دعوة لحراك ثقافي كردي نهضوي جديد

حواس محمود
 في ظل الخسارات الكبرى للأوطان والقيم والجذور ، في ظل الحرب الكونية
الكبرى ضد الشعب السوري ، والشعب الكردي كجزء رئيسي من مكونات المجتمع السوري ، في
ظل الهجرات والتشرد والغرق والدوران في فلك التيه الفكري الاجتماعي السياسي ، بعد
ان كشفت الاحزاب الكردية التي كانت ترفع شعار الدفاع عن الحقوق الكردية عن فشلها
الذريع في تحقيق ولو النزر اليسير من برامجها عملا وممارسة ، أقول  ان شعبنا الآن بحاجة ماسة لنا كمثقفين ونشطاء
وسياسيين ، ان نلعب دورنا وتأثيرنا الفكري ومحاولة تشكيل رأي عام مؤثر وبمردود
ايجابي ، لقد ظل المثقف وطيلة فترة طويلة من الزمن اسير العيش والتفكير تحت جنح
الاحزاب السياسية التي لم تحاول قط ان توسع من قاعدتها الحزبية لتشمل قطاعا كبيرا
من الشباب باعتبارهم الطاقة الحيوية الكبرى للتغير والتثوير ، 
وكذلك المرأة باعتبارها نصف المجتمع لا بل هي القسم الاكبر من المجتمع ، لانها
حاضنة النشئ الجديد ومربيته ، فإن كانت مستلبة الحقوق فكيف لها ان تربي ابناءها على
الثقافة والفكر والأدب ومحبة الوطن ؟ ، وبالتالي تعلم قيم التضحية والشجاعة والنبل
والصدق ، بعيدا عن التربية التقليدية من المنافسة السلبية بمردود الحسد والغيرة ذات
الطابع السلبي غير المنتج. 
ان الحالة الازموية الكبرى وأوطاننا تفرغ من كل
الطاقات الخيرة ذات العقل والخبرة والعمل المنتج،  تتطلب منا نحن المهاجرون قسرا من
أوطاننا كنخبة وشباب ومرأة مكافحة العسف والاضطهاد والكسل الفكري والاجتماعي ،
تتطلب منا  ان ننهض بفكرنا ونحاول اعادة تدوير الوعي الكردي باتجاه الثقافة العلمية
المعاصرة في زمن العولمة والتكنولوجيا واختراق المسافات ، بأن نخطو خطوات متميزة
جادة وبهدوء وتوازن وثقة وجدار ة ، وهذا لا يعني الدعوة فقط لمثقفي الخارج ونشطائه
وإنما ايضا للرابضين على جمر الازمة بالداخل عبر التنسيق والتواصل والتبادل
والتجادل  والتفاعل ، عبر الامكانات الإتصالية المتاحة . 
مشكلة المثقف الكردي
وهو اما تحت هيمنة السياسي وسيطرته او صامت لا يحرك ساكنا 
او يحاول ان يشكل
مؤسسة تكون صغيرة ذات طابع حزبي سياسي غير عام وشامل ، اقول مشكلته انه غير قادر
حتى اليوم ان يفكر جيدا ويخلق مؤسسة ثقافية كبيرة ، لذا وانطلاقا من التشتت في
مؤسسة اتحاد الكتاب الكرد وتوزع الولاءات الحزبية لها فباعتبار اننا بمرحلة
انتقالية وان الاستقرار ممكن ان يكون عنوان مرحلة قادمة ، فإن الحاجة الراهنة ماسة
وملحة للخروج من حالة اليأس والإحباط والحزن والبكاء على الأطلال ، ندعو الى إنشاء
مؤسسة ضخمة تشمل قطاعا كبيرا نوعيا من المثقفين والنشطاء والإعلاميين لنشر الثقافة
العلمية الفكرية المتقدمة وإنتاج وتغيير مفاهيم قديمة بالية وتشخيص الحالة الكردية
الراهنة وتقييمها تقييما موضوعا باتجاه التحول نحو خلق حالة نهضوية عارمة ، بعيدا
عن الاجندات الحزبية وبعيدا عن حالة الازمة الشاملة ازمة الوعي وأزمة الوجود القومي
وأزمة التسلح ،ناشدين تأسيس حالة متقدمة للعقل الفكري الجمعي النهضوي المنتج . 
ندعو الى يزوغ براعم وعي فكري نهضوي جديد  يعالج الواقع الكردي-  باستقلالية 
تامة- موضوعيا دون الالتفات الى ردود الفعل التشكيكية والاتهامية والمهاتراتية ،
 منطلقين من ثوابت اساسية وهي  اننا ندافع عن شعبنا المظلوم بالفكر لا بالسياسىة
الحزبية ، بالقلم لا بالبندقية ، بالوسيلة الإعلامية لا بالمهاترات والأحاديث
التجاذبية المضرة ، التي هيمنت على المشهد السياسي الكردي طيلة مرحلة الاستبداد
السياسي ووجدنا النتيجة المأساوية لتلك المهاترات ، بعد أن بقي الشعب بحالته
المأساوية ،  دون ان تكون هذه الاحزاب سندا وداعما وحاضنا لشعبنا ومداويا لجراحاته
فغابت عن ساحات الميدان من اللحظة الأولى  للازمة .
وكذلك الانطلاق من البعد عن
الزعاماتية والأدلجة ،  والدخول في خلافات بينية لن تفيد الشعب الكردي لا بل تزيد
حالته المأساوية مأساة  على مأساة 
إخوتي وأخواتي  النشطاء والمثقفين المرحلة
حساسة وشعبنا ينتظر منا ان نشعل شمعة التنوير والنهضة بدلا من ان نلعن الظلام أو
نبكي على الاطلال . 
…………………………………………………………………..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…