التصعيد الروسي: نحو تبديل قواعد اللعبة

صلاح بدرالدين

  كما ذهبنا اليه سابقا فان المستفيد الوحيد
من العمليات الارهابية المتواصلة من جانب – داعش – وأخواته في المنطقة وأوروبا هو
النظام الروسي وكذلك الأمر بخصوص حادث اسقاط طائرة سوخوي 24 بنيران الطائرات
التركية وبمعنى آخر فان الاسترتيجية العسكرية والسياسية التي ينطلق منها حكام موسكو
تجاه سوريا والمنطقة لن تتحقق الا على أصوات التفجيرات ووقع أنين الضحايا وبين
ثنايا الدمار وأشلاءالنساء والأطفال حسب معادلة حادث ارهابي هناك وخطوة روسية هنا
لذلك يجمع المراقبون على أن ” الفرع الداعشي الممانع ” المرتبط بالمحور الثلاثي
الايراني – السوري – الروسي والتابع لأجهزة – قاسم سليماني – يقف وراء التفجيرات
وأن الأوساط الروسية الحاكمة هي من دفعت الأمور نحو اسقاط احدى طائراتها الحربية.
  لقد نجحت الدبلوماسية الروسية استثمار تفجيرات فرنسا وحالة الاستنفار الأمني
الشامل في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي وفي ظل (الارتخاء) الأمريكي الى أبعد
الحدود والى درجة التأثير في قرارات اجتماعات فيينا 2 بشأن سوريا وتوجيه دفتها بحسب
تفسيرها من جانب (لافروف) وخاصة حول منح الأولوية الكاملة والوحيدة للنظرية الروسية
المسيسة المنحازة الدارجة في التعاون حتى مع نظام الأسد لمواجهة ارهاب – داعش – وقد
لمسنا نوعا من التجاوب الأوروبي العام وحتى الأمريكي وارتفاع أصوات تحت ضغط
العمليات الارهابية وموجات المهاجرين السوريين لاتعترض على الدعوة الروسية .
    وانعكست النتائج الظاهرة السريعة للاستثمار الروسي على تصاعد اللهجة المتعالية
ومظاهر العنجهية لدى المسؤلين الروس الى درجة التصرف وكأنهم أسياد المنطقة ببحارها
وأجوائها وبرها يطلقون الصواريخ البعيدة المدى من بحر قزوين لتنفجر معظمها في
الأراضي المسكونة (كان نصيب اقليم كردستان العراق صاروخان) ويصدرون الأوامر لوقف
الملاحة الجوية في مطارات بيروت وأربيل وبغداد من دون حتى عناء مناقشة الأمر مع
سلطاتها تماما مثل ممارسات دولة استعمارية محتلة أو منتدبة تنتهك سيادتها مترافقا
مع كل ذلك تشديد الضربات الموجهة الى فصائل المعارضة السورية بتعاون وتنسيق مع جيش
نظام الأسد والميليشيات المذهبية .
  ولم تمضي على اسقاط الطائرة ساعات حتى كانت
المنظومة الصاروخية المتطورة (س 400 ) في طريقها الى ميناء اللاذقية ومطاراتها
وازدياد عدد طائراتها المقاتلة لتصل الى نحو ثمانين ووصول الدبابات الحديثة من نوع
تي 90 الى ضواحي حلب مع مضاعفة أعداد الجنود والضباط الى حدود المئات والآلاف وبذلك
يتم تجاوز قرارات فيينا التوافقية حول التعاون الدولي بمساهمة روسية في الحرب على –
داعش – والعمل على تحقيق العملية السلمية بعد وقف اطلاق النار ليصبح الدور الروسي
ليس فقط لحماية نظام الأسد بل لتأمين أسباب تقدمه العسكري في بعض خطوط التماس
وتحسين وضعه الميداني لينتقل من وضعية الهزيمة والتقهقر الى حالة الهجوم والتدمير
وتنفيذ المجازر ضد المدنيين . 
  من دون شك سيتبع الاختلال الواسع للميزان
العسكري الروسي على الأرض السورية تصعيد سياسي عميق خاصة بعد الاتفاقيات الجديدة
بين بوتين وخامنئي ينال من جميع توافقات فيينا ويعزز التحالف مجددا بين المحور
الثلاثي في سبيل تحقيق مشروعهم القديم – المجدد في الحفاظ على نظام الأسد ووأد
الثورة السورية وتحويل القضية السورية بماهي ثورة الشعب على الاستبداد الى مسائل
فرعية خاضعة لمنطق حروب المواقع ومعادلة اما النظام أو – داعش – وذرائع محاربة
الارهاب والتحاق من يريد من المعارضة با” الحكومة المشتركة ” وليس حتى بالادارة
الانتقالية ذات الصلاحيات الواسعة التي أقرها جنيف1 .
  حتى الاجتماع المفترض
بالرياض وحتى ان سابق الزمن لن يكون سهل التحقيق وحتى ان تم لن يغير من وقائع
الميدان شيئا وأغلب الظن أن خطة المحور الثلاثي بقيادة روسيا تهدف الى نسف ذلك
الاجتماع بتوفير أسباب فشله كما أن الأداء التقليدي المكرر منذ خمسة أعوام لعقد
اجتماع الرياض يشكل سببا آخر من اسباب الاخفاق والمقصود هنا عدم الاعتماد على لجان
تحضيرية سورية للاعداد والتنظيم وصياغة الوثائق والاستناد في اختيار المشاركة على
قوى الثورة والثوار والوطنيين الصادقين وليس على قوائم تختارها مخابرات الدول
الداعمة و” الصديقة ” ! أو المحتلة  المتورطة المعادية لارادة السوريين .
  لن
تنجح المشاريع والخطط المطروحة في تحقيق الحل السلمي واستئصال شأفة الارهاب الا
بتنفيذ عدد من الخطوات ومنها : الانسحاب العسكري الروسي وكافة الميليشيات الغريبة
الايرانية وأعوانها من بلادنا والوقف الفوري لجرائم النظام وشبيحته بحق السوريين
وتنادي قوى الثورة المؤمنة باسقاط الاستبداد والتغيير الديموقراطي دون شروط والحراك
الوطني العام الى عقد مؤتمر وطني سوري تحت اشراف لجنة تحضيرية مناسبة من أجل صياغة
البرنامج السياسي الانقاذي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لقيادة المرحلة ومواجهة
تحديات الحرب والسلام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…