لا يعجبنا العجب ولا الصيام في رجب

درويش محما

عالمنا العربي والاسلامي بساسته ومفكريه،
بكتابه ومثقفيه، بشعرائه وفنانيه، بمعارضيه ومواليه، بجماهيره وانظمته، الجميع خرج
معبرا عن عظيم سروره وكامل غبطته بانتخاب باراك (حسين) اوباما، وكاد الجميع يطير
فرحا يوم تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية.
اليوم، بعد مرور سبعة اعوام
على رئاسة اوباما، تجد كل تلك الجموع التي صفقت لفوزه تذمه وتنبذه، غاضبة عليه وعلى
سياساته، ساخطة عليه وتنفر منه، فالرئيس الحلم (الاسلامي) الاصل اوباما، لم يكن على
قدر توقعاتهم وسقف احلامهم، فقد ترك العراق لحكومة فاسدة تابعة حتى العظم لملالي
ايران، كما ترك العنان لبشار الاسد وشبيحته يعملون على تدمير سورية وتهجير اهلها
وتسليم اكثر من نصف البلاد لداعش والقاعدة، واليمن كذلك، تركها اوباما لقمة سائغة
لملالي ايران وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي، يعبثون بمصير شعبها واسقاط رئيسها
الشرعي المنتخب.
الغالبية العظمى التي تنتقد الرئيس اوباما اليوم، وتتهمه بالتقاعس وعدم التدخل في
شؤوننا، هي الغالبية نفسها التي انتقدت سلفه الرئيس جورج بوش الابن، واتهمته
بالتدخل في شؤوننا، ووصفته بالاستعماري والامبريالي واليميني المتطرف، ولامته اشد
اللوم على تدخله في افغانستان لمحاربة القاعدة، وتدخله في العراق لتحريرها، وتدخله
في سورية واجبار (رئيسها) على سحب قواته من لبنان، وتدخله في شؤون الدول العربية
الصديقة والحليفة، ومطالبته اياها بتجفيف منابع الارهاب ومحاربة الفكر
الاصولي.
لا شك ان في الامر (إنة)، فمن غير المنطقي والمعقول ان يعادي المرء
النقيضين في الوقت نفسه، الرئيس اوباما والرئيس بوش، وان يكون المرء مع التدخل
الامريكي وفي نفس الوقت ضد التدخل الامريكي، لا شك ان العيب يكمن فينا وفي عالمنا،
في ضعفنا، في تخلفنا واوهامنا، في طريقة تفكيرنا، في مجموعة قيمنا ومعتقداتنا، في
عالمنا المتضرب المتهالك.
شخصيا لا اعاني من الشيزوفرينيا، لذا لم افرح لفوز
باراك اوباما ايام زمان، كما اني اتطلع بفارغ الصبر ليوم رحيله، وامقت طريقته في
التعامل معنا، فهذا الرجل تعامل بسلبية مفرطة تجاه كل قضايا عالمنا الاسلامي
والعربي، وكأن عالمنا يقع في كوكب اخر غير عالمه، لكن في الوقت نفسه لا الومه على
عدم تدخله في شؤون (عالمنا)، ولو فعل وتدخل لكان اكثرهم سذاجة على وجه البصيرة، فقد
تدخل جنود سلفه لتحريرالعراق والمنطقة من جبروت اسوء واعتى ديكتاتور عرفته المنطقة،
وبدل ان يتم استقبالهم كمحررين بصيحات الشكر وباقات الورد، تم استقبالهم بالحديد
والنار، وكادت امريكا ان تنهار اقتصاديا في حرب ضروس غير متوقعة امتدت لعدة اعوام،
بسبب دخول اهل العراق المحررين لتوهم في نزاع طائفي يعود بجذوره لالف واربعمائة
عام.
الرئيس اوباما المحبوب سابقا والمكروه حاليا، سمعته يصرح في لقاء تلفزيوني
قبل فترة ويقول : “اذا تدخلنا نلام على تدخلنا، وان لم نتدخل نلام على عدم تدخلنا”،
معه الحق كل الحق (ابو حسين) باراك اوباما، فنحن شعوب ومجتمعات ودول امرها عجيب
وغريب، لا يعجبنا العجب ولا الصيام في رجب.
درويش محما
كاتب كردي سوري
 
السياسة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…