نحو قراءة صحيحة لتصريحات الرفيق عبد الحميد درويش

علي شمدين*

في أعقاب سلسلة المقالات التي نشرها مؤخراً سكرتير حزبنا الرفيق
عبد الحميد درويش، والتي يهدف من ورائها توضيح رؤية حزبنا تجاه مجمل التطورات
والأحداث الدراماتيكية الغامضة التي تمر بها بلادنا، وانعكاساتها على القضية
الكردية في سوريا، وتلمس سبل الخروج منها، وهي تعبر عن رأي حزبنا بشكل دقيق وجرئ،
ونحترم الملاحظات الموضوعية التي برزت هنا وهناك حولها، التي تغنيها وتساهم في
بلورتها بشكل أوضح، إلاّ أن المؤسف هو خروج البعض عن طورهم وانجرارهم خلف السوسة
التي ظلت تنخر في دماغم وتحرضهم على تشويه كل ما يصدر عن الحزب الديمقراطي التقدمي
الكردي في سوريا وعن سكرتيره الرفيق عبد الحميد درويش، والتشويش عليه، هؤلاء
المضللون الذين ظلوا يعانون طوال نصف قرن مضى عقدة نفسية قاتلة تجاه هذا التيار
الواقعي في الحركة الكردية في سوريا، وضد مناضليه الذين ضحوا بالغالي والنفيس من
أجل قضية شعبهم طوال هذه العقود، والذي أثبتت الأحداث الميدانية خلال السنوات
الأربعة من عمر الثورة السورية صحتها وموضوعيتها، بقدر ما كشفت عن زيف تلك الشعارات
المزاودة والسياسات المتقلبة التي أبدع (اليساريون) في التلاعب بها.
ومن بين هؤلاء الذين قاموا بهذه (الوظيفة) مؤخراً نذكر أكرم حسين، وهو أحد يتامى
(اليسار)، ومن أحفاد (صلاح بدر الدين)، الذي يرى بأن عبد الحميد درويش قد فجر
بمقالاته قنبلة من العيار الثقيل أربك بها المشهد السياسي الكردي السوري، ويلومه
على دعوته للحوار والحل السلمي، في وقت يتداعى فيه النظام ويخسر أوراقه الداخلية
والخارجية كما يقول، ويبدي إنزعاجه الشديد من دحض الرفيق حميد للاتهامات التي تقول
بأن الكرد يطالبون بالانفصال، فيتساءل السيد حسين: (من قال بان الكورد لا يريدون
الانفصال ؟ ام ان درويش نصب نفسه وليا اوصيا على الكورد ليقرر نيابة عنهم ؟)، هذا
فضلاً عن الكليشة الجاهزة من الاتهامات وكلمات التخوين التي زين بها (رده) الذي
نشرتها جريدة (Buyerpress) في ثلاثة أجزاء..
حقيقة لم نكن مستعدين للتوقف على
هذه الأضاليل التي أعاد أكرم حسين تكرارها في (رده)، والتي لم تعد تؤثر في الرأي
العام الكردي الذي ملّ من هذه الخطابات الحماسية  المضللة التي تكرر نفس الشعارات
الخلبية التي رفعها بدرالدين وجماعته منذ عام 1965، كما إن إتهاماته لم تعد مسموعة
حتى من الأوساط التي انخدعت بها ذات يوم وانطلت عليها لعقود، ونحن لا نلومه لأدائه
الروتيني لـ(وظيفته) هذه التي امتهنها على يد أسلافه (اليساريين)، الذين أورثوه كل
هذا الكره والحقد على عبد الحميد درويش وحزبه، وإنما نلوم (Buyerpress) كمنبر
إعلامي محترم لوث صفحاته بنشر مثل هذه الأحقاد والترهات، في وقت لم تتضمن مقالات
الرفيق حميد أية إشارات لا من قريب أو بعيد لأحد.
وترددنا في الرد لم يكن تكبراً
وإنما لأن السيد حسين يؤكد بنفسه ومن حيث لايدري ما نود قوله في أن الاتجاه السياسي
الواقعي الذي يمثله عبد الحميد وحزبه، قد صمد في وجه الاتجاه المزاود الذي مثله
صلاح بدرالدين الذي لم يبق له أثراً يذكر سوى بعض اليتامى المتناثرين هنا وهناك،
كما ان بدرالدين نفسه ترك العمل الحزبي وخرج مرغماً من بين صفوف الحركة الكردية بعد
ان فقد دوره وبات معزولاً عن الجماهير، ولهذا يقول حسين في رده بالحرف ويتحسر
بمرارة على (غياب صلاح بدر الدين منافس عبدالحميد درويش وعدوه اللدود)، في الوقت
الذي يقول بأن: (عبدالحميد درويش ظل متمسكاً بقيادة حزبه واحكم السيطرة عليه، وعلى
قيادة مجمل الحركة الكردية السورية، معتمداً على جرأته في التعبير، ووضوح رؤيته،
وعدم الرضوخ للإرهاب الفكري، ولم يعدم وسيلة لاستعادة الأضواء وجعل الآخرين يدورون
في فلكه، لخبرته بالسياسة الكردية ودهاليزها،.. قد فجر قنبلة من العيار الثقيل أربك
بها المشهد السياسي الكردي السوري..) فبالرغم من إنه يريد بهذه العبارات ذم الرفيق
حميد درويش وحزبه إلاّ أنها تتضمن بين سطورها مديحاً وإقراراً بالحقيقة التي لايمكن
حجبها بغربال، فإن حميد درويش مازال يقود تياراً رئيسياً في الساحة الكردية، وصوته
مازال مسموعاً بالفعل ومؤثراً على الرأي العام الكردي في سوريا، وهو السياسي
المخضرم والخبير بهموم شعبه وطموحاته، والممارس للسياسة كفن الممكن دون أن ينجر خلف
الشعارات الخلبية المخادعة، ودون أن يرضخ للإرهاب الفكري الذي ظل يمارسها المضللون
كوجه آخر للشوفينيين.. ولا نقول هذا من فراغ وإنما الواقع الذي نعيشه اليوم يعكس
هذه الحقيقة ويؤكدها.
—————–
* عضو اللجنة المركزية للحزب
الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وممثله في إقليم كردستان
العراق.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…