انقسام الكورد

المحامي حسن نزير
اغا الاومري      

من العلل الهالكة التي أدت وتؤدي إلى الانتكاسات,
والانكسارات في الثورات والحركات الكردية هي علة الانقسام, هذا الفيروس المميت
القاتل, والذي حذر منه كل الشرفاء الملتزمين بالقضية القومية الكردية من شعراء,
وأدباء, ومثقفين , ومناضلين وطنيين, ومنهم جكر خوين عندما قال (ku em nebin yek eme
herin yek bi yek ) )), وأصبحت مقولة على كل
لسان, تردد في كل مجلس وندوة واجتماع , وتنسى في حينها, ولا يلتزم بها , هذه
العلة التي هي بمثابة سلاح سرطاني قاتل, ومدمر يراهن عليه أعدائنا, ويحاربنا به,
ويقويه وينميه فينا, حتى أصبح ممزوجا بأمصالنا, نتوارثه جيل عن جيل, إلى إن وصل
بنا التغني والتباهي به, والتصفيق له, انه آفة الآفات, واكبر المصائب , لم يجلب
لنا سوى الذل و العار, وانتهاك الإعراض على أيدي الغاصبين, 
ومع ذلك لا نتنازل
عنه (الانقسام ), ونصر عليه ليفتك بجسمنا, ونتمسك به ليفرقنا, ويفتتنا, ويغرز
فينا حقدا سوداويا بغيضا ومقيتا, ويجعلنا جسم هلامي واهن معلول مشلول, ونحييه عن
معرفة أو عن جهل عن عمد أو دون عمد, أمام ما يواجهنا من تحديات غاية في الخطورة,
أمام قوة واتحاد الغاصب, و اختراقه لنا ,والذي لا يميز بيننا البت , حتى وان كنا
 بيض أو سود, أكنا من جنوب كردستان أو شمالها من شرقها أو غربها , نحمل
فلسفات وإيديولوجيات وأفكار ونظريات الشرق أو الغرب, وان كنا من اليمين أو اليسار,
من,  كومونيست أو برجوازيين, من ديمقراطيين أو استبداديين , ينظروا إلى
الكورد بعين واحدة ,عين الكراهية والحقد الدفين , وبهدف واحد وهو القضاء على
الكورد, بأي وسيلة كانت ,ونحن بدورنا مستعدين أن نحاور كل شعوب وطوائف ومذاهب
وقبائل الأرض , لا بل حتى  الشيطان الأخرس, ولا نحاور بني جلدتنا , لا بل
نخونه لأنه لا يأخذ بفكرنا, ولا يصفق لشعارنا ,ولا يسير على صراطنا ,ويختلف معنا, وكأننا
لا نميز بين الخلاف والاختلاف .ونعتبر الاختلاف والتباين نقمة وجريمة, بينما
هي لدى الشعوب المتقدمة نعمة , ورحمة, بها تقدمت وبها قويت شوكتهم وتطورت ,هذه هي
حالنا, منذ مئات الأعوام .ويصيدنا الغاصبين واحدا يلو الأخر, وأصبحنا فرائس سهلة
الإيقاع بها, وأصبنا بعمى الألوان, لا نميز حتى الأبيض من الأسود, ثم ماذا
يفيدنا إن كنا نتسلح بفلسفات العالم جميعها , قديمها وحديثها , من كونفيشيوس في
الصين الى سقراط وأفلاطون وأرسطو في الغرب, لا بل إن كنا كلنا فلاسفة ومؤسسيها,
إذا لم نكن قادرين على بتر واستئصال هذه العلة الكانسرية, ونتسلح بترياق الوحدة
والاتحاد, بجامعة ومظلة تجمعنا ولا تفرقنا , تقينا وتحمينا منها, وتشفي الشعب من
انتشاره وغزوه بيننا, ونمنع الغاصبين من تفريقنا وتشتيتنا , ليتفرد فينا وينهمن
فردا فردا, هؤلاء الغاصبين الذين لا دين ,ولا مذهب, ولا أخلاق لهم, لا رابط يوحدهم
سوى رابط الاحتلال, ولا هدف يجمعهم سوى هدف  القضاء على الكورد, يتحدون
ويتعاونون ويخططون ويستخدمون كل الوسائل لضربنا , وفي مقدمتها هذه العلة ,
(الانقسام), ويصرحون علنا بأنهم يستخدمونها, فجاء على لسان احد الساسة العرب
العراقيين , في تقرير مجموعة الأزمات الدولية , إن حكام العراق  لا يعيروا أي
اهتمام لطروحات  الزعماء الكورد ما دام الشارع الكردي مقسم على نفسه , مما
يسهل عليهم فرض حل لغير صالح الكورد في المناطق المتنازع عليها .
لا بد من حوار مسؤول واخوي (كردايتي ) بين جميع المختلفين, (ولا غنى عنه إطلاقا), للذين
يؤمنون بالحقوق القومية للشعب  الكردي, وناضلوا ويناضلون من اجل تحقيقه, لوضع
ميثاق وعقد يكون قانونا مقدسا يتفق عليه الجميع, وتكون مصلحة الشعب الكردي القومية
وأمنها خط احمر, كما هي لدى جميع شعوب الأرض, وفوق أي اعتبارات أخرى ذاتية أو
حزبية, فكرية  أو إيديولوجية وان يتعهد الجميع الالتزام بهذا القانون . احتراما
لدماء مئات الألوف من الشهداء الذين ضحوا من اجل دولة كردية , ويكون عصيا على أي
حزب أو حركة شعارها تحقيق الحقوق القومية للشعب الكردي أن يتجاوزها ويخالفها.
قامشلو 4/3/2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين موضوعنا الرئيسي في هذه العجالة يتعلق بالتجربة الخاصة بالحركة السياسية الكردية السورية المتعلقة بمسائل الوحدة ، والاتحاد ، والاتفاق ، والانقسام ، والتحالفات ، وإعادة البناء ، كما يعبر عنه المشهد الراهن ، وباستحضار دروس تجارب الأحزاب السياسية القومية المعاصرة في بعض أجزاء كردستان بالمجالات ذاتها ، وذلك على ضوء الحقائق الثلاثة التالية اللتي لايمكن القفز فوقها…

