون استناداً إلى بيان جنيف بكلّيته، والضغط باتجاه وضع حد لأي استخدام عشوائي للأسلحة، ودعم وتسريع الاتفاق وتطبيق وقف شامل لإطلاق النار، وتسهيل الدخول الفوري للمساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها، وإطلاق سراح الاشخاص المعتقلين اعتباطياً، ومكافحة الإرهاب. – كما جاء في البيان – .
أما بخصوص وقف الأعمال العدائية جاء في البيان:
(( اتفق أعضاء «المجموعة الدولية لدعم سورية» على وجوب تطبيق وقف شامل للأعمال العدائية على نحو عاجل، بما ينطبق على أي طرف ينخرط حالياً في أعمال عدائية عسكرية أو شبه عسكرية ضد أية أطراف أخرى، باستثناء «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما من المجموعات التي يصنفها مجلس الأمن الدولي كمنظمات إرهابية. ويلتزم أعضاء «المجموعة الدولية لدعم سورية» بممارسة نفوذهم بغية قيام انخفاض فوري وهام في مستوى العنف، باتجاه وقف شامل للأعمال العدائية.
قرر أعضاء «المجموعة الدولية لدعم سورية» اتخاذ خطوات فورية لضمان وجود الدعم الكامل من أطراف النزاع كلها لقيام وقف الأعمال العدائية، وأنشأوا بناءً عليه قوة مهام لوقف إطلاق النار تابعة للمجموعة تحت إشراف الأمم المتحدة، ويرأسها على نحو مشترك كل من روسيا والولايات المتحدة، وتضم مسؤولين سياسيين وعسكريين، وبمشاركة أعضاء المجموعة الذين يتمتعون بنفوذ لدى مجموعات المعارضة المسلحة أو القوات المقاتلة إلى جانب الحكومة السورية. وستؤدي الأمم المتحدة دور سكرتاريا قوة المهام المتعلقة بوقف إطلاق النار.))
وبناءً على قرار اجتماع ميونيخ، وفي يوم 22/ 2 / 2016 وضعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا عدداً من البنود الواجب التقيّد بها من قبل طرفي الصراع في سوريا ضمن خطة وقف العنف، والتي أعلنت عنها الدولتان ببيان مشترك. تتلخص في قبول جميع الأطراف التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254، ووقف الهجمات بأي نوع من الأسلحة، ووقف أي سيطرة أو محاولة السيطرة على مناطق أخرى، والسماح للمنظمات الإنسانية للقيام بعملها، وحددت الساعة 12 من يوم 26/ 2 / 2016 موعداً لإعلان جميع الأطراف موقفها ومدى استعدادها للمشاركة في هذه الخطة.
وبعد أن أعلنت معظم الأطراف السورية المتنازعة عن قبولها لتلك الخطة، عقد مجلس الأمن الدولي مساء يوم الجمعة 26 / 2 / 2016 اجتماعاً، ألقى في بدايته السيد دي مستورا كلمةً، أشار فيها إلى أهمية وقف إطلاق النار بالنسبة للشعب السوري، وأعرب عن أمله أن تفي جميع الأطراف السورية بالتزاماتها بهذا الخصوص، وعبر الدبلوماسي الدولي عن ثقته في أن يرسل قرار وقف إطلاق النار إشارات إيجابية إلى الشعب السوري وأنه سيساعد في إجراء المفاوضات السورية، وأن لابديل عن الحل السياسي للأزمة السورية، مذكراً أن الأمم المتحدة تمكنت في الفترة الوجيزة من تنفيذ برنامج إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا، مؤكدا استعداد المنظمة الدولية لعمل ما في وسعها لدعم الجهود المبذولة لضمان وقف القتال في البلاد.
وتبنى مجلس الأمن القرار 2268 ( 2016 ) بإجماع الأعضاء /15/، الذي نص على:
(( يؤيد بالكامل البيان المشترك المؤرخ 22 شباط/فبراير 2016 الصادر عن الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، بوصفهما رئيسي الفريق الدولي لدعم سورية، بشأن وقف أعمال القتال في سورية… ويطالب بأن يبدأ سريان وقف أعمال القتال يوم 27 شباط/فبراير 2016 اعتباراً من الساعة 00:00 بتوقيت دمشق.
يطالب بالتنفيذ الكامل والفوري للقرار 2254(2015) من أجل تيسير جريان الانتقال السياسي بقيادة سورية في ظل عملية يمتلك السوريون زمامها)) … إلى ما هنالك من بنودٍ أخرى هامة.
يذكر أن القرار الدولي بوقف إطلاق النار في سوريا لم يشمل داعش والنصرة وهما التنظيمان اللذان لايقبلان أي نوع من الحل السياسي أو وقف ما يسمى بـ (قتال الجهاد).
هذا وقد أثلج هذا القرار صدور السوريين الغيورين على بلدهم والتواقين إلى وقف نزيف الدم والدمار، كما باركـته منظمات إنسانية وحقوقية وأحزاب وكتل برلمانية ومؤسسات مدنية وأهلية في أرجاء المعمورة، سوى أولئك المشككين ومن لهم مصلحة في استمرار الحرب في سوريا، وقد ثبت وقف إطلاق النار في الأيام الثلاثة الأولى بشكل كبير فاق توقعات الكثيرين وتم تسجيل اختراقات قليلة هنا وهناك لم تتجاوز نسبة 8% حسب دي مستورا، حيث هناك تعاون وتنسيق مباشر بين مركزي (المصالحة بين أطراف النزاع في سوريا) الروسي في قاعدة حميميم السوري والأمريكي في عمان – الأردن، حول مراقبة وقف إطلاق النار.
إن تحسين الأوضاع الانسانية في العديد من المناطق المحاصرة وفتح الطرق والممرات وثبات وقف إطلاق النار لمدد أطول سيخلق أجواء إيجابية لنجاح تسوية سياسية، وقد أعلن المبعوث الدولي عن الموعد القادم لاستئناف المباحاثات في أواسط آذار المقبل.
* جريدة الوحـدة – العدد / 271 / – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…