فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه.. الجزء الأخير

د. محمود عباس

  لا يستبعد مستقبلا، في
حال توسع (فتوحات) المنظمة الغريبة المنادية بالدولة الإسلامية (كما توقعها جدلاً
الكاتب العامودي) ظهور عصر الخلافة الرابعة أو الخامسة الإسلامية، ويعترف بها دول
الخليج قبل إيران، وإيران قبل تركيا، ويفتحون سفاراتها بعلمها الأسود المنبوذ
حالياً، ويقبلونها، لحملها أسمي الله ورسوله (مثلما قبلوا علم صدام حسين، لوجود أسم
الله، ولم يتجرأ أحد على رفضها، علماً أنها تمثل دولة صدام حسين وجرائمه) وتصبح
دولة إسلامية سلفية، تنضم إلى مجموعة الدول الإسلامية أل 57 كعضوة متميزة فيها، قد
تقودهم، وتطالبهم بالبيعة. ولا يستبعد أن يكتبوا عن قادتها وعن تاريخها مستقبلا،
وعن رؤيتهم، بعض الكتاب، وأن يذكروا الدولة الإسلامية بفتوحاتها، وكيف قضت على
الكفار والمرتدين بيد من الحديد ودعم من الله ومجاهديه، وطبقت الشريعة بنصها، وأنهت
كل من عارض الإسلام ونهوض دولتها! وكيف أعادت الخلافة الإسلامية. 
كما ولا يستبعد تذكيرهم بأنهم كانوا يشكلون جيش إسلامي وطني ضد القوات الكردية
الذين كانوا يهجرون المسلمون العرب من مناطقهم، مثلما يضخون إلى الإعلام العربي
والعالمي اليوم القوى المعارضة العروبية الإسلامية وبدعم من القوى الإقليمية
المعادية للكرد. أليس معظم صفحات التاريخ مكتوبة بهذه الطرق وبيد الأقوياء
والطغاة.
 من الأهمية بمكان، التذكير بأنه للكرد دور في هذا الصراع، تدنى وتعلى
مكانتهم في هذا الخضم، حسب حاجة الدول الكبرى إليهم، أو قدرة الكرد، ما بين التشتت
والتقارب، في فرض وجودهم على الأحداث. 
فجنوبها الفيدرالي، تتغاضى عن كردستان
الكلية، تكافح جاهدة للحصول على اعتراف شكلي بكيانها، والحصول على عتاد عسكري ثقيل
لتدافع عن ذاتها في حال وجهت إليها داعش، كما حصل قبل سنة، وهي من الاحتمالات التي
لا تغيب عن البال، والدول المستعمرة لكردستان ستدفع بها عاجلا أم آجلا، وعلينا ألا
ننسى أنها منظمة إسلامية قومية عروبية بعثية في كثيره، تتغطى تحت جلباب الخليفة
الإسلامي، وحكومة الإقليم الكردستاني، ستدرج كعدوة قومية دينية، لذا فأنها لن
تستطيع أن تصل إلى مبتغاها، بدون تحقيق بعض الضروريات:
1-    تشكيل وحدة متمكنة
في الداخل، بأقل الخلافات، على السلطة، وتتقارب في المبتغى.
2-    إقناع أمريكا
وأوروبا بأنها ستحارب المنظمة إذا دعيت لها، أو ما يتطلبه أجندات تلك الدول.
فالعديد من السياسيين في إدارة أوباما يصرحون بشكل مباشر وصريح، أن الكرد لن
يحاربوا داعش خارج جغرافيتهم، بل سيدافعون عن ذاتهم وليس كما تطلبه دول الحلفاء،
لهذا فالأسلحة التي ستقدم إليهم ستخدم كردستان فقط، وليس الجيش المرسل للحرب نيابة
عن الجيش الأمريكي.
 أي عمليا لا يزال الاعتراف بالكيان الكردي في الإقليم
وقضيته غير دارجة على المستويات المأمولة، رغم أنها تناقش وتطرح في هيئات دبلوماسية
وسياسية أخرى خارج إدارة أوباما، ومعظمها في حلقات السياسيين الجمهوريين، ولا شك
لهم تأثير ما على مجريات الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط.
غربي كردستان،
ستبقى معرضة للكثير من الأخطار، والانتقادات ستتفاقم، بسبب الخلافات بين الأحزاب
السياسية، وسيطرة طرف دون آخر على مقاليد الأمور، المقتدر عليها بمساندة دعم من
الهلال الشيعي، وبشكل مباشر من سلطة بشار الأسد، وعزل القوى الكردية الأخرى،
ستبقيها ضعيفة ولن تتمكن من الاستمرار بعد زوال السلطة السورية، وهناك الكثير من
الأسئلة والشكوك في معظم مجريات الأحداث، والمنطقة الكردية هنا ستبقى تحت خطر هجمات
داعش أو غيرها من المنظمات الإسلامية التكفيرية مستقبلا، وبسند مباشر من بعض أطراف
المعارضة العروبية الإسلامية، المدعية مسؤولية الثورة سياسيا، وهي لا تختلف عن دعم
سلطة بشار الأسد لها، وبنفس النهج البعثي وأدواته، ولو اختلفت الطرق، لذا لا بد من
تعديل شامل في الاستراتيجية الجارية في غربي كردستان.
هاتين المنطقتين، أكثر
عرضة لخطر المنظمات التكفيرية العروبية الإسلامية، من بين أجزاء كردستان الأربعة،
فعلى الأحزاب الكردستانية المسيطرة الاقتناع بأنه لا قدرة لهم في مواجهة الخطر على
المدى الطويل، وبلوغ الغاية الوطنية -القومية بدون:
1- شراكة كردستانية، ولا
يعني كردية فقط، بل الشعوب المتواجدة في كردستان، بينهم الإيزيديين، والعشائر
العربية والتي تشترك والكرد في المصير، ومعهم الطائفة المسيحية بكل مذاهبها. 
2- محاولة تضيق الخلافات فيما بين أطراف الحركة الكردية وأحزابها، إلى أدنى
سوياتها. 
3- خلق جبهة عسكرية مشتركة، فالجيوش يجب ألا تكون عقائدية، وألا
تنتمي إلى حزب أو إيديولوجية، بل تكون هدفها الدفاع عن الوطن وتحت راية الوطن. 
4- تبذل الحركة الكردية بكل أطرافها جهدا دبلوماسيا، لدمج أو تقريب مصالح
الكرد مع مصالح الدول الكبرى في الشرق الأوسط.

د. محمود
عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

2252015
نشرت في جريدة بينوسا نو العدد(37) الناطقة باسم رابطة الكتاب
والصحفيين الكرد في سوريا.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

النقل عن الفرنسية إبراهيم محمود باريس – أكد البروفيسور حميد بوزأرسلان على ضرورة تحقيق الكُرد للاندماج الداخلي، وشدد على أن المسألة الكردية، بسبب الاستعمار فوق الوطني لكردستان، لا تقتصر على دولة واحدة بل هي شأن إقليمي. وتحدثت وكالة الأنباء ANF عن المسألة الكردية مع حميد بوزأرسلان، مؤرخ وعالم سياسي متخصص في الشرق الأوسط وتركيا والمسألة الكردية، يقوم بالتدريس في كلية…

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…