أقلّ الوفاء يا أبا علاء

توفيق عبد المجيد

وتعود بنا الذاكرة
مرة أخرى إلى ذلك الحدث الجلل ، إلى ذلك اليوم الذي كان وقع الخبر علينا صاعقاً ،
هز الكيان والوجدان ، وأفقد البعض التوازن والتماسك لنصحو جميعاً أمام هول الفجيعة
وهي تصرخ فينا ” إن النضال الحق قد يصرعه الباطل وهو ماض في طريقه ” تعود بنا
الذاكرة المثقلة بالهموم إلى الثاني عشر من شباط عام اثني عشر وألفين ، عندما تعرض
الشجاع الشهم إلى وابل من رصاصات الغدر ، لتنتقم من رجل كان واضحاً وضوح الحق
الناصع ، يظهره ، يجاهر به ، يدافع عنه بالفؤاد والفم ، وإذا استدعى الموقف ودعت
الضرورة فلم ولن يتقاعس يوماً بالدفاع عنه بكلتا اليدين.
لكن !! وا أسفاه ، لقد أصابه الغدر في مقتل ، أسلم الروح وهو يصارع إرادة الجبناء
لأن القدر كان أقوى ، ليكون الثاني والعشرون من شباط ذكرى مؤلمة لدى الأهل
والأصدقاء والرفاق ، رحل أبو علاء ولما ينجلي غبار الحاقدين بعد عن فضاءاتنا ،
غادرنا ذاك الشجاع ، مستشهداً لأجل شعب آمن بحقه ونال ثقته ، نعم رحل أبو علاء ولما
يزل في بداية الطريق ليتابعه الآخرون ، لكن تشعبت الطرقات وطال غمام السماء وغيوم
الحاقدين لتتوارى خلفها الحقيقة التي لابد أن ينبلج فجرها وينزاح أمام خيوط ضوئها
ذاك الظلام يوما .   
أكررها مرات ومرات :
كنت شهماً يا أبا علاء ، وعشت
واستشهدت مناضلاً صلباً ، ترجلت عن صهوة جوادك في وقت كنا بأمس الحاجة إليك ، لكن
المكان لم يطل شغوره لأن فرسانك وأصدقاءك ورفاقك تابعوا ومازالوا طريق النضال
والتضحية  
أما نحن فما زلنا ننتظر الشهادة إلى أن نزف لك البشرى ، لكن الجناة
لازالوا مستمرين في مخططهم بعد أن نجحوا في إزاحة الصخرة ، لك المجد ولهم الخزي
والعار  
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس أنقذوا سوريا قبل أن تُطْبِقَ عليها الظُلمات، قبل أن تتحول إلى كيانٍ معلقٍ في الفراغ، تتقاذفه الرياح العقائدية والتجاذبات الإقليمية والصراعات العالمية. كيف لبلدٍ يمتلك إرثًا حضاريًا ضاربًا في جذور التاريخ أن ينحني أمام هذا الطوفان المريع من الابتذال الفكري والانحطاط الثقافي؟ كيف لشعبٍ كان يومًا مركزًا للحضارة والتنوير أن يُختَزل إلى مجرد متلقٍّ لفكرٍ…

درويش محما ظهور حزب العمال الكردستاني في اواخر السبعينات من القرن الماضي، هو أسوء ما حصل للكرد في تاريخهم المعاصر، وأفضل ما قد يحصل لهم في المستقبل القريب هو اختفاء هذا الحزب بكل فروعه ومشتقاته؛ وكلما سألني احدهم عن كيفية التخلص من هذه العاهة المستديمة التي اصابت الكرد في مقتل، كنت اقول: بقاء هذا الحزب من عدمه بيد انقرة….

كنت خلال يوم الجمعة 13/3/2004م مصاباً بكريبٍ شديدٍ، حين اتصل بي محافظ إدلب السيد حسين الهدّار رحمه الله، إذْ علم بأنّني مريضٌ، وأعلمني أنّه سيزورني في منزلي.. هيّأتُ نفسي كي أدعوه لتناول طعام العشاء في مطعم الشلال في حلب، وبينما نحن في طريقنا باتجاه المطعم، وردني اتصالٌ هاتفيٌّ من السيد سليم كبول محافظ الحسكة، رددتُ عليه، وراح يسألني الدكتور سليم:…

إبراهيم اليوسف عندما اغتصب الدكتاتور حافظ الأسد (1930- 2000) كرسي الحكم عبر انقلابه المشؤوم في 16 نوفمبر 1970، فإن موجة من الغضب هيمنت على سواد السوريين، ومن بينهم البعثيون الذين صعد إلى سدة السلطة عبر سلمهم، قبل أن يكسره لئلا يرتقي ويلحق به أحد. إلا أنه سرعان ما أعلن تغيير طائفته- على ما أذكر – لإرضاء السنة، وقد…