جان كورد
30.04.2007
30.04.2007
بعد نكسة عام 1975 التي أصيبت بها ثورة أيلول الكبرى وانتقال قيادة الثورة إلى شرق كوردستان، كان لايزال وفد من قيادة البارتي الديموقراطي الكوردي في سوريا موجودا هناك، وطبعا ليس للقتال في صفوف الثورة ، وانما لعرض مشاكل النزاعات الداخلية في الحزب على الرئيس الخالد مصطفى البارزاني باعتباره كان ولايزال نهجه بمثابة “المرجعية الحقيقية الوحيدة” للبارتي في غرب كوردستان.
في تلك الظروف العصيبة حمل أحدهم قصاصة ورق كان قد كتب عليها الشهيد الكبير، ورفيق درب البارزاني الخالد الأستاذ سامي عبد الرحمن، العضو القيادي البارز في الحزب الديموقراطي الكوردستاني رسالة موجزة إلى قيادة البارتي السوري، جاء فيها أن الظروف العصيبة التي تمر فيها الحركة التحررية الكوردية تحتم على الجميع الالتزام بالوحدة التنظيمية إلى أن تحين الفرصة الملائمة لمناقشة الأمور موضوع الخلاف بشكل أفضل.
واعتبر بعضهم ذلك تأييداً مطلقاً لهم شخصياً، حيث جاءت الرسالة عن طريق “رفيقهم!” في الحزب، وتم عرض تلك القصاصة على القواعد، وقرأناها بشغف في مدينة حلب آنذاك، وشخصياً لا أزال متأكداً حتى الآن من أن قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني لم تقصد برسالتها المقتضبة تلك تأييد طرف ضد آخر أو دعم هذا ضد ذاك… ومع ذلك انشطر البارتي – مع الأسف- بدل أخذ النصيحة محمل الجد… وأتذكر أنه في تلك الأيام حضرت اجتماعاً بصفة مسؤول حزبي في حلب في دار أحد المحامين المنتسبين حديثاً إلى البارتي، وبعض المرشحين الآخرين الذين كانت لهم مراكز اجتماعية ووظيفية هامة آنذاك، كما كان هناك الرفيق الراحل حسن ميداني، الشخصية الوطنية الكورداغية المعروفة، والذي كان – في الحقيقة بارزانياً حتى العظم… وحمل معه لنا بياناً فهمنا منه بأن الحزب قد انشق بسبب عقد “كونفرانس استثنائي” في دمشق آنذاك، ولكن ما أحزنني كانت عبارة في نهاية البيان تحيي “سيادة القائد الرئيس حافظ الأسد!” الذي تم تنفيذ العديد من نقاط السياسة العنصرية حيال شعبنا في ظل عرشه… وهذا ما دفعني – اضافة إلى ما اعتبرته انشقاقاً تنظيمياً- إلى الغاء الاجتماع ومن ثم دعوة المرشحين الجدد إلى اجتماع آخر دون الرفيق حسن ميداني وعضو آخر … طبعاً لا أدري حتى الآن من كان السبب الحقيقي وراء ذلك الانشقاق وأي طرف كان على حق آنذاك، ولكن الانشقاق أضاف إلى آلامنا بسبب نكسة الثورة الكوردية آلاماً أخرى، كنا في غنى عنها… ومع الأيام انقطعت صلتي – بعد مكوثي سنة في السجن – بالبارتي بشقيه…
ومع الأسف تكرر انشقاق البارتي فيما بعد مرة أخرى، بذريعة رسالة أخرى، جاءت إلى مؤتمر البارتي هذه المرة من الرئيس المناضل مسعود بارزاني، أسيء فهمها أو تأويلها، بحيث ظهر وضع يمكن وصفه بأنه أسوأ مما كان عليه بعد الانشقاق الذي ذكرته آنفاً…
