كانت فكرة إصدار مجلتين باللغة الكردية
الأم والعربية، بالنسبة لنا في رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا منذ انضممت
إلى مجلس إدارتها حلماً طالما راودنا، وطالما تحدثنا عنه، وطرحنا أفكارا عديدة،
كانت بمجملها تنتهي عند العبارة التي نرددها في النهاية “لا توجد لدينا
إمكانيات مالية؟”، ولم نرد في أسرة الرابطة أن نطلب العون من أية جهة كانت،
بل اكتفينا باشتراكاتنا التي كنا ندفعها بين الحين والاخر، من أجل تسيير أمور
الرابطة، في الوقت الذي يتطلب صدور مجلة أو جريدة دعما ماليا متواصلا، الأمر
الذي لا يمكن أن يتحقق دون الاستعانة بجهة ما، إلا أننا كنا نرفض أن نفعل
ذلك، ولاسيما أننا نعرف بأن تلقي المساعدة من أي طرف كردي يعني تبعيتنا له،
وهكذا بالنسبة إلى الجهات التي وجدت بعد الثورة السورية مثل: المجلس الوطني
السوري- الائتلاف واللذين رفضنا وبالإجماع الاستعانة بهما في الوقت الذي صارا فيه
بقرة حلوبا لبعض المؤسسات الفعلية والوهمية، ولابد من أن تتم مساءلة الذين تلاعبوا
بلقمة السوريين، وسهلوا عمليات السطو التي لاتتم إلا بالتواطؤ مع القائمين على
هاتين الجهتين، أو حتى غيرهما.
نجحت جريدتنا بينوس والتي تصدر باللغتين
الكردية والعربية ولكل منهما خصوصيتها من حيث طبيعة النتاجات المنشورة فيهما وحتى
بالنسبة إلى محرريهما نجحت في أن تكتسب ثقة جمهور واسع لها من القراء، وأن تجذب
الكثيرين من الكتاب المرموقين الذين يحرصون على التواصل مع جريدتهم والكتابة لها
بالرغم من أن الكتابة فيها دون مقابل مادي، مع أن ما يجري في وطننا يثقل كاهل أي
فرد ومنهم شريحة الكتاب بأعباء كبيرة، ولكن هؤلاء الذين يكتبون تطوعيا ونحن نعرف
ظروفهم ونقدرها يعرفون ماهية دور الكتابة ولاسيما في هذا الوضع الإنساني الأليم
الذي يمر فيه أهلنا المحاصرين بأكثر من حصار بسبب عنجهية النظام الدموي في سورية، والذي
أوصل وضع البلد وأهله إلى هذه الحالة المأساوية .
ضمن هذه الظروف وكصدى لما كان يجري من
حراك سلمي في مدننا تأسست جريدتنا بينوس و أثبتت حضورها وهي تكبر سنة وراء سنة، بعد أن
التف حولها المعنيون من كتاب وقراء، وصارت فيها زوايا ثابتة لبعض الكتب، كما صار
لها من يخصصونها ببعض المقالات الهامة في التاريخ والأدب والشعر والقصة، وتعدت
الجريدة بعدها الكردي إذ صار يكتب فيها البعض من الكتاب غير الكرد الذين نفتخر
بهم، وتوزع نسخ الجريدتين بالآلاف عبر البريد الإلكتروني وشبكة التواصل
الاجتماعي-الفيسبوك- كما أن موقع الجريدة يستضيف السادة الكتاب والقراء، وهو
مبعث سعادة وافتخار لنا في الرابطة إداريين وأعضاء، لأن مولود هذه الرابطة -أي
بينوسا نو- تحظى بمحبة منقطعة النظير من الذين يتابعونها، لأنها جريدة متنوعة من
حيث الموضوعات، وهي ملتقى أبرز الأقلام الموجودة.
مع كل صدور عدد جديد يحدث لي أن أحاسب
نفسي عندما أكون قد قصرت في إرسال زاويتي” فنجان قهوة”، ” الشهرية
للقسم
العربي أو الجريدة الناطقة باللغة العربية، إذ صار هذا الشيء يحدث لي بعد أن
أجبرت على الهجرة، خلال العام الماضي، وإن كنت أجد الكثير من النتاجات
المنشورة تعبر عني، إلا أنني أواجه نفسي باللوم والعتاب على التقصير، وأعتبر
أن تشجيعي لهذا القلم أو ذاك على مراسلة ابنة رابطتنا بينوس يشفع لي ولو بعض
الشفاعة، لأن الجريدة تعتبر نفسها كما في اجتماعها التاسيس الأول تحرر من قبل جميع
كتابها، وليست حكراً على أقلام معينة تتحكم بها، والشرط الوحيد صلاحية النتاج
المرسل إلى الجريدة، من مقالة، وقصة، وشعر، ودراسة، ونقد، وخاطرة للنشر، بتوافر الشروط
الفنية المتعارف عليها.
وبمناسبة مرور ثلاث سنوات على ميلاد
جريدتنا لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر إلى كادر التحرير بأسمائهم، في القسمين الكردي والعربي، وخاصة
الزميلين خورشيد شوزي مخرج الجريدتين ومحرر بينوس العربي، وقادو شيرين الذي أدار
القسم الكردي إلى العدد ما قبل الماضي، ودأب الزميل شوزي أن يخرج النسختين فنيا
منذ العدد الثالث، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى كل من شارك معنا خلال هذه الرحلة الطويلة
كتابة، ومتابعة، وقراءة، فهم جميعا محل اعتبارنا وتقديرنا واعتزازنا، ونعاهد
الجميع بأن نطور جريدتنا، وأن نحقق حلم فكرة نشوئها الأولى أن تكون مطبوعة ذات
يوم، ولها” عنوانها ومكتبها” في مؤسسة خاصة في بلدنا عندما يتحرر في ظل “آزادي-الحرية”.
وتحية إلى روح زميلنا الشهيد مشعل التمو من أوائل الذين اعتبروا أنفسهم أعضاء في
الرابطة، وهكذا بالنسبة إلى أرواح زملائنا الذين فقدناهم ومنهم الدكتور عبدالرحمن
آلوجي والشهيد عماد حمو ونديم يوسف وكل شهداء الكلمة والموقف.