لخّص حديثك في دقيقة وربع

صبري رسول

قد يكون حدسُ النّاس البسطاء أكثرُ صواباً
من تحليلات السّاسة المتدثّرين بمعاطف الصّبر والواقعية.
فكان الزّخم الشّعبي
الهائل له في بداية انطلاقته قوياً، أمدّ الجميعَ بالأمل الكبير، والتّفاؤل
المُفرَط، وعندما وجدَ النّاس التّرُّهل الذي أصابَ مفاصلَه، والشّيبُ الذي اشتعل
سريعاً بشعره، شعروا بأنّ قضيتَهم سُرِقتْ منهم، فابتعدوا عنه مُكرَهين. حدسُهم
أقوى من رؤيا السّاسة. تيقَّنوا أنَّ منْ يعوّل على المجلس الوطني الكردي كمَنْ
يعوّل بثقة على عشيق أمه، في بناء المستقبل له.
مؤتمرُ المجلس الوطني الكردي لم يكن سوى مؤتمرٍ لجمع عدَدِيٍّ من النّاس، لاكتساب
الشّرعية من حضورهم في محفلٍ لا يلبي طموحات أحدٍ. مؤتمرٌ تأخَّرَ عن موعده سنة
ونصف، فعُقِد على عجالة بعد إحالة ملفاته إلى لجانٍ فُرّغ من مضمون
وجودها.
حضرَهُ مئتان وواحد وخمسون عضواً، وغاب خمسة وثلاثون نتيجة ظروف التنقّل
بين المناطق الجغرافية في البلاد، واستغرق المؤتمر لمناقشة جدول أعماله 420 دقيقة،
منها 114 دقيقة لأربع استراحات ووجبة غداء، والوقت المتبقي يتيح لكل عضوٍ الحديث
مدة دقيقة واحدة و21 ثانية.
لذلك كانت القرارات التي خرج بها هذا المحفلُ الذي
انتظره الشعب الكردي في سوريا والشّتات كانت عبارة عن تشكيل لجنتين وقبول أعضاء جدد
فيه. جاء حجم القرارات على مقاس كاريزما قياداته، الباحثين عن مُهرّبين مؤمنين
يملكون مهارة شمّ المسالك الآمنة لعبور أولادهم.
صحيح أنّ وجوهاً كثيرة تغيّرت
في المجلس المُنتَخب، وصحيحٌ أيضاً أن اللجنتين المخولتين لإنجاز البرنامج السياسي
والنّظام الأساسي وضعتاهما بين أيد المجلس، لكن من المؤكّد أنّ عقدَ الآمال الكثيرة
على خطواته السُلَحْفاتية كآمال العجوز التي ستحصد العِهْنَ المنفوش من بين أنياب
الشّوك في نهاية الخريف، لصنع أثاث البيت.
أرى أنّ بناء تحالفٍ جديد يجمع بين
أحزابٍ تؤمن بالقضية وتناضل من أجلها وبين فعالياتٍ مجتمعية حقيقية، مثقفين،
ومهنيين، ونشطاء من الشباب والنّساء سيكون الرّكيزة والنواة لبناء قوة سياسية تتّخذ
من النهج الكردايتي، نهج الخالد بارزاني منهلاً تستمدّ منه قوته
وعزيمته.
الخطورة الكبيرة تستدعي البحث عن البديل على أنقاض المُتهدّم، إن لم
يكن ترميمه مُمكناً ومكلفاً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…