مرّ على الانشقاق الأول في البارتي بعد قيام “القيادة المرحلية” أكثر من 30 عاما، وهاهم الرفاق يتعانقون من جديد و”عفا الله عما سلف!”… على عادة الشرقيين الذين يتعانقون في كل مناسبة، ويسامحون بعضهم بعضاً، حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب…وحقيقة فإن وحدة جناحين من البارتي في هذا الوقت بالذات قد جاءت في اللحظة التاريخية المناسبة، كجواب على دعوة الرئيس البارزاني الأخيرة، وهذا ما يجعل نسائم الأمل تهب في القلوب التي انتظرت هذه الخطوة المباركة طويلا، وبعض الإخوة في “البارتي” من الذين يعيشون خارج البلاد يدرون بأنني وجهت نداء (غير منشور) لرفاقي في قيادة بارتي ديموقراطي كوردستاني – سوريا منذ أسبوعين حول ضرورة اجابة الرئيس المناضل والجريء مسعود البارزاني بما ويتلاءم مع الظرف الدولي الراهن ويقوي من الجبهة الداخلية الكوردستانية ويعزز وحدة فصائل البارتي وكل الحركة على أسس ونهج البارزاني الخالد، وبما يأخذ بعين الاعتبار التحولات العظيمة في العالم وعصر العولمة والظروف الذاتية والموضوعية للحركة السياسية الكوردية، لتنتقل إلى مرحلة أعلى وأشد فعالية على طريق تطورها العام…
ولكن لابد أن يسأل المواطن الكوردي نفسه: “من يتحمل مسؤولية الانشقاق الطويل الأمد هذا؟” و “من عليه أن يدفع الثمن؟” لا أحد؟ أليس هذا غريباً؟ أن يكافأ بعضهم بسبب مساهمته القوية في توحيد تنظيم عريق ولايحاسب أحد على الانشقاق؟ لابد لنا من أن نكون جديين في موضوع كهذا يمس مصلحة كل الأمة الكوردية، وطالما ليست هناك محاسبة، فإن البارتي قد يتعرض ثانية وثالثة ورابعة إلى الانشقاق، إذا أن مجرد اتخاذ مبدأ “عدم المحاسبة” يشجع على الوقوع في جريمة الانشقاق باستمرار.
ربما لايستطيع بعضهم فهم هذه المعادلة التي أخذ بها الغرب المتقدم حضاريا علينا، ويقول: يا أخي دعنا من هذا الكلام، فالبارتي قد توحد وانتهى الانشقاق! إلا أنني أجيب هؤلاء بأن الوحدة قد تمت بين جناحين في الحركة ولم تنته الانشقاقات بعد، وهل تمر فترة الانشقاق الطويلة هذه دون مراجعة نقدية ذاتية قاسية، يتعلم منها الجيل التالي؟ فهل كان “نهج البارزاني” يخلو من المراجعات الذاتية الشاملة؟ أم كان يرفض التجديد والتطوير؟
الموضوع الآخر الهام في هذه الوحدة التنظيمية ، وأؤكد على أن الوحدة مطلب كوردي قديم منذ دعوة الشاعر الكبير أحمدى خاني إليها، مرورا ب “روجتة الكورد” للشيخ الجليل سعيد النورسي الكوردي التي قال فيها بأن بقاء الأمة الكوردية مرهون باتحادها، وإلى الرئيس مسعود بارزاني – بارك الله فيه وفي كل من يسانده في خطه الجريء هذا -: على ماذا تمت الوحدة التي كان من الصعب تحقيقها خلال ثلاثين سنة من الزمن أو أكثر؟ وما هي أسس هذه الوحدة ؟ الكلام المعسول عن “نهج البارزاني الخالد” وحده لايكفي لتبرير كل سنوات الانشقاق تلك، وأي طرف من البارتي لم يعلن ولاءه التام لنهج البارزاني الخالد حتى نعتبر ذلك أساساً للوحدة ؟
لابد أن تكون هناك ورقة اتفاق “غير معلنة” تتعلق بالمراكز والمناصب التي سيعاد خلط أوراقها، وهي ذات المراكز والمناصب والشخصيات المسؤولة عن “عدم تحقيق الوحدة” حتى الآن… ويقفز السؤال الأساس نفسه مجدداً: هل تم اقصاء أحد باعتباره “مسؤولاً” عن رفض دعوات الوحدة المستمرة من قبل الشعب والقواعد والقيادات الكوردستاني وأصدقاء الشعب الكوردي؟ فلنكن صريحين مع شعبنا وأصدقائنا وقيادتنا الكوردستانية ونعترف بأن “الاتفاق على النهج البارزاني” كان موجوداً منذ لحظة الانشقاق التاريخية، وأن هناك الكثير ما لم يسمعه الشعب مما دار خلف الكواليس لترتيب هذه الوحدة التنظيمية وتوزيع المراكز ، هذه الوحدة التي لابد وأن تحسب لبعضهم كانجاز تاريخي عظيم، في حين أننا لا نجد “مسؤولا تاريخيا” عن الانشقاقات المتكررة في صفوف البارتي.
