الحزبية في الواقع السياسي الكوردي!

دهام حسن

 عادة ما يعرّف الحزب بأنه
تنظيم سياسي، يجمع في إطاره عدد من الأعضاء، فيهم طليعة كفاحية يرمز لواحدهم بالعضو
القيادي، يعبّر الحزب عادة عن أهداف مرحلية وأخرى استراتيجية، يهتدون بوثيقتين
إلزاميتين هما النظام الداخلي وبرناج الحزب.. يهتدون أو بالأحرى يلتزمون بمضمونهما
وموادهما، بينهم من يمارسون نشاطات فكرية، ويخضعون بالتالي لمبدأ تنظيمي صارم، هو
المركزية الديمقراطية، الذي يغُلّ نشاط الفرد، والذي يفقده الكثير من الحيوية
والاجتهاد، واليوم كما يرى الكثيرون لم يعد يتماشى مع شكل التنظيم اليوم وسياسة
العصر.. إن الحركة السياسية الكردية ينبغي ألا تنسى في نضالها القومي البعد
الاجتماعي، وأن تستأنس بشعار الثورة الفرنسية (حرية، إخاء، مساواة) هذا المبدأ يحمل
في تضاعيفه فضلا عن البعد السياسي، أيضا، البعد الاجتماعي، 
على أيّ حزب قومي كوردي أن يعي ما يطرحه من أشكال نضالية، فالأفكار المطروحة ينبغي
أن تكون بنت ظروفها، ولا يكون هناك انفصال بين الفكر والممارسة، وألا يطرح واحدهم
مشاكل لا تتوفر حلول ناجعة لها، لهذا ينبغي أن يكون التحليل الملموس للواقع الملموس
بتعبير لينين.. على الحركة السياسية الكوردية أن يميّز بين الأهداف البعيدة
والمباشرة رغم أن من حق الكورد تقرير مصيرهم بما فيه حقهم من بناء كردستان واحدة
موحدة، لكن لا بد من حُكم العقل في أية خطوة تخطوها الحركة القومية، فلا تتحكم فينا
العواطف وتقودنا بالتالي إلى المهالك.. واستيفاء لموضوع المقال كما جاء في
الاستهلال، علينا أن نقف عند سمات الكادر الحزبي، والقيادة الحزبية، فلا بد للكادر
أن يتحلى بمزايا تؤهله لهذا الموقع، في مقدمتها الإخلاص والوفاء للمبدأ والقضية
القومية التي نذر نفسه من أجلها، أن يكون جمّ الخلق متواضعا، فلا يغرّه الموقع
القيادي، قبل أيام وفي أحد المكاتب الحزبية راح يقول أحدهم:العضو القيادي لابد أن
تكون لديه سيارة، أعلم أن السيارة غدت حاجة ضرورية لكلّ بيت، لكن حصرها في القيادة
هذا ينمّ عن نفسية مريضة ومتعالية، وينسى أن النضال المديد في جزيرتنا المترامية من
قبل الشيوعيين والتيار اليساري الكوردي كانت تتم بواسطة الدراجات العادية، ترى من
أين جاءه هذا الاستعلاء.؟ ترى أمن حدب وتصدّق الآخرين عليه.؟ أم من الرشوة لما كان
موظفا في سلك ما.. على الكادر الحزبي أن يلمّ بقدر من الفكر، إلى جانب التاريخ، أن
يكون بعيدا عن حالات الخوف والجبن، وأيضا بعيدا في حديثه عن الخلط والتضليل فمنهم
من اعتاد الإدلاء بحديث كله إيهام (وفذلكة) بحيث لا تأخذ منه (لاحق ولا باطل) على
الحزب السياسي أيّ حزب كان ألا يقبل في صفوفه من (هبّ ودب) لأن الانتهازي يغير
موقفه بثمن بخس فلا مبدأ له، فهو اليوم معك وغدا ضدّك، وكثيرا ما تراه يتلكأ في
التعبير عن سياسته، بل سياسة حزبه الذي لا يتعدى عدد أعضائه عدد ركاب سيارة (فوكس)
كما ترى بعضهم كثير الثرثرة في الظروف المريحة، فتراهم صامتين ساكتين في الظروف
الحرجة دون مبدأ خوفا من عين الرقيب.. على الكادر الحزبي أن يكون استراتيجيا في
رؤيته ومواقفه النضالية، يقيّم الظرف بموضوعية فلا ينساق وراء عاطفته، لا يطرح
مشاريع ويخطط لمواقف هو ليس بتلك القدرة، وبمستوى النضال في سبيلها، وهو بالتالي
بعيد عن القدرة لتحمل النتائج والتبرير لها، على القائد الحزبي أن يسعى لجذب
العناصر لاسيما العربية إلى جانب حق شعبه والتعاطف مع الحق لقومي لشعبنا الكوردي
كمؤيد ومؤازر، فالعزلة القومية الكوردية مضرة بقضايانا المحقة العادلة، على
القيادات الحزبية أن تتواصل مع المثقفين، وتستأنس برؤيتهم، وتحسن التعاطي معهم دون
تعالٍ، أحد قادة الأحزاب (القزمة) أقولها متأسفا، جاورني في إحدى الندوات فاندار
إليّ وقال: نحن مقصرون تجاه المثقفين، وهو نفسه عند تكريمه لكاتب معروف يكتب
بالكردية، قيل له أرفق له مع التكريم مكافآة مادية فقال لا أفتح عليّ هذا الباب
فتخيل يا رعاك الله.. وقد سبق لي أن قلت في نص شعريّ سابق في هكذا قيادة أدرجها هنا
في نهاية المقال.. هؤلاء هم سادة قومي يا سيدتي فأعينيني وابكي معي وعليّ وتخيلي
كيف تدار شؤوني..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…