تجار السياسة (ليس دفاعاً عن بير رستم)

شمدين كرداغي

في الوقت الذي تحاول فيها الحركة الكوردية العمل على إيجاد مرجعية كوردية تجتمع تحت سقفها جميع الأحزاب والمنظمات السياسية والثقافية منها، لإزالة الغبن عن كاهل هذا الشعب الكردي المضطهد، نسمع من هنا وهناك سجالات وردود عقيمة تؤثر على العمل الوحدوي بين الأحزاب والمنظمات، وهذا ما سنتناوله من خلال مقالتنا هذه.
حيث أن في الفترة الأخيرة كثر الحديث عن إمكانية حدوث مشروع مشترك بين كل من حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا “يكيتي” والتي يترأسها الأستاذ محي الدين الملقب بشيخ آلي والحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) والتي يترأسها الأستاذ محمد نذير مصطفى، لكن وللأسف الشديد كان حالهم يشبه حالة الحمل الكاذب، وتزايد هذا (الصراع) بين الحزبين المذكورين بعد نوروز عام 2007، وذلك بسبب خروج حزب الوحدة عن قرار الإجماع السياسي التي اتخذتها كل من الجبهة والتحالف ولجنة التنسيق بالإضافة لمجموعة أحزاب أخرى وذلك لعمل نوروز مشترك، وكأن يوم نوروز هو يوم مثبت على الأحزاب في السجل المدني، كل على حدة يقوم باحتكاره على حسب مصالحه الحزبية، يجب أن لا ننسى بأنه يوم شعبي يحتفل فيه جميع الشعب الكوردي ليس في غربي كردستان فقط وإنما في جميع أجزاء كردستان الأربعة وفي الدول الأوربية التي تحتضن الجاليات الكردية.


ولكن فاجأنا في الفترة الأخيرة مقالاً نشر على موقع “welatê me” يحمل العنوان التالي: “صديق أحمق أخطر من عدو شرس” لكاتبه جانشير سنجقي، لا أعلم إن كان الاسم مستعاراً أو مركباً أو حتى … ، ولكن من خلال سؤالي عن الاسم توضح لي بأنه عضو بارز في حزب الوحدة، ما لا يقنعني هو كيف لشخص مثل هذا الذي نتكلم عنه ينشر مقالاً تحت اسم مستعار، أليس (هو) من يحمل القضية على كتفيه!؟
كان المقال رداً على الأستاذ بير رستم بسبب كشفه للحقيقة، حقيقة الوحدة وخروجه عن الإجماع السياسي، وللأسف الشديد نرى في المقالة للسيد سنجقي كلمات وجمل لا تليق بمستوى الكاتب مثل ” في أجواء التفاؤل هذه نسمع و نرى من يخلط الحابل بالنابل أمثال السيد بير رستم الذي يبدو انه قد حن إلى ماضيه (البعثي الشمولي) متشدقا بمفاهيم تجاوزها الفهم و الزمن “. أوليس هذا إجحافاً بحق الكاتب بير رستم وتاريخ الرجل في حقلي الثقافة والسياسة يكفيه ويرد على كل هذه الترهات، هذا أولاً وثانياً خسارة للقضية، بأن نتبادل بالتهم والمزايدات على حساب ثلاثة ملايين كردي في هذا الجزء من كردستان الملحق بالدولة السورية، أم أن ثقافة إلغاء الآخر هي المتداوله حالياً في سوق (السياسة) السوداء؟
وفي فقرة أخرى يذكر السيد سنجقي : “يؤسفني أن أضم السيد رستم إلى تيار الضغط الأمني ولكن أعود و أتراجع عن هذا الاحتمال كون الذي أتحدث عنه يفتقر إلى الذكاء والفطنة السياسية التي فر منها (العمل السياسي) منذ سنوات طويلة و التجأ إلى الأدب حيث لا ضابط فيه”.  إن مثل هذه الاتهامات الباطلة والتي لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة، يخرجنا من النص ويجعلنا نغور في فضاءات المتخيل، ولكن السؤال: هل السياسة وحدها تكفي لإزالة الغبن عن كاهل شعبنا الكردي؟ هذا ما أتمناه من سيد جانشير أن يجاوبني عليه ويجاوب ثلاثة ملايين كوردي، أوليست السياسة جزء من الأدب أم أنها فن المزايدات والحيل والكذب!؟ وحرصاً على عدم حصول التباس في مخيلة القارئ  في هذا الموضوع أو “يخلط الحابل بالنابل” كما يقول السيد سنجقي، نعيد نشر نص الرسالتين التي تبادلاها كل من حزبي الوحدة والبارتي.


