قِرَاْءَةٌ أَوَلِيْةٌ فِي نَتَائِجِ اَلْمُؤْتَمَرِ الْثًّالِثِ للْمَجْلِسِ الْوَطَنِي الْكُورْدِي

اكرم حسين

لَمْ يَعُدْ الحديث ْعنْ تأَزمِ الحالةٍ
الكورديةِ السوريةِ كافياً لتحديدْ معالمها وتبيانْ اسبابِها وكيفيةِ
تجاوزِانعكاساتها ،للخروج من حيز القول والتشخيص الى حيز العمل للحد من  فداحة
المأساة  التي ألمّت بالشعب الكوردي واستنزفته بشرياً واقتصادياً واجتماعياً،في ظل
 تشعّبِ القضيةِ السوريةِ وعدم وجود أي أفق لحل الأزمة ،ووضع حدّ لهجرةِ الشبابِ
والكفاءات ِ، واعادةِ مركزٍ القرارِ للداخل الكوردي السوري .
كما لمْ يعد خافياً
على احدٍ ما وصلَ اليه ِحال المجلسِ الوطني الكوردي بعدَ اربعِ سنواتٍ من تأسيسه
بعيداً عن الانتظامِ والمأسسةِ ، بسببِ تسارعِ الاحداثِ وتطورِها ، وما اوحتْ به من
اوهامِ للكثيرينَ من احتمالِ امكانيةِ الحسمٍ المبكِر لصالح الثورةِ واهدافها في
الحرية والكرامة وانهاء الاستبداد،
 ورغم انغماس الكورد في الثورة ودخولهم الائتلاف عبْرَ وثيقةٍ برنامجيةٍ تحفظُ
للكوردِ بعضاً منْ حقوقهم ومطالبهم الا ان تاثيرهم لا يزال محدوداً بسبب ضعف اداء
المجلس الوطني وتقاعسه عن القيام بواجباته ، خاصةً بعد تحرير مدينة كري سبي ،
واتهام الكورد بالتهجير والتطهير ورفض تركيا والائتلاف انشاء اي كيان في الاقليم
الكوردي السوري ، رغم توافق المصالح بين الكورد والتحالف الدولي في محاربة الارهاب
الداعشي مما سمح بسيطرة القوات الكوردية على  الاراضي التي انسحب منها التنظيم ،
وادى الى خلق اشكالية جديدة في الوعي الوطني والعربي ، تمثلت باتهام الكورد باحتلال
مناطق من الاراضي السورية بغية تاسيس دولةٍ كورديةٍ ، متناسينَ بان الكورد جزءٌ
اصيلٌ منْ مكونات الشعب السوري و لهم الحق بالدفاع او تحريرايُ منطقةٍ على غرار
الجيش الحر الذي يقوم بالعمليات العسكرية في كافة الجغرافيا السورية ؟ وما ينسب الى
الكورد من اتهامٍ باستغلالِ الازمة هو موقفٌ استئثاريٌّ اوشوفينيٌّ بعيدٌ  عن
الواقعِ تشتركُ فيه السلطةُ والمعارضةُ يكشفُ زيف شعارات الديمقراطية والمساواة
والاخّوة وحق الشعوبِ في تقريرِ مصيرها عندَ غلاةِ الشوفينين امثال جعارة واللبواني
وكيلو وغيرهم !! وبقراءةٍ سريعةٍ لنتائجِ المؤتمِر يتجلى فشلهُ في التصدي
لاستحقاقاتِ المرحلة وتلبيةِ امال وطموحاتِ “الكتلة المنسية “(اصحاب المشروع القومي
الكوردي) وسيطرةِ بعضِ المتنفذينَ على مفاصلِ القرارِ، ناهيكَ عن تجميد الحزب
الديمقراطي التقدمي عضويتهُ في كافةِ لجانِ المجلسِ ،رغمَ ان قيادةِ الاقليمِ
متمثلةً بالرئيس مسعود البارزاني لمْ يدّْخْرجهداً في الاهتمامِ والتفكيِربالاقليمِ
الكوردي السوري وتقديمْ ما يلزم على الصعيد المادي والعسكري والدولي وحلِ مشاكل
كورد سوريا وتوحيدْ صفوفهمْ ومواقفهمْ رغم كل مشاكل الاقليم الداخلية والخارجية
،لارتباط كورد سوريا تاريخياً بالعائلة البارزانية.                            
