إبن العم

إبراهيم اليوسف

إلى رفيقي الصّحفي سليم اليوسف في زنزانته هناك!:

شخصياً, أدرج اسم صديقي – سليم اليوسف- في أعلى خانة من شجرة الرّوح, مع وجوه قليلة من أشقاء لم تلدهم أمّي, أوفياء, بعكس سواهم ممّن يعتقد أن الصديق, هو أقلّ من يطعنك في ظهرك من خناجره المسمومة, أنّى تأتت له فرصة ذهبية كي يهتبلها , متوهماً العبور على جثتك , كي يرقى إلى أعلى , وهو حالي مع كثيرات وكثيرين, ولم أكن لأقدّم لهم غير الحب……..

!.
لاضير , حبي لسليم اليوسف , ليس لأننا مشتركان في نسبة واحدة، لا نسب واحد , فهو  أخي العربي –الاستثنائي بحبّه , وأنا الكردي , ل أن أشياء كثيرة جعلتني, أنشدّ إلى هذا الرّجل , ولعلّ أولى الخصال البارزة لديه ، مساحة إنسانيته الهائلة , وشجاعته في العمل الصحفي , وإخلاصه الحياتي والمبدئي , ونفوره من كل ما يتكالب عليه المندفعون تحت حمّى غريزة المصالح الممقوتة ، سواء أكبرت أم صغرت ، لا فرق…….! .
 عرفت ابن العمّ سليم ، كما نتخاطب ، عادةً ، في صفوف الحزب الشيوعي السوري ، لأجد فيه ذلك الشخص الغارق في الطّيبة والحكمة ، والمسكون بحبّ وطنه سوريا، وكل مكوّناته ، أجمعين ، لا من منظور الفهم الاستهلاكي للوطنية، منحازاً للمظلوم في وجه الظالم ، مهما علت قامته الهلامية ، للمستغل – بفتح الغين- ضدّ المستغل، بكسرها، غير خائف من جرّاء ذلك على مكسب ، أو منفعة ، أو صفقة ، ممارسةً وفعلاً ، لا قولاً، واستعراضاً……..!
 لقد تابعته بشغف ، وهو ينزف مقالات، وريبورتاجات، مسكونة بهم المواطن المغلوب على أمره ، المطعون في كرامته ، وأمنه، ورغيفه ، وهو موزّع بين مدينته – حلب إبراهيم- وديرالزو، مكان عمله ، يتنطّع لفضح أساطين الفساد ، و أباطرة الشر ، أنى تأتى له ذلك ، ببسالة الصحفي الاستثنائي ، فترفع دعوى بحقه هنا ، ويواجه القضاء هناك ، يخرج خاسراً بلغة السوق، رابحاً بلغة الموقف والمبدأ ، منتصراً ، ولكن خروجه ، هذا، على هذا الحال ، ربّما كان موقوتاً ، لأنّ آلة الفساد ، ستلاحقه ، تتحيّن له ، تخطط للإيقاع به ، بلا هوادة ، وهذا ديدنها ، فلا غرابة البتة….!.
وها هو ، ممّن اندفعوا من غيارى سوريا، لخوض الانتخابات، كمراقب، هاجسه، رصد ما يتمّ من انتهاكات ، مدفوعاً بحبّ بلده سوريا ، وأناسها المغلوبين ، على أمورهم ، في وجه ناهبي لقمتهم ، من المتخمين، واللصوص ، وممارسي الاستبداد ، لكنه، ما إن يعترض على الخروقات التي تتم في أحدا لمراكز، حتى يتم تدبير فخّ له ، ويتمّ توقيفه في أحد مراكز الشّرط ، ليقدّم للقضاء العسكري ، بتهمة : ممانعة موظف! – ولعلّ حقيقة تهمته هي : ممانعة الفساد ، وممانعة الخروقات ، فهو الصحفي ، والوطني الصادق – من أسرة ” صحيفة قاسيون” التي تتنطع وبكل شجاعة، لرصد ما يقع من أخطاء في داخل رقعة الوطن ، وأقول : رقعة الوطن – كان عليه ، لينجو بجلده ، أن يقاطع الانتخابات ، أو يشارك في التصفيق ، أما أن يعتمد – الخيار الصعب – أي : “المشاركة” ليس” للمباركة” – فهو لعمري مايعدّ من الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها ، وهو ما انتبهت إليه “اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين” ، على امتداد خارطة سوريا ، ليسجل لها (وسليم أحد أعضائها) هذا الامتياز الوطني ، الصائب ، بعيداً عن الموالاة ، بل وبعيداً عن الإحباط بكل طبعات فلسفته ، لا سيما وإن خيار المواجهة ، لهو أصعب الخيارات طرّا ً…………!
وها يتم دفع ضريبتها من قبل أحدنا ، بل كلنا ، مقابل خيار المقاطعة الأكثر سهولةً ، وراحةً ، وأمانا ً
وإذا كان سليم ، قد تم تحويله للقضاء العسكري ، وهو (المدنيّ..!) فإن ذلك ليعد ّ– بالتأكيد- تجاوزاً على القانون  ، لا سيّما وإنه – وكيل رسميّ – لمرشّح رسميّ في مدينة حلب ، هو الكاتب ماهر حجار ، أحد مرشحي قائمة
– كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار – التي كنت شخصياً من عدادها ، وأعتزّ بذلك ، لأنّني بترشيحي ، أرحت ضميري ، كصاحب موقف، حيث كانت مشاركتي بمعنى : لا – لما يجري ، لا بمعنى : نعم ، وهي من أصعب المهمات التي أديّتها خلال حياتي ، لأنّني كنت خلالها- أحارب على عدة جبهات – وبكلّ أسف ، حتّى من قبل من كنت انخرطت بدافع الدفاع عته في لجنة الانتخابات…………..

!
 أخيراً ، إننّي ومن موقعي كمواطن سوري ، وكصحفي ، وكناشط – عامل – في (مجال حقوق الإنسان) وكصاحب موقف ، وقلم، لا ينغمس إلا في الحبر النظيف ، أطالب بإطلاق سراح هذا الزميل الصحفي ، لأن اعتقاله ليشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان ، بل إنه كان مطلوباً ممن قام باعتقاله ، إنه يحاكم هؤلاء الذين عاثوا خرقا في انتخابات الدّور التاسع ، لأنّهم أكثر من اساؤوا لسوريا وللعشرين مليوناً من أبنائها الأباة…..!!!!
إذا ً، لنعط -جائزة الشجاعة الوطنية- لهذا الصحفي الوطني ، لا أن نزجّ  به  في “قعر مظلمة السجن …..”
فهل ……!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…