هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي تعبر عن قلقها من التدخل العسكري الروسي في سورية

بــيان سـيــاســي

منذ المؤتمر التأسيسي
الأول لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في حلبون في أيلول من عام
2011 رفعت الهيئة أربعة لاءات شكلت أعمدة إستراتيجيتها السياسية، وهي؛ لا
للاستبداد ،لا للطائفية والتحريض
الطائفي، لا
للعنف، لا للتدخل العسكري الخارجي
لأنها كانت تدرك بالتحليل والقراءة
الصحيحة لطبيعة النظام ولحراك الشعب السوري ومطالبه في الحرية والديمقراطية، أن
الطائفية والعنف والتدخل العسكري الخارجي يتعارضان تماما معها، ولا يساعدان في
إسقاط الاستبداد. وبعد أربع سنوات ونصف من انطلاقة ثورة الشعب السوري ضد النظام
المستبد تتأكد بصورة مستمرة صحة مواقف الهيئة المبدئية والإستراتيجية، فالاستبداد
لا يزال قائما، بل صار لدينا استبداديين يتصارعان هما استبداد النظام واستبداد
المجموعات الإرهابية، والطائفية والتحريض الطائفي صارتا للأسف لغة السياسة
والممارسة لدى كثير من القوى المحلية والدولية المؤثرة في الداخل السوري، وصار
العنف يغطي كامل المشهد السوري، وصارت الحدود السورية مستباحة لكل تدخل خارجي في
شؤونها. 
بالطبع ما كان كل ذلك ليحصل لولا تعنت النظام الاستبدادي الحاكم وعدم استجابته
لمطالب شعبنا المحقة، ولجوئه للخيار الأمني العسكري لقمع الحراك الشعبي الذي أخذ
أبعادا جماهيرية واسعة خلال عام 2011، ولذلك فقد حملته الهيئة دائما المسؤولية
الأساسية عما حصل ويحصل للشعب السوري ولسورية ،  مع عدم تجاهل أثر ودور عسكرة
الانتفاضة وحرفها وتشويهها واحتوائها والتدخّلات العربية والإقليمية والدولية بكافة
أشكالها.
أيها السوريون
في وقت كان يأمل شعبنا أن تتقدم الحلول السياسية 
لتنقذ ما تبقى من سورية، ولتضع حدا لمعاناة شعبها غير المسبوقة في التاريخ، تفاجأ
السوريون وربما العالم بالتدخل العسكري الروسي المتسارع والكثيف في سورية بحجة ضرب
القوى الإرهابية مما قد يزيد ويوسع من دائرة العنف لتأتي على ما تبقى من سورية
وتزيد في معاناة شعبها، ولكن دون أن نغفل إمكانية تحجيم وإضعاف المجموعات الإرهابية
والحدّ من توسّعها وانتشارها . 
إن هيئة التنسيق الوطنية التي عبرت عن قلقها في
السابق من التدخل العسكري الأمريكي المدعوم من حلفائها وكذلك التدخل الإيراني،
فإنها تعبر اليوم عن قلقها من التدخل العسكري الروسي في سورية لأنه من الناحية
الواقعية، وفي أكثر احتمالاته ترجيحا سوف يزيد النظام تعنتاً تجاه أية تسوية سياسية
للأزمة السورية، وهذا ما بدا واضحا من كلمة الوزير المعلم من على منصة الجمعية
العامة للأمم المتحدة.
تدرك هيئة التنسيق جيداً أن محاربة الإرهاب قضية وطنية
بامتياز كذلك أيضاً قضية إسقاط الاستبداد وتحقيق التغيير الجذري والشامل نحو
الديمقراطية وأن الحل السياسي وفق بيان جنيف 1 يشكل المدخل لتحقيق ذلك. 
ترى
هيئة التنسبق الوطنية أنّ دحر الإرهاب واستئصال جذوره لا بد أن يترافق مع إنجاز
الحلّ السياسي وإقامة هيئة حكم انتقالية مشتركة بين المعارضة والنظام والمجتمع
المدني تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة وفقاً لما ورد في بيان جنيف عام
أيها
السوريون
لم يكن خيار هيئة التنسيق الوطنية أبدا المفاضلة بين النظام والمجموعات
الإرهابية متمثلة بداعش والنصرة وغيرهما من قوى جهادية متطرفة رغم الفوارق بينهما،
بل كان خيار الهيئة دائما هو خيار الشعب السوري المتمثل أساساً بتحقيق التغيير
الجذري والشامل بالانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي يقرر الشعب السوري من خلاله شكل
النظام السياسي الذي يريده ، ومن يحكمه. غير أن الهيئة تدرك أيضا أن ما هو صحيح من
حيث المبدأ، أو من منظار النظرية قد يكون خاطئاً أو في الحد الأدنى غير مفيد من 
منظار السياسة. تأسيسا على ما تقدم فإن الموقف من التدخلات الأجنبية في سورية على
اختلافها ينبغي مناقشتها وتحديد موقف منها ليس فقط من زاوية مبدئية بل من زاوية
سياسية أيضاً وفق معيار وحيد هو مصلحة سورية وشعبها. لا شك بأن
للشعب السوري مصلحة في محاربة الإرهاب، وبالتالي من يقوم بذلك فعلاً من الدول
الأجنبية يخدم مصلحة الشعب السوري. لكن للشعب السوري مصلحة أكبر في إنجاز التسوية
السياسية للازمة الراهنة التي تعصف بالبلد، وتحقيق الانتقال إلى نظام ديمقراطي
حقيقي، وهذا ما تقصر الدول الأجنبية في دعمه. إن حلفاء النظام من إيران إلى روسيا
وغيرها، إلى حلفاء المجموعات المسلحة من أمريكا وتركيا وقطر والسعودية وغيرها من
دول تتحمل مسؤولية تاريخية عن استمرار الأزمة الراهنة في سورية، رغم أن مفاتيح
الخروج منها بأيديها. ولطالما طالبت هيئة التنسيق بأن تسعى هذه الدول للتوافق فيما
بينها على الحل السياسي للخروج من الأزمة وفق بيان جنيف، بدلاً من الصراع بينها على
المكاسب والمصالح الخاصة بها دون الاهتمام بمصالح الشعب السوري.
إن هيئة التنسيق
الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي تطالب جميع الدول الأجنبية التي تناصر النظام أو
تناصر المجموعات المسلحة الكف عن تأجيج نار الحرب الدائرة على الأرض السورية،
والعمل بجدية ومسؤولية لوقفها وإنجاز الحل السياسي المنشود وفق بيان جنيف1.
دمشق
7 تشرين أول / 2015   

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير
الديمقراطي

المكتب التنفيذي 

23 ذي الحجة / 1436
هـ

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…