 انَّ اهمْ انجازْ للمؤتمْر يكمنُ في الحفاظِ على الذاتِ
وعدمُ انفراطِ عقدهِ ،وكلُ ما يقالُ بروبغندا اعلامية لا تقدمْ ولاتؤخرْ رغمَ
توسيعِ المجلسِ،واضافةِ احزابٍ لا حولَ لها ولا قوةَ، واتخاذْ قرارِ باعتبارِ
بشمركة َكوردستان سوريا جزءاً من القواتِ التابعة للمجلسِ لذرِالرمادِ في العيونَ ،
واسكاتِ الاصواتِ المطالبة  بدخولهم ، والقفز عن المشكلاتِ السياسيةِ والتقنيةِ
والماليٍةِ، فالمجلسُ الوطني الكوردي مطالبٌ اليومَ بالعودةِ الى الحوارِ والتفاهمِ
 لتفعيلِ اتفاقيةَ دهوك ، وخاصةً الشقِ العسكري منها ، لحلِ مشكلةِ البشمركةَ ،
والعبور لتحقيقِ استحقاقات ِالمرحلة ِ، واعادةِ الاملِ لملايينِ الاعينِ الكورديةَ
التواقةِ لوحدة ِالصفِ وحلِ القضيةِ الكورديةِ ، وهنا يبرزُ دوُر المثقفِ الكوردي
في تحقيقِ التوافقِ والبحث عن البدائلِ الممكنةِ منْ خلالِ الحركاتِ القائمةَ،
والسعي الى تفكيكِ براغي القديمِ والعمل على بناءِ الجديد الكوردي بما يتلائمُ مع
حركةِ التاريخِ ومصالحِ الشعبْ الكوردي وتطلعاتهِ القوميةِ والديمقراطيةِ ، وفي هذا
السياقِ يمكنْ تسجيلَ الملاحظاتِ التاليةَ:
1- انعدامْ الثقة بينَ اطرافِ المجلس
الوطني الكوردي ( تجميد التقدمي في اللجان –رسالة طاهر صفوك).
2 – هيمنةُ بعضِ
الاطرافِ على انتخاباتِ المكوناتِ المستقلةِ، وممارسةُ الارهابِ وفرضُ اجنداتٍ
معينةٍ في عملياتِ الاختيارِ.
3- تمريُردخولِ بعضُ الحزبيين للمؤتمرِ على حسابِ
المكوناتِ المستقلةِ .
4- المزاجيةُ والمحسوبيةُ في قبولِ طلباتِ الانضمامِ
للمجلسِ، وعدمُ فسحِ المجالِ لانضمامِ  شخصياتٍ او كفاءاتٍ لها وزنها الثقافي او
الاجتماعي او السياسي.
5- ترحيلٌ الملفاتِ الساخنةِ من المؤتمِرالى الامانةِ
العامةِ ،وعدمُ القدرةِ على الحسمِ لخضوعِ هذه الملفاتِ للمساومةِ والمحاصصةِ
(مؤتمر الترحيل)
6- محاولةٌ تشكيلِ تكتل ثلاثيٍّ منْ احزابِ pdk-s-التقدمي
-يكيتي للاستئثارِوتقاسمِ الحصصِ والمناصبِ والاستفرادُ بقيادةِ المجلسِ تحتَ
مزاعمِ تشكيلِ مركزِ قرارٍداخلي في المجلسِ 
7- غيابُ الياتٍ واضحةٍ ومحددةٍ
للعملِ اليومي والخدمي ،وغيابُ الاستراتيجيةِ الكوردية في كل ما يجري وما يستجدْ من
احداثٍ ،والاكتفاءُ بما تقررهُ اجتماعاتِ الامانةِ العامةِ او اجتماعاتُ المجلسِ
.
8 – مسكُ العصا منَ المنتصفِ ، وعدمُ قولِ الاشياءِ بمسمياتها ،وضعفُ
الانخراطِ في الثورةِ بحجةِ عدمْ تعرضِ المنطقةِ للخرابِ والدمارِ لتبريرِ تقاعسِ
المجلسِ ، متناسياً بانَ كلُ ثوراتِ العالمِ رافقها الخرابُ والدمارُ والقتلُ
والتشريدُ بما فيها الثورةُ الفرنسيةُ والثورةُ الاشتراكيةُ في روسيا  اللتان
اصبحتا فيما بعدْ نموذجاً للتقدمِ والاستقرارِ.
9 – الْحِفَاظُ على الشَخْصِياتِ
والوجوهِ القديمةِ داخلِ المجلسِ (الاحزاب) ، ممنْ اثبتوا عجزهمْ وقصورهم الذاتي
منذُ تأسيس المجلسِ وكانوا سبباً في عطالتهِ وعدم ْتبلورِ خطهِ السياسي والتنظيمي. 
10-  زَرْعُ الاحباطِ واليأسِ والتشاؤمِ لدى قطاعاتٍ واسعةٍ من ابناء الشعب
الكوردي ممنْ راهنَ على المؤتمرِ الثالثِ وتتطلعَ الى تفعيلِ دورِالمجلسِ.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…