الامتحانات السورية.. فوضى وغشّ وارتزاق

 أدّت ظروف الأزمة السورية خلال السنوات الأربع الماضية وحتى الآن من انتشار
الفوضى في صفوف الطلاب ، بدءا بالمرحلة الابتدائية وانتهاء بالمرحلة
الثانوية.
وأشارت منظمة (اليونيسيف) إلى أنّ التدهور الحاصل في قطاع تعليم
الطلاب السوريين هو الأسوأ، والأسرع في تاريخ المنطقة ؛ بسبب تشريد وتهجير الطلاب
إلى دول الجوار، وعدم تلقي إمكانية التعليم، حيث بلغ مخيم كوركوسك في كوردستان
العراق (14) ألف من اللاجئين الكورد الهاربين من ظروف الحرب السورية ،ويضم المخيم
أكثر من (2400) عائلة لاجئة غالبيتهم أطفال، ونساء حُرموا من مقاعد الدراسة، وهناك
أيضا مؤسسة (البارزاني الخيرية) أسست مدرسة باسم (جكرخوين) للمرحلة الإعدادية،
والمدرسة الابتدائية أسستها منظمة (اليونيسيف) حيث يبلغ العدد الإجمالي للطلبة في
المدرستين (1864) طالبا وطالبة يواصلون الدراسة. 
وهجرة العقول والكوادر العلمية والتعليمية أثرت على تعليم المجمع السوري، وأكَّد
التربويون إلى أنّ جيلا من الأطفال في هذه الأزمة سيكونون من ضحايا
الأمية.
مديرية التربية بالحسكة أجرت مجموعة من الاجتماعات واللقاءات مع
المسؤولين التربويين الذين سيتولّون الإشراف على الامتحانات، وأكّد هؤلاء المسؤولون
على التّقيد بالتعليمات الوزارية الناظمة للامتحانات وضبط الفوضى فيها، لكنْ هذه
الاستعدادات تشبه ماسبقتها من الأعوام الأربعة الماضية ومارافقتها من فوضى عارمة،
وغش منظّم.
افتتحت امتحانات شهادة التعليم الأساسي وشهادة الثانوية في السنة
الجارية في منطقتي الحسكة وقامشلو الخاضعتين تحت سيطرة النظام في حين منعت في
المناطق الخاضعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي pyd، وفيما يتعلق بأعداد
المسجلين والمراكز الامتحانية أن أعداد المسجلين للامتحانات الشهادة العامة بلغ
42900 طالب وطالبة منهم 22217 مسجلاً لامتحانات شهادة التعليم الأساسي موزعين على
164 مركزاً و20717 مسجلاً لامتحانات الثانوية العامة بكافة فروعها موزعين على 154
مركزا في مدينتي الحسكة وقامشلو حصراً وشهدت هذه الامتحانات فوضى، وتسيُّب، وغش
شملت جميع المراكز الامتحانية. 
أفادت لصحيفة ” كوردستان” طالبة في الثانوية
العامة (ز . ع ) في محافظة الحسكة، أنّ الامتحانات كانت مسيّبة لعدة أسباب، منها:
العدد الكبير للطلاب مقابل القليل من المراكز الامتحانية، وتجوّل الطلاب من قاعة
إلى أخرى بكل حرية وأيضا أكدت الطالبة بدخول ثلاث أوراق من الأسئلة المحلولة داخل
القاعة الواحدة، وأضافت: لو كنت أعلم بأنني سأحصل على الأجوبة بهذه السهولة لما
لجأت إلى فتح الدورات الخصوصية ودفع تكاليف باهظة الثمن للحصول على معدلٍ
عالٍ.
أما الطالبة (خنساء درويش) طالبة التعليم الأساسي في مدينة القامشلي،
أفادت بأن الفوضى فرصة للنجاح كاشفة أنّه تم لهم السماح بالغش وفتح المصغرات ووضعها
على المقاعد دون أي تخوّف لدرجة أنّ أحد المراقبين وقف كحارس على باب القاعة لتسهيل
الغش.
أما المراقبة والمصحِّحة (ي . ع) في محافظة الحسكة أفادت بأنّ اجراءات
المراقبة في الحسكة غير مشدَّدة من قِبل المراقبين؛ بسبب الأوضاع الراهنة والظروف
الصعبة التي تمرّ بها سوريا، وخشيتهم من اعتداءات الأهالي والطلاب عليهم كما حدث في
بعض المراكز، وأيضا يسمحون لهم بالغش لاستغلال الوقت خوفا من حدون أي انفجار في أي
مركز.
 

 موقف الأهالي من حصر الامتحانات في الحسكة
وقامشلو

اندهش الأهالي من حصر المراكز في المدينتين بقرار من وزارة
التربية للحد من الفوضى، لكنْ هذا الوضع خلق حالةً من الارتباك في أغلب الأُسر؛
بسبب الوضع الاقتصادي حيث ترتب على كل طالب بدفع 3100 ل.س للوصول إلى المركز
المحدد، فبعض الأسر تملك أكثر من طالب واحد،  ومن جهة أخرى ولدت حالة نفسية في نفس
الأهالي من حيث الأمان والاطمئنان على سلامة أولادهم وتعبهم الجسدي نتيجة المسافات
البعيدة. 