أم أن بعضنا سيستمر في خداع القيادة الكوردستانية بعبارات حول البارزانية ونهج البارزاني الخالد؟… ثم عندما يفشل بعضنا في الحصول على “حصة” معينة من المراكز نعود لشق “حزب البارزاني” من جديد رغم كل دعوات القيادة البارزانية للوحدة وتجاوز صغائر الأمور؟ فهل هناك ضمان لعدم شق صف هذا الحزب مستقبلا، وما صمام الأمان لذلك؟
ما الذي تغير في منهج الجناحين المتصارعين المنشقين، وماذا جرى من تعديل في النظام الداخلي أو في مشروعهما السياسي؟ ما الطفرة الموضوعية التي حدثت؟ ما رأي المتوحدين في تبديل تسمية الحزب من “كوردي” إلى “كوردستاني“، ما رأيهم في الحكم الذاتي كحد أدنى في مطلب الشعب الكوردي في غرب كوردستان؟ والفيدرالية؟ كيف يرونها؟ ما رأيهم في اقامة علاقات متينة مع العالم الحر الديموقراطي، وما رأيهم الصريح في نظام الحكم البعثي الدكتاتوري القائم في سوريا؟ هل تخلوا عن فكرة الاستمرار في الحوار معه وبخاصة بعد الانتخابات التشريعية “المهزلة” الأخيرة في 22 نيسان 2007؟ أم أنهم يطالبون بتسفير حزب البعث وازالة نظامه؟
لست من الذين يرون في “نهج البارزاني” سياسة راكدة لاتقبل التطور والتجديد والانتقال إلى مستويات أعلى وأشد فعالية، فتاريخ المطالبات الكوردية في ظل قيادة البارزاني الرائعة كان مرتبطا بالتحولات الدولية والاقليمية والتغييرات الحادثة في المنطقة، ولم تكن سياسة راكدة ومتخلفة عن ركب التغييرات المؤثرة في مجمل شؤون المنطقة، فما الجديد الذي أتت به هذه الوحدة التنظيمية، أهو تجديد كيفي أم مجرّد تجميع كمي؟ أم توافقات قيادية وقتية على مراكز وألقاب مدهونة بعطر البارزانية؟
الشعب الكوردي لايقبل بأن يرى وحدة تأـي بعد ثلاثة عقود دون أن ترافقها محاسبة نقدية ذاتية عميقة وعلمية، حتى ولو أدّى ذلك إلى تصفية شاملة وجذرية لقيادات وقياديين بالكامل، لعبوا دوراً كبيراً في الابقاء على حالة التشرذم والانشقاق و”عدم الوحدة” وادعىّ كل منهم بأن المخلص الأكبر للبارزانية…أم أن الشعب الكوردي سيتحمّل عنهم مسؤولية عدم تحقيق هذه الوحدة الضرورية مثلما تحمّل متاعبها ومشاكلها على الدوام.
