فتش عن الفرع «الداعشي الممانع»

صلاح بدرالدين

     لم يعد خافيا حقيقة
توزع منظمات القاعدة التي خرج – داعش – من رحمها على أكثر من مرجعية ومصدر قرار
فزعامات تلك المجموعات الارهابية المحلية الموزعة في مختلف البلدان بالمشرق
وافريقيا تحتاج في سبيل تنفيذ مخططاتها الى حلفاء ميدانيين يقدمون الدعم المالي
واللوجستي تتوافق مصالحها وتتشابه أهدافها بصورة وقتية عابرة أو دائمة ومن أجل ذلك
تتخذ أقصى درجات المرونة لتنفيذ المبتغى مع من يعتبر نظريا من أعدائها وكمثال على
ذلك الاتفاق الاستراتيجي الذي تم بين قاعدة بن لادن ونظام طهران والتعاون بين
امتداداتها في العراق وبين نظام صدام حسين والعمل المشترك بين جماعات عديدة من
منظمات الاسلام السياسي السنية وبينها ( النصرة وداعش وقبلها فتح الاسلام ) اضافة
الى جماعات الاسلام السياسي الارهابية الشيعية وبين النظام الأسدي في سوريا ولبنان
والعراق . 
  مع اندلاع الانتفاضة الثورية السورية استندت استراتيجية محور دمشق – طهران –
روسيا وكما هو معروف على فرضية الاصرار بتسويق مفهوم أن لاثورة وطنية شعبية في
سوريا بل أن الصراع هو بين نظام علماني من جهة وبين جماعات اسلامية ارهابية مسلحة
واتخذ ذلك المحور الخطوات والاجراءات التي تخدم الترويج لذلك المفهوم بمافي ذلك
التواصل المباشر مع مختلف تيارات منظمة القاعدة والجماعات الأخرى وقد ساهم التكوين
الآيديولوجي ( الاسلاموي – العنصري ) لداعش وغلبة البعثيين في صفوف الدرجة الأولى
من قيادته في تقريب وجهات النظر مع نظام البعث السوري وتوافق المصالح المشتركة مع
حكام طهران وأبرزها محاولة اغراق الثورة في وحل الجماعات الارهابية المسلحة وخنقها
وتصفية عمودها الفقري من الجيش الحر والحراك الوطني . 
  موضوعيا فقد رافق
الثورة السورية اصطفاف محلي – اقليمي – دولي بين فريقين أحدهما في  خانة ( أصدقاء
الشعب السوري ) بينهم حوالي ستين دولة تتصدرها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا
وألمانيا وبلجيكا وهولاندا … الخ وغالبية دول الجامعة العربية وبينهم بعض دول
الجوار مثل الأردن وتركيا واقليم كردستان العراق والآخر في الجهة المعادية المقابلة
المتجسدة في المحور الثلاثي ( دمشق – طهران – موسكو ) ومواليه وأتباعه من
الميليشيات المذهبية والجماعات الارهابية وجماعات – ب ك ك – المسلحة اضافة الى
حكومة بغداد .
  في غضون العامين الأخيرين وخصوصا بعد الاتفاق النووي مع ايران
والتدخل العدواني الروسي العسكري الأخير على بلادنا طرأ تبدل ملموس في استراتيجية
الخندق المعادي للثورة السورية بعدم الاكتفاء بالحرب الداخلية ضد السوريين في مختلف
المناطق وممارسة القتل الممنهج والتدميرواستخدام حتى السلاح المحرم دوليا بل
باالتوسع في ميادين المواجهة مع ( أصدقاء السوريين وحتى المحايدين ) خارج سوريا
ونقل المعركة الى عواصم ومدن  بلدانهم في اقليم كردستان وتركيا والسعودية والكويت
والبحرين وتونس وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وقد تساءل الكثيرون من المتابعين لماذا
لاتستهدف عمليات – داعش – ايران مثلا وحتى النظام السوري ؟ . 
  لقد تصاعدت
وتيرة الاعتداءات الى درجة الاشتباه بالمحور الثلاثي بدفع فرعه الداعشي للانتقام
الهجومي غير المسبوق وخاصة على فرنسا التي تتميز موقف حكومتها المناصر للشعب
السوري  بعد ظهور الخلافات على السطح بين الأطراف المشاركة بمؤتمر فيينا 2 حول مصير
النظام ورأسه وكأن الهدف منها هو ممارسة الضغوط والتهديدات لتراجع الدول الأوروبية
والغربية عموما عن مواقفها المعلنة والتخلي عن أوجه دعمها – ولو بحدودها الدنيا –
غير الحاسمة أصلا لبعض أطراف المعارضة المسلحة . 
  التعبئة الاعلامية
الدبلوماسية باللهجة المتعالية من جانب الطغمة المافيوية الروسية والتصعيد العسكري
المتزامن لزيارة القيصر الروسي الى طهران وما تخللها من قرارات بمنح صوارخ س 300
الاستراتيجية للايرانيين اضافة الى – الطرود النووية – المكتملة المفعلة وردود
الفعل الهيستيرية التهديدية على اسقاط طائرة سوخوي 24 من جانب سلاح الجو التركي قد
يخبىء التحضير لعمليات اعتداءات جديدة تطال دولا ومدنا ومناطق أخرى بمافي ذلك
استهداف تشكيلات الجيش الحر وقوى الثورة في بعض المناطق وذلك عبر فرعهم الداعشي
الممانع وهو ما يطرح بالحاح اتخاذ المزيد من الحيطة والحذر في الأيام والأسابيع
المقبلة .
  لقد باتت الأولوية الآن لوقف النزيف في كل مكان وليس في سوريا وحدها
والسبيل الى ذلك هو تجفيف منابع الشر والقضاء على مصدر الارهاب باسقاط نظام
الاستبداد الأسدي أولا واستكماله بالقضاء على – داعش – وتوابعه بكل السبل اللازمة
وباستخدام كل الامكانيات المتوفرة خاصة بعد أن وصل الارهاب الى قلب أوروبا وفضاءات
العالم الحر . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…