نصب واحتيال في الامتحانات
تحوّلت فوضى
الامتحانات إلى تجارة وباب رزق جديد لعناصر الأمن وأعوانهم والسماسرة التابعة لهم،
مقابل إدخال ورقة الأسئلة مع أجوبتها داخل القاعة بعد خمس دقائق من توزيعها على
الرغم أنّ أغلب الأجوبة تكون خاطئة.
يترواح سعر المادة بين 10- 15ألف وأحيانا
أكثر بحسب أهمية المادة ومكان المركز الامتحاني وقربه وبعده عن مركز
المدينة.

نتائج الفوضى والغش 
1­-التساوي بين الطالب الذكي
المجتهد والطالب الفاشل
2-خلق جيل من الفاسدين الذين وضعوا الفساد في مؤسساتهم
التربوية.
3-انعدام الاحترام للعلم  والمؤسسات التعليمية.
4-اكتظاظ الجامعات
بالطلاب غير المستحقين والحصول على الشهادات الجامعية بدون تأهيل حقيقي.
5-فقدان
المؤسسات الجامعية العالمية الثقة بالشهادة السورية، مما يؤثر على فرص دراسة
المتميزين في الجامعات العالمية.
6- انتشار خريجين لا يوجد لهم فرص عمل حقيقية
في السوق مما يمهد الطريق للبطالة الحقيقة وآثارها الكارثية على
المجتمع.

مقترحات وحلول

إذا أراد المسؤولون عن
الامتحانات في الحسكة النجاح في مهمتهم عليهم الاعتراف بوجود مشكلة وتحديدها بدقة،
ومن ثم العمل على تقديم الحلول غير العادية كأنْ تتم عبر تأمين رقابة حقيقية جدّية
للمراكز الامتحانية، وفرض عقوبات صارمة على الشبكات التي تقوم بتسريب الأسئلة
الامتحانية مع أجوبتها، وبيعها في محيط المراكز الامتحانية. ومعاقبة عناصر الكادر
الإداري من مراقبين، ورؤساء المراكز مع الحرّاس المتعاونين معهم. 
 إضافة إلى
تأمين حماية حقيقية للمراقبين كأنْ يتم إخراجهم بشكل جماعي في سيارة تجنبهم
الاصطدام مع ذوي الطلاب الذي يُعد تجمّعهم أمام المراكز واحدا من أهم أسباب
الفوضى.

تقرير: كلبهار أحمد / جريدة كوردستان

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* يُشكّل المسيحيون في سوريا جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني، وقد لعبوا دورًا محوريًا في تاريخ البلاد منذ اعتناق المسيحية في القرن الأول الميلادي. تعتبر سوريا واحدة من المراكز الأولى التي احتضنت المسيحية، حيث يُعتقد أن القديس بولس تحول إلى المسيحية في دمشق، ومن هنا انطلق لنشر رسالته في العالم. كما تُعد مدينة أنطاكية، الواقعة شمال سوريا،…

كاميران حاج عبدو تُعدُّ سوريا مثالًا لدولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، تزخر بتنوع ثقافي واجتماعي ولغوي. ومع ذلك، فشلت الأنظمة السياسية المتعاقبة في توظيف هذا التنوع كعامل قوة لبناء هوية وطنية جامعة. بدلاً من ذلك، اعتمدت سياسات إقصائية اختزلت مفهوم الهوية الوطنية في إطار ضيق، بعيدًا عن الاعتراف الحقيقي بالتعددية التي تميز المجتمع السوري. على مدار تاريخها الحديث، لم تشهد…

خليل مصطفى أمس (السبت 25/1/2025) نشر الأستاذ إبراهيم اليوسف، مقالاً هاماً، عبره سلَّط الأضواء على أكثر الناشطين خطورة ليس على كورد سوريا فحسب، بل على شعوب الأُمَّة السورية. أقتبس (مع إضافة): يبدأ (أ. إبراهيم) قوله: يبدو لكُلِّ عاقل بوضوح، أنَّ بعض العُربان (السوريين) الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، قد اتخذوا (لشخوصهم) دوراً محورياً في بثِّ خبثهم لتأجيج الخلافات بين الكورد…

عبدالرحمن كلو بعد سقوط النظام السوري، تغيَّرت معادلة توازن القوى في سوريا بشكل كبير وملحوظ. فغياب نظام الأسد وإيران معًا أحدث بيئة سياسية مختلفة تمامًا عما كانت عليه في السابق. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل رفعتا الغطاء بشكل كامل عن السلوك الإيراني في كل المنطقة، مُنهيةً لعبة القط والفأر التي أدارتها إدارة أوباما-بايدن مع إيران، والهلال الشيعي…