بل يمكن توجيه السؤال بشكل أوضح على الشكل التالي:
من المسؤول حقاً هنا: القيادة الكوردستانية؟ الشعب الكوردي في غرب كوردستان؟ النظام السوري الحاكم؟ قواعد الأحزاب المنشقة عن بعضها وكوادرها؟ أم القيادات التي تعطّرت بالبارزانية على طول الخط دون التزام حقيقي بما تتطلّبه البارزانية من سلوك حزبي وبخاصة في مجال المراجعة النقدية الذاتية؟ أم أن كل ما على السبورة سيخفى وإلى الأبد تحت عباءة “عفا الله عما سلف!”…
واعتبر بعضهم ذلك تأييداً مطلقاً لهم شخصياً، حيث جاءت الرسالة عن طريق “رفيقهم!” في الحزب، وتم عرض تلك القصاصة على القواعد، وقرأناها بشغف في مدينة حلب آنذاك، وشخصياً لا أزال متأكداً حتى الآن من أن قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني لم تقصد برسالتها المقتضبة تلك تأييد طرف ضد آخر أو دعم هذا ضد ذاك… ومع ذلك انشطر البارتي – مع الأسف- بدل أخذ النصيحة محمل الجد… وأتذكر أنه في تلك الأيام حضرت اجتماعاً بصفة مسؤول حزبي في حلب في دار أحد المحامين المنتسبين حديثاً إلى البارتي، وبعض المرشحين الآخرين الذين كانت لهم مراكز اجتماعية ووظيفية هامة آنذاك، كما كان هناك الرفيق الراحل حسن ميداني، الشخصية الوطنية الكورداغية المعروفة، والذي كان – في الحقيقة بارزانياً حتى العظم… وحمل معه لنا بياناً فهمنا منه بأن الحزب قد انشق بسبب عقد “كونفرانس استثنائي” في دمشق آنذاك، ولكن ما أحزنني كانت عبارة في نهاية البيان تحيي “سيادة القائد الرئيس حافظ الأسد!” الذي تم تنفيذ العديد من نقاط السياسة العنصرية حيال شعبنا في ظل عرشه… وهذا ما دفعني – اضافة إلى ما اعتبرته انشقاقاً تنظيمياً- إلى الغاء الاجتماع ومن ثم دعوة المرشحين الجدد إلى اجتماع آخر دون الرفيق حسن ميداني وعضو آخر … طبعاً لا أدري حتى الآن من كان السبب الحقيقي وراء ذلك الانشقاق وأي طرف كان على حق آنذاك، ولكن الانشقاق أضاف إلى آلامنا بسبب نكسة الثورة الكوردية آلاماً أخرى، كنا في غنى عنها… ومع الأيام انقطعت صلتي – بعد مكوثي سنة في السجن – بالبارتي بشقيه…
ومع الأسف تكرر انشقاق البارتي فيما بعد مرة أخرى، بذريعة رسالة أخرى، جاءت إلى مؤتمر البارتي هذه المرة من الرئيس المناضل مسعود بارزاني، أسيء فهمها أو تأويلها، بحيث ظهر وضع يمكن وصفه بأنه أسوأ مما كان عليه بعد الانشقاق الذي ذكرته آنفاً…
مرّ على الانشقاق الأول في البارتي بعد قيام “القيادة المرحلية” أكثر من 30 عاما، وهاهم الرفاق يتعانقون من جديد و”عفا الله عما سلف!”… على عادة الشرقيين الذين يتعانقون في كل مناسبة، ويسامحون بعضهم بعضاً، حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب…وحقيقة فإن وحدة جناحين من البارتي في هذا الوقت بالذات قد جاءت في اللحظة التاريخية المناسبة، كجواب على دعوة الرئيس البارزاني الأخيرة، وهذا ما يجعل نسائم الأمل تهب في القلوب التي انتظرت هذه الخطوة المباركة طويلا، وبعض الإخوة في “البارتي” من الذين يعيشون خارج البلاد يدرون بأنني وجهت نداء (غير منشور) لرفاقي في قيادة بارتي ديموقراطي كوردستاني – سوريا منذ أسبوعين حول ضرورة اجابة الرئيس المناضل والجريء مسعود البارزاني بما ويتلاءم مع الظرف الدولي الراهن ويقوي من الجبهة الداخلية الكوردستانية ويعزز وحدة فصائل البارتي وكل الحركة على أسس ونهج البارزاني الخالد، وبما يأخذ بعين الاعتبار التحولات العظيمة في العالم وعصر العولمة والظروف الذاتية والموضوعية للحركة السياسية الكوردية، لتنتقل إلى مرحلة أعلى وأشد فعالية على طريق تطورها العام…
ولكن لابد أن يسأل المواطن الكوردي نفسه: “من يتحمل مسؤولية الانشقاق الطويل الأمد هذا؟” و “من عليه أن يدفع الثمن؟” لا أحد؟ أليس هذا غريباً؟ أن يكافأ بعضهم بسبب مساهمته القوية في توحيد تنظيم عريق ولايحاسب أحد على الانشقاق؟ لابد لنا من أن نكون جديين في موضوع كهذا يمس مصلحة كل الأمة الكوردية، وطالما ليست هناك محاسبة، فإن البارتي قد يتعرض ثانية وثالثة ورابعة إلى الانشقاق، إذا أن مجرد اتخاذ مبدأ “عدم المحاسبة” يشجع على الوقوع في جريمة الانشقاق باستمرار.
