حذارِ من الحوثيين الكورد

عيسى
ميراني

 

اسبتشرت الشعوب
المضطهدة خيرا بنجاح ثورة الشعب الإيراني (1979) بقيادة آية الله الخميني ضد طغيان
الشاه محمد رضا بهلوي من خلال ما كان يُشاع وُيسّرب من وعود ومراسلات للخُميني المتضمنة
حرية الشعوب وضرورة تمتعها بكامل حقوقها لا سيما إنه كان قد ذاق مرارة الظلم والسجن
والتشرد لسنوات عديدة ولكن عندما وضعت الثورة أولى خطواتها على عتبات السلطة بدأت
بإنكار ما وعدت به لشعوب الإمبراطورية من كورد وفرس وعرب وبلوش وآذريين عاملة على
إرساء وترسيخ دعائم التعصب الديني الشيعي من خلال تنشيط الحوزات العلمية وتفعيلها ووضع
السياسات الكفيلة بنشر مذهبها في أرجاء البلاد والعمل على تجاوز الحدود الجغرافية
للبلاد وإعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية

 فبعد أن نجحت سياستها في الداخل الإيراني بدأت بتصدير
مخططاتها إلى المنطقة التي كانت ولا تزال تزعم بأنها ضرورة إستراتيجية لنشر مذهبها
الطائفي (الهلال الشيعي) امتدادا من إيران إلى العراق إلى سوريا ولبنان ثم
اليمن والخليج العربي وبدأت بتشكيل ودعم قوى سياسية وعسكرية في هذه البلدان هدفها
زعزعة الأمن والاستقرار في بلدانها وجعلها قوى الأمر الواقع رافضة للشرعية تعمل
كدولة ضمن دولة  كما حصل في لبنان (حزب
الله
) والحوثيين في اليمن ودعم الأنظمة الطائفية في سوريا والعراق لخنق شعوبها
وخلق فيها أدواتاً لتحقيق تلك السياسات على من لم يصله آلة الحقد الصفوي وما يثير
الدهشة إن القاسم المشترك بين أدواتها من قُم إلى آخر الهلال الشيعي هو نقض
الاتفاقيات والتمرد على الشرعية وفرض سياسة أمر الواقع ففي كوردستان بدأت ملامح
هذه السياسات تلوح في الافق منذ الانتفاضة الكوردية في (1991) من خلال دعم  وترويض طرفٍ كوردي للانقضاض على التجربة الفتية
منذ بداياتها  من خلال افتعال الفتن والحجج
الواهية واشعال نار الاقتتال الأخوي بل تعدى ذلك بتكليف طرفٍ كوردستاني آخر ترعرع
في أحضانهم بطعنهم من الخلف ضارباً المصلحة الكوردية العليا بمهب الريح ولكن بسبب
صمود اصحاب المشروع الكوردي الحقيقي (الرئيس مسعود البارزاني والحزب الديمقراطي
الكوردستاني
) أثمرت الجهود بإفشال المؤامرات الداخلية والخارجية بتأسيس إقليمٍ
حضاري ليصبح نواةً للكوردايتي وفي الفترة الأخيرة لاسيما بعد تنامي الدور الاقليمي
والدولي لكوردستان لجأت إيران مرةً أخرى لشرذمة النظام السياسي الكوردي فكراً
وايديولوجيةً وهذا ما أكده وزير الاعلام الاردني الاسبق الاستاذ صالح القلاب
في مقالة بعنوان (ايران تستهدف الأكراد أيضاً والمقصود هو بارزاني)
بأن رئيس فيلق القدس قاسم سليماني التابع لحرس الثورة الايرانية قد اجتمع قبل
شهر في قلاجولان مع السيدة هيرو زوجة الطالباني وملا بختيار وبرهم صالح وكوسرت
رسول علي وهم من الصف الأمامي لقيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني طالباً منهم
جميعاً ضرورة العمل لتنحية الرئيس مسعود البارزاني والتخلص منه في أقرب فرصة ممكنة
لكن كوسرت رسول وبرهم صالح رفضا الفكرة من أساسها مما دفع الايرانيين الى محاولة جديدة
قام بها ممثل عن القنصل الايراني في أربيل حيث التقى في السليمانية مع رؤساء أربع
صحف تابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني وممثلاً عن زوجة الطالباني وخرجوا بتوصيات
من بينها القيام بمظاهراتٍ لإثارة الشارع الكوردي والعمل منذ الآن للحيلولة دون
انتخاب مسعود البارزاني مرةً أخرى رئيساً لإقليم كوردستان في الانتخابات المقبلة
التي غدت على الأبواب
) وإن ما قام به نائب كتلة  كوران (علي حمه صالح) في برلمان
كوردستان قبل أيام بخصوص رئاسة الإقليم ورفضهم إعادة انتخاب الرئيس مسعود
البارزاني مرةً أخرى وقبل أوانه وفي جلسةٍ غير مخصصة لمناقشة هذا المشروع يذكرنا
بما قام به بعض نواب الاحزاب الاسلامية المنضوية تحت قبة برلمان كوردستان عندما
رفضوا الوقوف للنشيد الوطني الكوردي (أي رقيب) والاهم من ذلك المحاولات
التي تبذل من بعض الاطراف الكوردية الاخرى لتمييع المشروع القومي الكوردي بمفاهيم
دون مستوى المطالب الكوردية الحقة ورفض القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني (عادل
مراد
) ومندوب حزبه في البرلمان العراقي بتسليح البيشمركة إلا عن طريق الحكومة
العراقية  هي ترجمة حقيقية لمساعي وجهود
ايران فعلى أصحاب المشروع القومي الكوردي الحقيقي أخذ هذه المحاولات بعين الاعتبار
وبمنتهى المسؤولية لأن المشروع الفارسي لا يشمل إيران فقط بل كل الشرق الاوسط وهو
ما أكده مستشار الرئيس الإيراني علي يونسي في اجتماع لما يسمى (منتدى
الهوية الايرانية
) فيا أيها الكورد! حوثيو اليمن بدأوا بتخريب بلادهم دون أن
يدركوا بأنهم يخدمون مشروع الامبراطورية الفارسية فلا تكونوا (حوثيين بصبغة
ونكهة كوردية)
    

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…