السبيل لخروج «مؤتمر الرياض» من مأزقه

صلاح بدرالدين
    من غير المحتمل أن يتخطى المشاركون في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية وهيئتهم العليا للمفاوضات الجدار المسدود أمامهم عندما أعلنوا عن أسماء عسكرييين ومن فصائل مسلحة على راس الوفد التفاوضي كمحاولة في الاستجابة لملاحظات أوساط واسعة من الوطنيين والثوار السوريين حول تصدر شخصيات وافدة من صلب النظام للهيئة العليا للمفاوضات والخشية من حصول صفقة ما على حساب الثورة فالخطوة بكل المقاييس جاءت ليست متأخرة فحسب بل بدون أي تأثير على سير الأحداث والنهج المتبع أيضا فلن يغير تبديل الأشخاص من المشهد السياسي شيئا مادام هناك التزام بقرارات فيينا 2 المعبرة عن التوافقات الدولية والاقليمية والمشاركون في مؤتمر الرياض مسؤلون جماعات وأفرادا عن مأزقهم الراهن للأسباب التالية :
   أولا – عندما يعلن – فرحان حق – باسم هيئة الأمم المتحدة عن تأجيل توجيه الدعوات الى الفرقاء المعنيين للحضور في التاريخ المحدد سابقا وهوالخامس عشر من الشهر الجاري لحين الاتفاق على قائمة أسماء الوفد المعارض فهو يعني ضمنا رفض الأسماء المرشحة في الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية والالتزام ببنود قرار مجلس الأمن  – 2254 – الذي ينص على : ” …. جمع أوسع نطاق ممكن من أطياف المعارضة…. وإذ يحيط علما بالاجتماعات التي عقدت في موسكو والقاهرة وبما اتخذ من مبادرات أخرى تحقيقا لهذه الغاية، وإذ يلاحظ على وجه الخصوص جدوى اجتماع الرياض…وفقا لبيان جنيف و ”بياني فيينا“…”  وكما هو معلوم فان المعارضة المعنية باجتماعات موسكو والقاهرة هي من تصر روسيا على حضور ممثليها الى جانب من شارك في مؤتمر الرياض .
  ثانيا – ومن المعلوم ان مؤتمر الرياض بمخرجاته وماتمخض عنه هو من نتاج قرارات فيينا 2 ومكملا لها ومتوافقا مع خطوطها العامة حول الحل التفاوضي المنشود من التوافقات الدولية وخصوصا بين – واشنطن وموسكو – على أساس الحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم المساس بها ووقف اطلاق النار وتحقيق المصالحة والاندماج بين المعارضة والسلطة الحاكمة بحكومة مشتركة انتقالية ذات صلاحيات واسعة وشاملة وهذا يعني التراجع عن أهداف الثورة السورية في اسقاط النظام وتفكيك سلطته القمعية الاستبدادية واجراء التغيير الديموقراطي وصولا الى سوريا ديموقراطية تعددية تشاركية في ظل دستور جديد .
  ثالثا – على ضوء ماتقدم لامعنى لرفض ” الهيئة العليا للمفاوضات ” المنبثقة عن مؤتمر الرياض مشاركة الجماعات الأخرى في التفاوض مع النظام بوفد مشترك أو خلافه لأسباب عديدة أولها : أن القبول بالجلوس مع وفد يمثل النظام وقد يكون فيه جلادا أو مخبرا لايمنع الجلوس مع موالين أو تابعين أو مخبرين للنظام نفسه وثانيها أن نهج التفاوض مع النظام والقبول ببقاء مؤسساته والمشاركة معه في حكومة واحدة هو ماكان تنتهجه الجماعات الأخرى من معارضات موسكو وطهران منذ بداية الثورة وتبقى أفضلية المشاركة لها وليست لغيرها أو لمن كان محسوبا على خط الثورة حتى الأمس القريب .
  رابعا – كانت بداية المأزق في عدم انصياع الائتلاف لنداء عقد المؤتمر الوطني والعودة الى الشعب والشرعية الثورية ففي مثل هذه الحالات المصيرية كان الواجب يقضي بالدعوة للمؤتمر الوطني السوري الشامل كما حصل في عشرينات القرن الماضي عندما انعقد المؤتمر السوري الاتحادي لانقاذ وحدة البلاد من الفوضى والانقسام والحرب الأهلية والخروج ببرنامج انقاذي ومجلس سياسي – عسكري لقيادة المرحلة ومواجهة تحدياتها في السلم والحرب .
   خامسا – وممازاد بطين المشاركين في مؤتمر الرياض بلة تسليم الهيئة العليا الى الفئات الوافدة من صلب النظام ومؤسساته الدبلوماسية والحزبية والأمنية والادارية والاقتصادية وما يخلق ذلك من شكوك وعدم ثقة بجدوى التفاوض مع النظام وهذا لايعني بتاتا الانتقاص من قيمة أفراد تلك الفئة التي تزخر بالشرفاء ولكن ليس من الحكمة تسليم مصير السوريين الى قرارهم مادام هناك شبل ثائر ووطني صامد .
   سادسا – لسنا من دعاة الحياد في مجابهة محور ( طهران – دمشق ) وتوابعه من الميليشيات المذهبية المعادية لثورتنا ولانخفي انحيازنا الى الجهود المبذولة من جانب أصدقاء الشعب السوري مثل المملكة العربية السعودية وغيرها لصد النفوذ الايراني ووقف تدخلاته بشؤن شعوب المنطقة ولكننا لسنا مع الذهاب بعيدا في سياسة المحاور الاقليمية ان تحولت الى صراعات مذهبية أو حول المصالح الضيقة لأننا ثورة وطنية ديموقراطية ودعاة حرية وتغيير ومساواة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

النقل عن الفرنسية إبراهيم محمود باريس – أكد البروفيسور حميد بوزأرسلان على ضرورة تحقيق الكُرد للاندماج الداخلي، وشدد على أن المسألة الكردية، بسبب الاستعمار فوق الوطني لكردستان، لا تقتصر على دولة واحدة بل هي شأن إقليمي. وتحدثت وكالة الأنباء ANF عن المسألة الكردية مع حميد بوزأرسلان، مؤرخ وعالم سياسي متخصص في الشرق الأوسط وتركيا والمسألة الكردية، يقوم بالتدريس في كلية…

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…