قراءة في قرارات المؤتمر الحادي عشر البارتي

إفتتاحية صوت الأكراد – العدد 484 / أيار 2015م
بعد مخاضٍ طال أمده لأسبابٍ ذاتية وأخرى
موضوعية ” تصب جلّها في خانة إنجاز الوحدة مع الطرف الآخر للبارتي حينها ” إنعقد
المؤتمر الحادي عشر للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) في مدينة عامودا
, بحضور مندوبي الجزيرة وعفرين وأوربا وتركيا وإقليم كردستان العراق , وتغيب مندوبي
كوباني لظروفهم الموضوعية الخاصة , أما بالنسبة لباقي مندوبي الإقليم الذين تعذر
حضورهم في قاعة المؤتمر فقد أثبتوا للجميع أنّ إرادتهم الفولاذبية أقوى من أن تلين
, حيث شاركوا في جلسات المؤتمر عبر السكايب , وكذلك بعض مندوبي أوربا , وكوباني ,
وعبر الاتصال الهاتفي.
بالرغم من صعوبة الظروف التي انعقد فيها المؤتمر , إلّا أنه يعتبر نقطة انعطاف
بارزة في مسيرة الحزب , أولاً من حيث أنّ القواعد في الحزب هي التي أثبتت الحقيقة
الدامغة في العمل التنظيمي والسياسي بأنها هي مصدر الشرعية في الحزب , وأن حركات
التمرد كيفما كانت ماهيتها فهي دون شرعية القواعد حكماً , وإنطلاقاً من قرار أغلبية
القواعد انعقد المؤتمر , ثانياً, من حيث نوعية القرارات التي
أُتخذت فيه , وأبرزها تحويل الحزب إلى حزب مؤسساتي من خلال إتخاذ قرار ملزم بإنشاء
مكاتب تخصصية عديدة للإرتقاء بالحزب إلى الحالة المؤسساتية المأمولة , حيث تقرر
إحداث المكاتب التالية : ( السياسي – الاعلام – التثقيف والاعداد الحزبي – التنظيم
– الاجتماعي – شؤون المرأة – الطلبة والشباب والرياضة – اللغة الكردية – الفلكلور
والتراث الكردي – الشؤون القانونية وحقوق الإنسان ) , ومن ثم الإنتقال من مرحلة
تشكيل هذه المكاتب المركزية إلى البدء ببناء المكاتب الفرعية التخصصية التي ستشرف
على عملها , على أن يكون أعضاء هذه المكاتب من المختصين والمهتمين بمجال مكتبه ,
كما منح المؤتمر للجنة المركزية صلاحية تأسيس مدرسة خاصة بإعداد الكادر الحزبي ,
لتنمية القدرات السياسية والتنظيمية والإعلامية للرفاق الحزبيين .
  وكذلك إتخذ
المؤتمر قراراً نوعياً , بفصل السلطات عن بعضها البعض وعدم التداخل في المسؤوليات ,
بحيث يكون للمؤتمر والاجتماع الموسع صلاحية التشريع , وللقيادة والهيئات الحزبية
على مختلف مستوياتها صلاحية التنفيذ , وللهيئة المركزية للرقابة والتفتيش صلاحية
القضاء والتحكيم , كسلطة تتمتع بالاستقلالية في قراراتها على ضوء المنهاج والنظام
الداخلي للحزب .
إضافةً لذلك , فقد ضمّت القيادة الجديدة على  الخبرة السياسية
والتنظيمية المكتسبة عبر قيادة الحزب لعقود من النضال , ملتحمةً مع دماء الشباب
وحيويتهم ومواكبتهم لتطورات العصر وتقدمه من النواحي العلمية والتقنية , وخاصةً ,
بالنسبة للتطور الهائل الحاصل في مجال ثورة المعلوماتية وعالم التواصل الاجتماعي
الرحب الذي حوّل العالم إلى قرية صغيرة , هذا وقد شملت هذه القيادة وللمرة الأولى
المرأة كخطوة هامة وضرورية في العمل التنظيمي والسياسي , وليفسح بذلك المجال لها
للعب دوها الطبيعي في البارتي .
 كما أن المؤتمر أقر برنامجاً واضحاً ليكون
بمثابة خارطة طريقٍ للقيادة والحزب ككل في المرحلة المقبلة , حيث تم تحديد خطة عمل
الحزب على الصعيد الجماهيري والتنظيمي والوطني والكردستاني والدولي , و كذلك بخصوص
اللاجئين والجالية الكردية .
واستطاع المؤتمر أن يحدد رؤية دقيقة وموضوعية مبنية
على الاعتدال والاتزان السياسي وواقعية الطرح لحل القضية الكردية في سوريا وفق
أساليب سياسية وسلمية , والأمر نفسه بالنسبة للأزمة السورية , فحرصاً من البارتي
على إنهاء الأزمة السورية , أقر المؤتمر رؤية الحزب السياسية لحلها وفق بنود واضحة
المعالم , مبنية على أساس بيان جنيف1  .
ومن العلامات الفارقة في المؤتمر هو
العمل على تكريس استقلالية القرار السياسي للكرد في سوريا , هذه الاستقلالية
المبنية على تقديم مصلحة الشعب الكردي في سوريا على غيرها , واحترام خصوصية أجزاء
كردستان الأخرى , وبذل كل الجهود للتضامن معهم بغية تحقيق أهدافهم  , وذلك لا
يتعارض مع العمل القومي المشترك بين مختلف مكونات الطيف الكردستاني لتحقيق الأهداف
المشتركة .
ومع انتهاء أعمال المؤتمر الحادي عشر للبارتي تكون رهانات المتربصين
به , والذين كانوا على أملٍ بانهياره , قد باءت بالفشل الذريع , لتبقى رهانات رفاقه
وجماهيره ما تزال في أوجها في مدى إمكانية تحقيق الآمال التي أنيطت به كحزبٍ تاريخي
, وخاصةً أن قيوداً من الارهاب الفكري قد كسرت في المؤتمر ليعوض بها بحرية الحركة
في فضاء مصالح الشعب الكردي, فكان المؤتمر بإيجازٍ شديد ترسيخ للنهج والمبادئ ,
وتطوير شامل في الآليات والصلاحيات .
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب
الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )
لقراءة مواد العدد انقر هنا  dengekurd_484

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…