ريزان شيخموس في الثامن من ديسمبر، سقط النظام الأسدي بعد عقود من القمع والاستبداد، وساد الفرح أرجاء سوريا من أقصاها إلى أقصاها. خرج الناس إلى الشوارع يهتفون للحرية، يلوّحون بأعلام الثورة، وتغمرهم مشاعر النصر والكرامة. لقد ظنّ السوريون أنهم طووا صفحة قاتمة من تاريخهم، وأن الطريق بات سالكاً نحو دولة مدنية ديمقراطية تحتضن كل أبنائها دون إقصاء أو تهميش….

د. محمود عباس   عزيزي إبراهيم محمود، قرأت كلمتك التي جاءت إضاءةً على مقالتي، فلم تكن مجرد “ردّ”، بل كانت استئنافًا لحوارٍ أعمق، طالما تهرّبت منه الساحة الثقافية الكوردية، أو تم اختزاله في شعارات مستهلكة، لم أتفاجأ بجرأتك في تسمية الأشياء، ولا بذلك الشجن الفكري الذي يسكن سطورك، فأنت كتبت كمن يعرف أن لا أحد سينقذ هذا الجسد الكوردي من…

بوتان زيباري   في مسرح الشرق الأوسط، حيث تتبارى الإمبراطوريات القديمة والحديثة في نسج خيوط مصائر الشعوب، تبرز سوريا كقماشةٍ ملوّنة بدماء التاريخ وأحلام الثوار، تُحاك عليها سرديات القوة ببراعة الفيلسوف ودهاء المحارب. ها هي أنقرة، وريثة العثمانيين، تُعيد تمثيل مسرحية “الفوضى الخلّاقة” بأدواتٍ أكثر تعقيدًا، حيث تتحول الجغرافيا إلى رقعة شطرنجٍ وجودية، والسياسة إلى فنٍّ مركبٍ لإدارة الأزمات عبر…