ربما لايستطيع بعضهم فهم هذه المعادلة التي أخذ بها الغرب المتقدم حضاريا علينا، ويقول: يا أخي دعنا من هذا الكلام، فالبارتي قد توحد وانتهى الانشقاق! إلا أنني أجيب هؤلاء بأن الوحدة قد تمت بين جناحين في الحركة ولم تنته الانشقاقات بعد، وهل تمر فترة الانشقاق الطويلة هذه دون مراجعة نقدية ذاتية قاسية، يتعلم منها الجيل التالي؟ فهل كان “نهج البارزاني” يخلو من المراجعات الذاتية الشاملة؟ أم كان يرفض التجديد والتطوير؟
الموضوع الآخر الهام في هذه الوحدة التنظيمية ، وأؤكد على أن الوحدة مطلب كوردي قديم منذ دعوة الشاعر الكبير أحمدى خاني إليها، مرورا ب “روجتة الكورد” للشيخ الجليل سعيد النورسي الكوردي التي قال فيها بأن بقاء الأمة الكوردية مرهون باتحادها، وإلى الرئيس مسعود بارزاني – بارك الله فيه وفي كل من يسانده في خطه الجريء هذا -: على ماذا تمت الوحدة التي كان من الصعب تحقيقها خلال ثلاثين سنة من الزمن أو أكثر؟ وما هي أسس هذه الوحدة ؟ الكلام المعسول عن “نهج البارزاني الخالد” وحده لايكفي لتبرير كل سنوات الانشقاق تلك، وأي طرف من البارتي لم يعلن ولاءه التام لنهج البارزاني الخالد حتى نعتبر ذلك أساساً للوحدة ؟
لابد أن تكون هناك ورقة اتفاق “غير معلنة” تتعلق بالمراكز والمناصب التي سيعاد خلط أوراقها، وهي ذات المراكز والمناصب والشخصيات المسؤولة عن “عدم تحقيق الوحدة” حتى الآن… ويقفز السؤال الأساس نفسه مجدداً: هل تم اقصاء أحد باعتباره “مسؤولاً” عن رفض دعوات الوحدة المستمرة من قبل الشعب والقواعد والقيادات الكوردستاني وأصدقاء الشعب الكوردي؟ فلنكن صريحين مع شعبنا وأصدقائنا وقيادتنا الكوردستانية ونعترف بأن “الاتفاق على النهج البارزاني” كان موجوداً منذ لحظة الانشقاق التاريخية، وأن هناك الكثير ما لم يسمعه الشعب مما دار خلف الكواليس لترتيب هذه الوحدة التنظيمية وتوزيع المراكز ، هذه الوحدة التي لابد وأن تحسب لبعضهم كانجاز تاريخي عظيم، في حين أننا لا نجد “مسؤولا تاريخيا” عن الانشقاقات المتكررة في صفوف البارتي.
