مشاهدات ( مجزرة عامودا ) 1/3

مظلوم
قرنو

 
عامودا بلدة كوردية تقع في شمال غرب سوريا
على الحدود التركية ، وهي من البلدات السورية الاوائل التي شاركت وانخرطت بالثورة
السورية منذ بدايتها ، وعبر نشطاءها وشبابها عن انفسهم بالمظاهرات السلمية ، وكانت
محط أنظار الثوار في سورية ، وهي المدينة الاولى التي حطمت تمثال حافظ الأسد لمرتين
متتاليتين ولأول مرة في سوريا في عام ، والمرة الثانية أثناء اغتيال الشهيد
مشعل تمو . وحاول النظام كثيراً إخماد نار الثورة ، ولكنه كان يفشل في كل مرة ،
بسبب إصرار وإرادة شبابها على نيل الحرية والكرامة ، وإسقاط النظام . إلاّ أنّ
النظام لم يفلح  بمحاولاته ، مما اضطر لتسليم المناطق الكوردية لمسلحي حزب اتحاد
الديمقراطي ، جناح  حزب العمال الكوردستاني ، و وفرّ لهم كافة وسائل الدعم من
العتاد والاسلحة والأموال . كل ذلك لقمع الثورة والانتقام من عامودا ومعقابة أهلها
.
 في الفترة الاولى من تسليم المناطق الكوردية لميليشيا ب ي د ، لم يكن لديهم القوة
والتنظيم لقمع الثورة ، فقط كانوا يقومون بمهاجمة المظاهرات السلمية ، وشتم وتخوين
نشطاء المدينة واتهامهم بالعمالة لآردوغان وللسلفيين ، وقيامهم بتشكيل مجموعات تقوم
بخطف الناشطين واقتيادهم لجهات مجهولة ، والاعتداء عليهم بالضرب ، وتهديدهم بالقتل
، وكانوا يرسلون الرسائل التهديدية عن طريق الكتابة على جدران منازل الناشطين ، أو
إرسال رسائل تهدد بقتلهم وتصفيتهم . 
كل هذا السلوك العدائي للنشطاء ، لم يفلح
في قمع روح الثورة في عامودا ، مما اضطرت هذه الميليشيات باستخدام طرق اخرى أكثر
تنظيماً ووحشية ، حيث قامت في يوم الاثنين المصادف لـ // ، بتطويق مدينة
عامودا ، واقتحامها من كل الاتجاهات بأكثر من مسلح ، وأغلبهم ” الملثمين ” ،
ممن يتكلمون اللغة العربية ، توزعوا في أحياء وشوارع البلدة ، ونصبوا حواجز تفتيش ،
وطلبوا من المارة الأوراق الثبوتية الشخصية ، وتفاجأ أهالي عامودا بهذا الحدث
الغريب من نوعه في تاريخ هذه البلدة .
في هذا اليوم ، اعتقلوا ثلاثة ناشطين من
البلدة ، ووجهوا إليهم تهمة تجارة الحشيش والمخدرات ، مما دفع أهالي عامودا الخروج
في مظاهرات عارمة تندد بوحشية هجوم مسلحي ب ي د على المدينة ، واعتبروا هذا الإجراء
إهانة لسكانها ، كما اعتبروه انتقاماً لتاريخها ووقوفهم مع الثورة السورية ، وحاول
وجهاء وقيادات الحركة الكوردية في عامودا ، حل المشكلة عن طريق الحوار  وطلبوا منهم
إطلاق سراح المعتقلين ، إلاّ أن المحاولات باءت بالفشل ، مما اضطر نشطائها أن
يعبروا عن احتجاجهم عن طريق إقامة خيمة للأضراب عن الطعام ، تضامناً مع المعتقلين .
كما كثّف النشطاء من وتيرة المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات ، وتركّزت المطالبات
بالإفراج عن المعتقلين ،  إلاّ أنهم لم يطلقوا سراحهم ، واستمرت المظاهرات 
والاحتجاجات لعشرة أيام ، أُفرج على أثرها عن ناشط واحد من المعتقلين الثلاثة ، وقد
تحدث في اجتماع احتجاجي جماهيري  عن وضعه وأوضاع زملائه في المعتقل ، والوضع الصحي
السيء لزميلهم سربست نجاري . 
بعدئذٍ توجهت المظاهرة باتجاه خيمة المضربين عن
الطعام ، وكان عدد المتظاهرين يفوق  سبعة الاف شخص ، وقبل وصولها للمكان المحدد ،
تفاجأ النشطاء بسيارات عسكرية محملة بأشخاص مسلحين ، وسيارات محملة برشاشات الدوشكا
، تحاول أن تقتحم وسط المظاهرة ، وتم استفزاز المتظاهرين بإطلاق الرصاص لتفريق
المتظاهرين ، الذين كانوا يرفعون شعارات مناهضة لهم .  وبعد أن اجتازوا المظاهرة ،
تجمعت السيارات المسلحة ، وتمركزت في وسط الشارع ، وقاموا باستهداف المتظاهرين
بالرشاشات الخفيفة والثقيلة ، واستشهد في ذلك الحين كل من سعد سيدا ،  ونادر خلو و
شيخموس وتم جرح عشرات الاشخاص ، من بينهم الناشط عزيز قرنو ، والناشط  سوار حتو
 .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف ما أن تسقط الأنظمة الدكتاتورية بعد عقود من القمع والدماء، حتى تبدأ الأسئلة الكبرى بالظهور حول مستقبل المجتمع وما خلفته تلك السنوات من أزمات نفسية، اجتماعية، وسياسية. إذ أنه وبعد أربع عشرة سنة من القتل والدمار، انهار النظام السوري، كما كان متوقعاً، تحت ثقل الجرائم التي ارتكبها، متوهماً أن وصفة القمع التي ورثها عن أبيه ستظل…

اكرم حسين مع سقوط نظام الأسد، واجهت سوريا مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات، تتطلب رؤية واضحة ، وإدارة حكيمة ، لتجنب الانزلاق نحو الفوضى أو التقسيم، وهو السيناريو الذي عانت منه العديد من الدول التي شهدت تغييرات جذرية في أنظمتها السياسية. فالتجارب التاريخية تُظهر أن الفترات الانتقالية غالباً ما تكون مصحوبة بصراعات بين القوى السياسية المختلفة التي شاركت في إسقاط…

شكري بكر بعد قراءة متأنية بالشأن الكوردستاني بشكل عام والكوردي في سوريا بشكل خاص نرى بأن حزب العمال الكوردستاني يعمل مع القضية الكوردية ببروباغندا يهدف لحرمان الشعب الكوردي من ممارسة حقه في تقرير مصيره بنفسه . من هنا نرى بأن الحوار الكوردي الكوردي أن يشمل المجلس الوطني الكوردي كإطار يمثل عدة أحزاب كوردية بالإضافة إلى بعض الكيانات…

إبراهيم اليوسف بين عامين: عبورٌ من ألمٍ إلى أمل…! ها نحن نودّع عامًا يمضي كما تمضي السحب الثقيلة عن سماءٍ أرهقتها العواصف، ونستقبل عامًا جديدًا بأحلامٍ تتسلل كأشعة الفجر لتبدّد عتمة الليل. بين ما كان وما سيكون، نقف عند محطة الزمن هذه، نتأمل في مرآة أيامنا الماضية، تلك التي تركت على جبين الذاكرة بل القلب ندوبًا من الألم والتشظي، وفي…