ايران وتركيا ونحن الكورد

كاسي يوسف

كثيرة هي الآراء والتحليلات التي تنشر حول
الوضع القائم في سورية والمنطقة عموما ويبدو جليا ان كل محلل وصاحب راي انما يرشح
ما يحسه،او يتوجسه،او يراه،او يتوقعه 
ولاننا نحن الكورد جزء اساسي وعنصر فاعل
في معادلة التغيير فاننا نلاحظ ان التدخلات الكثيرة في شؤوننا ومصيرنا انما تاتي من
الجوار السالب،والمغتصب لكوردستان،وبدرجات متقاربة  
تركيا تحاول ان تمنع الكورد
من  الاستفادة من الفرصة المؤاتية،وتشدد على ضرورة بقاء الاقليم وفق مصالحها،وحماية
وحدتها الداخلية،وهي التي تمتلك اكبر ترسانة  سلاح, وعديد  جيش ،من بين الدول
المحيطة، والمتداخلة مع كوردستان ، 
وشكلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة نوعا من فقدان للتوازن عند الحكومة التركية،
اذ حصد حزب محسوب على الكورد داخل تركيا لاول مرة عدداً من المقاعد أكثر مما ينبغي
لتركيا المنغلقة على المسألة الكوردية ،حسب ما تعتقد الحكومة التركية,النائمة
والمتخلفة عما عملته وخططت له ايران ,في المنطقة لا و بل داخل تركيا ايضا
فاذا
ما نظرنا الى الخارطة الجيوبوليتيكية المتداخلة ,من ايران وحتى البحر المتوسط, ومن
اليمن  وحتى البحر الاسود سنجد ان ايران متغلغلة في كل دولة وكل اثنية وكل
طائفة,وكل قرية.
فالتوزع الطائفي في تلك المنطقة توحي بتنامي ايران وتصاعدها,في
كل الدول تقريبا,اذ  نجد انها تمول وتستقطب ابناء الطائفة العلوية والشيعة بشكل
ملفت,وشكلت ايران لنفسها مخالب وانياب ,وذيول وارجل بديلة,في تلك الدول,ولكل أداة
منها مهمة تستند اليها ايران في الملمات وايام الازمات, فتحركها كاعضاء وجماعات وهي
كلها اوراق بيد ايران,ففي تركيا يتواجد حوالي العشرة ملايين علوي من كورد ومن عرب
ومن اتراك,ولاؤهم لايران اولا,بالاضافة لحزب العمال الكوردستاني,الذي يعمل كمنظمة
ناشطة من اجل كبح معارضي ايران من الكورد اولا في المنطقة الكوردية,وفرملة
الدينامية الطبيعية لحصول الكورد على حقهم في اقامة دولة وكيان مستقل في
المنطقة,كونها ستكون شوكة في قلب ايران,تلك الدولة الكوردية لو تحقق قيامها
واعلانها
  وفي الآونة الاخيرة نشط الحزب المذكور بشكل ملفت في ملاحقة معارضي
نظام الاسد في  سورية,عبر تهجير العنصر الكوردي بطريقة خبيثة,عندما أعلن الجناح
العسكري لحزب العمال الكوردستاني  فرع سوريا التجنيد الاجباري وفرض حمل السلاح(سلاح
النظام الحاكم ,تحت مسميات اخرى)على كل الشباب الكورد ,بمقابل علاقات مفضوحة مع
اجهزة المخابرات والنظام الامني السوريين,لا وبل حماية الحزب المذكور لعناصر الامن
في المدن السورية؟؟………………….
   وتم تهجير اكثر من نصف سكان
كوردستان سوريا نتيجة لحرب غير مفهومة بين اتباع النظام من منظمات ارهابية,وبين ال
ي ب ك التابعة لحزب العمال الكوردستاني,المغطى امنيا من قبل نظام الحكم في
سوريا,كما ان حزب ب ج ا ك.  و هو فرع الحزب المذكور في ايران,وقف ضد مظاهرات اكراد
ايران في مهاباد في الآونة الاخيرة بشكل علني,عندما ثار الكورد هناك ضد استبداد
نظام الحكم الايراني.
وكل ما يقوم به حزب العمال الكوردستاني ينم عن علاقة غير
طبيعية بينه وبين ايران,سواء في ايران او في العراق او في سورية وفي تركيا ايضا
.
