بوغدانوف و ( كاز بروم ) والتاريخ الكردي

صلاح بدرالدين

      نقلا عن موقع رئاسة
الإقليم :  ” استقبل السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان اليوم 2015/5/17 في
اربيل ، ممثل الرئيس الروسي لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا ميخائيل بوكدانوف
والوفد المرافق له والذي تالف من مدير شركة كاز بروم الكسندر ديوكوف ونائب وزير
الطاقة الروسي والسفير الروسي في العراق والقنصل العام لروسيا الاتحادية في الاقليم
وعدد من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين بالاضافة لعدد من الاكاديميين في مجال
التاريخ والثقافة الروسية ” .
  حتى الآن وبحسب الأصول البروتوكولية من الطبيعي جدا أن يستقبل السيد بارزاني ممثل
دولة كبرى بحفاوة ولكن ماهو قيد التساؤل المريب ماذا يعمل مبعوث – بوتين – مع مدير
شركة كاز بروم المحتكرة بالإضافة الى شركات صناعة الأسلحة من الطغمة الحاكمة في
روسيا ؟ ثم ماذا يعمل مع الوفد الأكاديمي في مجال التاريخ والثقافة ؟
 لقد تزامن
زيارة – بوغدانوف – المسؤول عن الملف السوري الى أربيل عشية تحركات محور دمشق –
طهران – موسكو – بغداد لقطع الطريق على استثمار الثوار السوريين لانتصاراتهم
العسكرية بالميدان باتجاه اسقاط نظام الاستبداد الأسدي ومضي التحالف العربي بقيادة
السعودية في – عاصفة الحزم – صوب قطع دابر النفوذ الإيراني في اليمن وكذلك في الوقت
الذي يشد رئيس الحكومة العراقية الرحال الى موسكو لعقد صفقة عسكرية ببلايين
الدولارات تجاوبا من توجيهات النظام الإيراني لتقديم الرشوة الى حكام روسيا لقاء
مواقفهم المعادية للشعوب السورية واليمنية والليبية ووقوفهم الى جانب المعتدين
مقابل المصالح الاقتصادية .
 لقد أراد بوغدانوف صاحب نظرية مواجهة إرهاب داعش
جنبا الى جنب النظام السوري والعامل على تبرئته وحليفه الإيراني من صناعة داعش
والنصرة وواضع خطة تشتيت المعارضة السورية واعتبار الموالين للنظام ممثلين عنها أن
يقنع الكرد بالكلام المعسول إياه ” امتداح البيشمركة في صد داعش ” من دون التطرق
طبعا حرمانه من السلاح والعتاد أو الى الحقوق المشروعة للكرد بالمنطقة ومناصرة
أربيل في المعاناة إزاء قطع المستحقات المالية من جانب حكومة بغداد أو أي موقف
مساند للكرد السوريين الذين يعانون الاضطهاد المزدوج من النظام من جهة وأصدقاء
بغدانوف من جماعات – ب ك ك – السورية من الجهة الأخرى .
 الأمر الآخر الذي يلفت
النظر هو الأسلوب الابتزازي الدعائي المفضوح والشطارة – المتخلفة – اللذان
استخدمهما بوغدانوف في زيارته الأربيلية بزج نفسه في صفوف بعض الأكاديميين الذين
يصفهم بالروس وعرضه بدلا عنهم لكتابهم ( وطن الملاحم , الثقافة الكردية في عيون
الباحثين الروس ) وفي حقيقة الأمر فان مضمون الكتاب هو من نتاج الأكاديميين
السوفييت سابقا وبينهم الروسي والأرمني والآذري والكردي واليهودي والكازاخي … الخ
وانني هنا كمتابع لأعمال أولئك العلماء العظام ومساهم عبر رابطة كاوا للثقافة
الكردية على ترجمة ونشر كتاباتهم القيمة الى العربية والكردية أقول بأن الشعب
الكردي لن ينسى أفضال العلماء السوفييت في جمع أرشيف غني حول تاريخ الكرد ومعاناتهم
وأن مرحلة مابعد الحكم السوفييتي وخاصة في ظل الطغمة الحالية الحاكمة لم تشهد أية
استمرارية بل تم تقويض وإزالة حتى الأقسام الكردية في معاهد التاريخ السابقة وأكثر
من ذلك فان هذه الطغمة تقف في محور طهران – دمشق المعادي للكرد وطموحاتهم في
المنطقة بأسرها .
 عندما نعلم أن شركة ( كاز بروم ) هي من قامت بتغطية تكاليف
طبع ذلك الكتاب ( وطن الملاحم ..) حول التاريخ الكردي بدلا من المراكز البحثية
المستقلة والجامعات وهي بدورها تبحث في أربيل عن ثمن مقابل من حكومة الإقليم وبتدخل
مباشر من مبعوث الرئيس بوتين ونائب وزير الخارجية نعلم بالحال التركيبة – الأمنية –
الاحتكارية من نفط وصناعات حربية التي تحكم روسيا في الوقت الراهن .
 نحن لاننفي
الجوانب السلبية والمواقف الخاطئة والممارسات الضارة بشأن مسائل الحريات
والديموقراطية في العهد السابق ولكن الطغمة الحالية الحاكمة واضافة الى وراثة أسوأ
تلك السلبيات ودعم النظم الاستبدادية وأشدها دكتاتورية في العالم لقاء المنافع
الخاصة بفئات معينة فانها قضت على كل ماكان جميلا في السابق حتى في حدوده الدنيا
وخاصة احترام إرادة الشعوب وحقها في تقرير المصير والتضامن الأممي .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…