إحدى وأربعون سنة من الحزام العنصري

 في 24 حزيران 1974 قام حزب البعث الحاكم في سوريا بإصدار  قرار تحت رقم 521
الذي يقضي بتوزيع أراضي استولت عليها الدولة من ملكيات 335 قرية كردية في محافظة
الحسكة، من حدود كوردستان العراق حتى الغرب من سري كانيي ( راس العين )، على
مستوطنين عرب جيء بهم من محافظتي حلب والرقة (حوض الفرات) وذلك بعد حرمان السكان
الكورد الأصلاء من أبناء المنطقة من هذه الأراضي التي عملوا فيها أباً عن جد، بل
قام البعث الشوفيني ببناء 41 مستوطنة عربية على نفقة الدولة وإسكان ماسمي بعرب
الغمر ( من محافظة الرقة اللذين غمرت اراضيهم بمياه سد الفرات ) فيها.
كانت
البداية  بالاستيلاء على أراضي الكورد تحت مسمى مزارع الدولة بين عامي عام 1966-
1967 ثم سلمت جزءاً منها إلى المستوطنين العرب خلال عامي 1974- 1975 وقد بلغت
المساحات المستولى عليها ما يقارب 138835 هكتاراً من أخصب الأراضي التي تقع في
مناطق الاستقرار الأولى، وأبقت بمساحات أخرى تستثمرها ما سمّي بمزارع الدولة دون
معرفة إلى أين تذهب مواردها.  
إن عملية الاستيلاء هذه الموسومة بالعنصرية والسلوك الشوفيني الواضح تجاه الكورد لم
يكن الا بقصد إحداث تغيير ديموغرافي في كوردستان سوريا وخلق اسفين في الجغرافيا
السياسية لكوردستان سوريا، هذا السلوك الانتقامي والحاقد تجاه الكورد يعتبر خرقاً
واضحاً لجميع القوانين والمراسيم الوضعية والسماوية،  وخلال هذه العقود الأربعة من
الزمن، عانى شعبنا الكورد من الفقر والعوز والحرمان والإقصاء الممنهج ، وبالرغم من
ذلك فقد صمد ولم يستسلم الشعب الكوردي للأمر المفروض والواقع، يقيناً منه بأن
المطالبة بالحقوق المشروعة لن تخمد مع الزمن وأن المطالبة بحقوق الشعوب ليست لها
فترة انتهاء الصلاحية بل هي نضال دائم ودؤوب وليست ملفات جنائية تسقط بالتقادم،
واليوم إذ تمر الذكرى الحادية والاربعون للحزام العربي المشؤوم، فما زال شعبنا
الكوردي مصمم على الاستمرار في النضال الصلب من أجل استعادة حقه المشروع والمغتصب
من قبل نظام عنصري حاقد والذي أثبت فاشيته في زمن الثورة السورية المباركة.  
وبهذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نتذكر الموقف القومي الوفي لقيادة حزبنا
بالتصدي لهذه المؤامرة الدنيئة وهذه القرارات الشوفينية بحق شعبنا الكوردي في
كوردستان سوريا من طمس لهويته القومية وإنكار لوجوده على أرضه التاريخية، حيث تعرضت
قيادة الحزب الى الاعتقال من قبل السلطات الأمنية البعثية العنصرية لأنهم لم
يتنازلوا عن شرعية الحقوق الكوردية ولم يقبلوا الإذعان للقرارات الشوفينية المتمثلة
بقانون الحزام العربي اللاإنساني وتوطين عرب الفرات (عرب الغمر) وبقوا سنوات عدة
تحت التعذيب صامدين متمسكين بموقفهم الصريح والواضح ضد السلوك العنصري لحزب البعث
الحاكم في سوريا. 
إن حزبنا وفي هذه الذكرى المشؤومة يدين دعم وحماية النظام
الدكتاتوري واعوانه لهؤلاء الغمر  ويناشد  كل القوى الوطنية والديمقراطية و
المنظمات الدولية ذات الشأن بحقوق الإنسان، كي تقف الى جانب شعبنا الكوردي في
كوردستان سوريا من أجل أن يستعيد حقوقه المشروعة وإلغاء ودفن كل المشاريع والقوانين
الشوفينية والإقصائية المتخذة بحقه دونما وجه حق، ودعمه في حقه في تقرير المصير حسب
العهود والمواثيق الدولية المتعارف عليها.   
إن الأراضي المستولى عليها بل
المغتصبة  يجب أن تعاد إلى أصحابها مع  تعويض المتضررين من هذه الإجراءات
والقوانين، والالتزام بإعادة المستوطنين العرب إلى مناطقهم في حوض الفرات، وهذه هي
الضمانة الوحيدة للاستقرار وتحقيق العدالة التي طالب بها وما زال شعبنا الكوردي
وخاصة بعد أن أصبح جزءاً من الثورة السورية التي من مبادئها العيش بحرية وبكرامة
وعودة الحقوق الى أصحابها .
تحية الى المناضلين الكورد الذين ناضلوا وقضوا في
السجون من أجل عودة الحقوق الى أصحابها
تحية الى نضال شعبنا الكوردي من أجل حقه
في تقرير المصير
تحية إجلال وإكبار لشهداء الكورد وكوردستان
قامشلو 24/
6/2015
المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعيش منطقة الساحل – بحسب ما يردنا من معلومات شحيحة – حالة حصار كبير، بدءاً من قطع الماء والكهرباء والإنترنت، إلى إغلاق الأسواق التي تعرضت محالها للنهب، وصولاً إلى إطلاق نيران القناصة العشوائي على المارة، وهو ما شهدناه سابقاً في منطقة الجزيرة، بل في المناطق الكردية خلال فترة الانتفاضة الآذارية2004، التي حلت ذكراها يوم أمس، بعد…

فواز عبدي   لطالما بدت بعض تصرفات الطغاة في بداياتهم أشبه بالمسرحيات الهزلية أو “لعب العيال” كما يقول المصريون، حتى يظن الناس أن ما يجري مجرد مزحة ستنتهي قريباً. لكن المأساة تبدأ عندما تتحول هذه “المسخرة” إلى حقيقة على أرض الواقع، محمية بقوة السلاح، ومدعومة بدعاية تروج لها كأنها مشروع وطني أو قانون لا يقبل الجدل. كثير من الأنظمة الاستبدادية…

د. محمود عباس هل يرسّخ أحمد الشرع حكمه للأبد؟ أربع نقاط في مسودة الدستور السوري الجديد تهدد الديمقراطية والتعددية في سوريا. مسودة الدستور السوري الجديد، التي وقع عليها السيد أحمد الشرع بصفته رئيس الجمهورية العربية السورية، تمثل خطوة أخرى في مسار تدمير الديمقراطية في سوريا، إذ تؤسس لدستور لن يدوم إلا بقدر بقاء النظام الذي وضعه، تمامًا…

إبراهيم اليوسف تُعتبر الدساتير المرجعية القانونية الأسمى في الدول، حيث تحدد شكل النظام السياسي، وتؤطر العلاقة بين السلطة والمجتمع، وتؤسس لمبادئ المواطنة والحقوق والحريات. غير أن بعض الدساتير، ومنها مشروع الدستور الجديد للجمهورية السورية، التي يقدمها الدستور بأنها” الجمهورية العربية السورية” يحمل في طياته تناقضات جوهرية بين النصوص المعلنة والغايات الفعلية التي تهدف السلطة إلى تكريسها، بتدبير تركي…