أم أن بعضنا سيستمر في خداع القيادة الكوردستانية بعبارات حول البارزانية ونهج البارزاني الخالد؟… ثم عندما يفشل بعضنا في الحصول على “حصة” معينة من المراكز نعود لشق “حزب البارزاني” من جديد رغم كل دعوات القيادة البارزانية للوحدة وتجاوز صغائر الأمور؟ فهل هناك ضمان لعدم شق صف هذا الحزب مستقبلا، وما صمام الأمان لذلك؟
ما الذي تغير في منهج الجناحين المتصارعين المنشقين، وماذا جرى من تعديل في النظام الداخلي أو في مشروعهما السياسي؟ ما الطفرة الموضوعية التي حدثت؟ ما رأي المتوحدين في تبديل تسمية الحزب من “كوردي” إلى “كوردستاني“، ما رأيهم في الحكم الذاتي كحد أدنى في مطلب الشعب الكوردي في غرب كوردستان؟ والفيدرالية؟ كيف يرونها؟ ما رأيهم في اقامة علاقات متينة مع العالم الحر الديموقراطي، وما رأيهم الصريح في نظام الحكم البعثي الدكتاتوري القائم في سوريا؟ هل تخلوا عن فكرة الاستمرار في الحوار معه وبخاصة بعد الانتخابات التشريعية “المهزلة” الأخيرة في 22 نيسان 2007؟ أم أنهم يطالبون بتسفير حزب البعث وازالة نظامه؟
لست من الذين يرون في “نهج البارزاني” سياسة راكدة لاتقبل التطور والتجديد والانتقال إلى مستويات أعلى وأشد فعالية، فتاريخ المطالبات الكوردية في ظل قيادة البارزاني الرائعة كان مرتبطا بالتحولات الدولية والاقليمية والتغييرات الحادثة في المنطقة، ولم تكن سياسة راكدة ومتخلفة عن ركب التغييرات المؤثرة في مجمل شؤون المنطقة، فما الجديد الذي أتت به هذه الوحدة التنظيمية، أهو تجديد كيفي أم مجرّد تجميع كمي؟ أم توافقات قيادية وقتية على مراكز وألقاب مدهونة بعطر البارزانية؟
الشعب الكوردي لايقبل بأن يرى وحدة تأـي بعد ثلاثة عقود دون أن ترافقها محاسبة نقدية ذاتية عميقة وعلمية، حتى ولو أدّى ذلك إلى تصفية شاملة وجذرية لقيادات وقياديين بالكامل، لعبوا دوراً كبيراً في الابقاء على حالة التشرذم والانشقاق و”عدم الوحدة” وادعىّ كل منهم بأن المخلص الأكبر للبارزانية…أم أن الشعب الكوردي سيتحمّل عنهم مسؤولية عدم تحقيق هذه الوحدة الضرورية مثلما تحمّل متاعبها ومشاكلها على الدوام.
بل يمكن توجيه السؤال بشكل أوضح على الشكل التالي:
من المسؤول حقاً هنا: القيادة الكوردستانية؟ الشعب الكوردي في غرب كوردستان؟ النظام السوري الحاكم؟ قواعد الأحزاب المنشقة عن بعضها وكوادرها؟ أم القيادات التي تعطّرت بالبارزانية على طول الخط دون التزام حقيقي بما تتطلّبه البارزانية من سلوك حزبي وبخاصة في مجال المراجعة النقدية الذاتية؟ أم أن كل ما على السبورة سيخفى وإلى الأبد تحت عباءة “عفا الله عما سلف!”…
برأيي : إنه دون تطور نوعي في سياسة الحزب ومطالبه ومنهجه ونظامه الداخلي، ودون محاسبة عادلة ومراجعة نقدية ذاتية علمية لن تتحقق الوحدة المرجوة والمأمولة، وترتبط وحدة الحركة السياسية لشعبنا بمدى جرأتها وقدرتها على محاسبة الذات قبل توزيع المناصب وتقديم التهاني وابلاغ القيادة الكوردستانية بالنصر الكبير… وآمل أن نكون صريحين في هذا المجال لأن المسألة ليست شخصية وانما تتعلق بمصير شعب.