روسيا في جنيف3 هي الخصم والحكم

فرحان مرعي
 
   كيف يمكن لهكذا مفاوضات أن تنجح والروس فيها هم الخصم والحكم ، ؟ الروس سياسياً يضغطون – من موقع قوتها العسكرية المهيمنة في سوريا – لفرض معارضة مؤيدة ومرتبطة بالنظام جملة وتفصيلاً، تفاوضه وتجلس معه على شكل النظام يفاوض نفسه ، هذا شيء مضحك ومؤلم في نفس الوقت ، في الجانب العسكري يقصف الروس المعارضة أينما كانت، ويقصف المدنيين بكافة الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً ويحاصرهم ويقتلهم تجويعاً ، ويدعو إلى مفاوضات الحل السياسي ، ؟؟!!! هذه لعبة مكشوفة تجري تحت سمع وبصر العالم (المتمدن )، هذه في النتيجة تؤدي إلى استغلاق آفاق الحل العسكري والسياسي على المدى المنظور ، وهذا يعني استمرار الحرب والقتل والتدمير إلى أجل غير مسمى . السؤال لماذا ستذهب المعارضة الحقيقية- إن صح التعبير- إلى جنيف للمفاوضات في هذا الوضع وبهذا الشكل ؟؟
ما العمل ؟؟؟؟
   روسيا ، إيران ، النظام وأدواتهم وميليشياتهم زائد الصمت الأمريكي المريب ، هؤلاء ،قادرون على الأقل على وقف تقدم المعارضة إن لم نقل قادرون على الحسم العسكري ولو بعد حين ، مع الأخذ بعين الإعتبار بان لكل من إيران وروسيا مصالحهما الخاصة والمختلفة عن الآخر .. ، أما الدول الداعمة للمعارضة وخاصة السعودية تنطلق في دعمها من منطلق طائفي بحت ، فهي تحمي نفسها قبل إن تحمي السوريين ، وتركيا أيضا لها مصالح جيوسياسية كدولة محورية إقليمية متاخمة لحدود الصراع في سوريا والإثنين: السعودية وتركيا تخشيان من انتقال الحرب إليهما من البوابة الطائفية والقومية ، فلكل منهما الأرضية المناسبة لهكذا الانتقال ، القضية الكردية والعلويون في تركيا، والحرب عملياً وجزئياً انتقلت إلى تركيا من البوابة الكردية ،والأزمة اليمنية باتت تستنزف السعودية وتهددها حوثياً وشيعياً بدعم أيراني ، هذه الثنائية في الصراع في سوريا لا تخدم الشعب السوري مطلقاً ،بل سيدفع الضريبة يومياً مزيداً من القتل والتدمير
 . الحل ليس سهلاً ، العشرات بل المئات من القوى العسكرية تقاتل على أرض سوريا بينهم مافيات وتجار الحروب وميليشيات إرهابية ووووو وهي جميعاً مع استمرار الحرب ، ولا تعيش إلا في أجواء الفوضى والقتل والحروب الأهلية ، الحل ليس سهلا،ً بحاجة إلى جرأة- لا تقل عن جرأة استمرار المقاومة والنضال والدفاع- وهو وقف العمليات الحربية والقتالية ، من جانب المعارضة والانسحاب بصمت وبتكتيك عسكري والموافقة بتسوية سياسية توافقية ، حقناً للدماء السورية والحفاظ على البقية المتبقية من الشعب والممتلكات والمدن والقرى ، ومنعاً لمزيد من القتل والتدمير ، في النهاية إن جميع الحروب تنتهي بانتصار طرف وانكسار طرف آخر ليس إلا ،وخاصة إذا أدركنا إنه لم يبقى من الثورة السورية إلا آلامها، بل تحولت الى حرب داخلية، طائفية تجري بالوكالة وبالأصالة عن الدول الإقليمية والكبرى على الأراضي السورية . ولكن قد يقول قائل هل سيكتفي النظام والروس بهذا الشكل من التسوية ، أم إنهم سيستمرون في عمليات التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية في حالة النشوة والحقد الطائفي ؟؟ كل شيء ممكن، عندما لا شيء يردعهم أخلاقيا ولا سياسياً ولا دولياً .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو تشكيل وفد بمفرده هراء لا طائل منه، ما لم تُبنَ أولاً مرجعية قومية صلبة، لا تُنكسر، لا تُشترى، ولا تُساوم. مرجعية تُجسّد إرادة شعبٍ يُطالب بحقوقه، مرجعية تتحكم في القرار، وتُحاسب الوفد على كل كلمة، على كل موقف، على كل تنازل. أما الأحزاب والشخصيات التي تقف عاجزة، عمياء عن رياح التغيير الهوجاء في منطقتنا والعالم، التي غابت عنها…

أصدر رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، يوم ١٧ أيار/مايو الجاري، المرسوم رقم (٢٠) لعام ٢٠٢٥، القاضي بتشكيل «الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية» في سوريا، جاء فيه بأنها – الهيئة المذكورة – «تعني بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية…». مركز عدل لحقوق الإنسان، في الوقت الذي يرحب فيه بصدور…

عبدالجابر حبيب   رفع العقوبات: الخطوة الأولى نحو إنعاش اقتصادي وسط تحولات إقليمية متسارعة، ومساعٍ دولية لإعادة تشكيل الخارطة السياسية في سوريا، يطرح توقيع اتفاقات جديدة تساؤلات جوهرية حول إمكانية الخروج من عنق الزجاجة، ولاسيما أن العقوبات الدولية المفروضة على سوريا شكّلت منذ عام 2011 واحدة من أبرز العقبات أمام أي نهوض اقتصادي أو استثماري حقيقي. فقد قيّدت…

عبد الرحمن الراشد   كانَ للعقوبات على سوريا أن تمتدَّ لعام أو أعوام مقبلة لاعتبارات منها غموضُ المستقبل السياسي في سوريا، وتحفظاتُ البعض على القيادة الجديدة، أو مخاوفُ قوى مثل إسرائيل. فالولايات المتحدة لا ترفع الحظرَ إلَّا بعد اختبار طويل، فقد سبقَ أنْ سلَّمت ووقعت اتفاقاً مع طالبان، ولا تزال أفغانستان تحت طائلة العقوبات الاقتصادية منذ أربع سنوات. كما أنَّ…