ان تصرف ايران وتركيا في المنطقة وتحركاتهما ,توحي للمتتتبع انهما يعرفان ان
المستقبل يحمل في طياته قيام كيان كوردي ,سيكون بمحاذاة الشريط الحدودي مع تركيا من
الجانب السوري,وسيصل بين معبر سيمالكا على الحدود مع كوردستان العراق وحتى البحر
المتوسط ,ولذلك نجد ان ايران تؤيد هذا المخطط بشروطها,عبر تفريغ كوردستان سورية من
معارضي ال PYD بكل السبل والوسائل,لتبقى المنطقة آمنة لايران ومخططاتها,وكذلك ايضا
تحاول زعزعة اقليم كوردستان العراق,وعرقلة مسيرة القائد القومي مسعود البرزاني عبر
خلق اجواء مشحونة بين الفرقاء هناك, ولاسيما حزب زوجة الرئيس العراقي السابق الزعيم
الكوردي المنسق والمستعفى عنه جلال الطالباني ,بالاضافة لبعض مسترسلي اللحى ,من
اصحاب احزاب اسلامية من اتباع ايران في كوردستان العراق ,بالاضافة لحركة كوران
المنشقة عن حزب الطالباني سابقا .
    فايران تحاول ان تجعل من منطقة كوردستان
التابعة لكل من العراق وسوريا,جزرا ضعيفة لتسهل السيطرة عليها ,كونها من افضل
الخيارات بالنسبة لايران,في المنطقة ,لتوافر اليد العاملة الرخيصة,من ابناء الشعب
الكوردي,ممن يبيعون الذمم لايران,وهي ترصد لهذا الطريق المعبد بال ب ي د وال ي ن ك
كل طاقاتها,وتحاول ازاحة البرزانيين بشتى الوسائل ,لضمان سلاسة نقل كل شيئ عبر
كوردستان وعلى نفقة دماء ابنائها ,الى ساحل سورية الدلل لديها. 
أمام هذا
المشروع ,تقوم تركيا بعملية غبية وهي منع الكورد من الوصول للمتوسط ,وفصل المناطق
الكوردية ,عبر محاولة التدخل عسكريا في منطقة جرابلس,وكأنها تقنع نفسها بأنها بذلك
ستقضي على الخطر الكوردي.
واما العرب,فانهم لا زالوا مندهشين من انفسهم كيف أنهم
أفلحوا في ابداع عاصفة الحزم؟التي لم تقدم شيئا جديدا,بل انها لم تؤثر على ايران في
جهة تدخلها في اليمن,بقدر ما أضعفت الموقف العربي,الذين وجدوا أنفسهم ,وحيدين في
مصارعتهم مع ايران,بعد ان بدا الرئيس اوباما فاترا مع السعودية,وغير مبال بصراخها
,ولا مهتم بها,مما دفع بالاخيرةلطلب النجدة,والعون من موسكو, التي كان الخليجيون
يديرون عباءاتهم عنها,وهم الآن أضعف من أن يعاونوا الشعب والمعارضة السوريين,أو أن
يقفوا ضد أي مشروع بديل عن الدولة السورية,كونهم ملتبكون بدعائم بيتهم الذي يكاد
ينهار عليهم,وتجدهم سكارى وما هم بسكارى ,من هول المصيبة التي حاقت بهم في عقر
دارهم,وهم الآن مستعدون لبيع كل الشعب السوري مقابل امن وسلامة خليجهم وآبار
بترولهم وبطونهم المتخمة.
تبدو ايران الاوفر حظا الآن,ولا سيما انها تخطو نحو
انهاء العقوبات عنها,وبذلك ستقبض مليارات من الدولارات,من اموالها المحجوزة,والتي
ستغدق بها على اتباعها المذكورين,والغير مذكورين,وستعزز من حلفها,وستكسب الكثير من
المعارك,ان أرادت لها امريكا واسرائيل ذلك,لأننا وفي الأخير علينا دائما ان نعي ان
كل الامور تجري وفق تخطيط اوسع وابعد واكبر من ايران وتركيا والسعودية.
ما يهمنا
نحن ابناء الشعب الكوردي هو ان لا نخرج من هذه المعادلة خاسرين كرة اخرى,بل علينا
ان نتفق وننهي تبعيتنا لايران,وان يكون ولاؤنا لمستقبل اطفالنا ولوطننا
كوردستان,لعلنا نصبح في القرن المقبل اسياد انفسنا بعد طول استعباد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…