نص رسالة حزب الوحدة إلى حزب البارتي:
“الأخوة في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )، تحية أخوية وبعد: توضيحاً لموقف حزبنا ومنعاً للالتباس، وحرصاً من جانبنا على العلاقات الودية والعمل المشترك بين حزبينا الشقيقين، نؤكد لكم تصوراتنا بصدد تشكيل لجنة مشتركة بين حزبينا، تمهيداً للدخول في حوار وحدوي ناجح وهي:
1- أن يكون الحوار الوحدوي بإشراف القيادة.


2- أن يكون الحوار محدوداً بسقف زمني.


3- أن يكون التمثيل نسبياً لجميع مناطق وفروع الحزبين في المؤتمر التوحيدي.


مع فائق التقدير والاحترام”.

نص رسالة حزب البارتي إلى حزب الوحدة:
“الأخوة والرفاق في الهيئة القيادية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا ((يكيتي)) تحية رفاقية وبعد:
يسعدنا أن نجيب على رسالتكم الأخوية المؤرخة 24/6/2006 مع إعلامكم بأن التأخير في الرد عائد لأسباب أصولية تنظيمية.

نعتقد أن العلاقات الثنائية الودية التي كانت ولا تزال قائمة بيننا، تغني عن تشكيل لجنة تنسيق مشتركة بين حزبينا وفي مقدورنا الدخول في الحوار الوحدوي فوراً، وقد سبق للجنتنا المركزية أن اتخذت قراراً بهذا الخصوص وسمت لجنة من بين أعضائها لإجراء المباحثات الوحدوية، وقام سكرتير حزبنا بتبليغ رئيس حزبكم في دمشق بهذا الخصوص.

نأمل أن تقوموا بتشكيل لجنة خاصة لإجراء مباحثات الوحدة أو إبلاغنا إذا ما كنتم ترون غير ذلك.

وفقكم الله، وتقبلوا فائق تقديرنا”.



لاحظوا البند الثاني من رسالة حزب الوحدة إلى حزب البارتي، وهي عدم التقيد بفترة زمنية كافية لإجراء المحادثات والحوارات والتي تحدد فيما بعد بستة أشهر، إن كانت هناك نية في العمل الوحدوي، لا أعتقد أن مدة ستة أشهر كافية لمثل هكذا حوارات بل قد تمتد إلى سنة أو أكثر لبلورة المشروع الوحدوي، ولماذا التقيد بفترة زمنية محددة ..؟
أما البند الثالث من الرسالة، فهي توحي بأن حزب الوحدة تشرط شروطها بكل الشمولية وكأن شيخ العشيرة يفرض قانونه القبلي البدوي الأزلي على رعيته، بحكم هو الناهي والمنكر في هذا الأرض ..! ورغم كل هذه الصراعات التي دارت بين الحزبين ومازال، نجد بوادر الخير في (البارتي) من خلال توقيعه على بيان “بيان إلى الرأي العام حول (الانتخابات) التشريعية” مع حزب آزادي والهيئة العامة للتحالف والجبهة الديمقراطيين الكرديين في سوريا والذي يكون حزب الوحدة مشاركاً فيها.
كل ما أتمناه من أصحاب الضمير والقلم هو عدم الإنجرار إلى مثل هكذا خطاب أو بالأحرى إلى مثل هكذا ترهات، فهناك شعب مضطهد يحتاج إلى نيل حقوقه القومية ويجب أن نعمل سوياً لتثبيت هذه الحقوق لا أن نقوم بشرذمة القضية وتفكيكها إلى مجموعة الميكانو الناقصة، علينا أن نعلم بأن كل واحد من الأحزاب الكردية يحمل جزء من الحقيقة… أعود وأؤكد بأنه من دون قبول الآخر لا يمكن أن نصل إلى ما نطمح إليه..

ومن دون أن نخرج من عمامتنا الحزبية الضيقة لا يمكن أن نعيش كإنسان..

وعلى المرجعية الكردية السلام…

و” كفاك إلهي ..

إنهم أكرادك ..

” .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…