مشروع قرار الكونكرس الامريكي، سفينة انقاذ للكرد والسنة من الغرق

عبدالغني علي يحيى

   يعد مشروع قرار الكونكرس الامريكي القاضي بتسليح الكرد
والسنة بشكل يوحي وكأنهما دولتان، المشروع الامريكي الثاني من نوعه بعد مشروع بايدن
عام 2007 المنادي بتقسيم العراق الى 3 كيانات: كردية وشيعية وسنية. واذاكان تعيين
خط العرض ال 36 عام 1991 لحماية الكرد العراقيين والذي أسفر عن قيام نظام ديمقراطي
حر شبه مستقل في جنوب كردستان، فأن مشروع الكونكرس ذاك بمثابة تتمة له والانتقال
بكردستان،  من شبه الاستقلال الى الاستقلال التام فيما لوطبق. ويتزامن هذا التطور
غير المتوقع في السياسة الامريكية مع الزيارة المرتقبة للبارزاني الى واشنطن تلبية
لدعوة وجهتها إليه الاخيرة، والذي وعد اثناء مراسيم تلبيته لها بطرح فكرة استقلال
كردستان على الادارة الامريكية، والبارزاني هو بطل الاستقلال المنتظر لكردستان بحق،
كونه من أشد الزعماء الكرد تأكيداً على استقلال كردستان، فعلى امتداد الاعوام
الماضية وجدناه ينادي بالاستقلال بين فترة وأخرى، ومما له دلالاته ان الكونكرس
الامريكي بمشروعه هذا مهد الطريق أمامه ليمضي قدماً في مسعاه.
 لذا فأن الكرد يعلقون أهمية كبيرة على المشروع والزيارة في أن معاً، والذي يجعلهم
اكثر ثقة بتحقيق الاستقلال هذه المرة، هو أن مشروع بايدن كان شخصياً ولم يكن حزبه
الديمقراطي يومذاك في الحكم، في حين ان المشروع الثاني الذي يتبناه الكونكرس يعبر
عن الامة الامريكية، وكما نعلم ان الكونكرس يعتبر أحد أرفع الاجهزة المتنفذة في
الولايات المتحدة، وهكذا اصبح مشروع استقلال كردستان مؤسساتياً ان جاز القول بعد أن
كان مطلباً فردياً. وهذا لا يعني انتقاصاً للمشاريع التي تحمل اسماء الافراد سيما
عندما تكون مدعومة من الدول انظر الى اتفاقية سايكس بيكو ومشروع ماريشال ..
الخ.
يذكر أنه قبل اسابيع من الان، كانت اصوات عدة قد ارتفعت بشكل لافت من
شخصيات مرموقة أمريكية واوروبية وغيرها تدعم فكرة استقلال كردستان من بينها هولاند
ونتنياهو وغيرهما وذلك على خلفية الانتصارات الباهرة للبيشمركة على داعش وتعاطف
العالم مع قضية شعب كردستان بشكل لم يسبق له مثيل، ومن غير الصحيح الفصل بين تلك
الاصوات والمشروع موضوع البحث. ويرى كاتب هذا المقال انه مثلما تم تعيين خط العرض
ال 36 دون الرجوع الى بغداد، فأن الاعتراف باستقلال كردستان سيتم دون العودة إليها
ايضاً. وسبق أن قلت في اكثر من منبر (الشرق الاوسط اللندنية) قبل اعوام وفضائية
الشرقية العراقية قبل ايام، انه يجب توفر شرطين لاستقلال كردستان او احدهما اما
اعتراف بغداد به  ، ولقد استبعدت ذلك، واما تبني دولة عظمى له والمحت الى الولايات
المتحدة ولقد توقعت ذلك والذي يوسع من قاعدة التأييد للمشروع الكونكرسي هو شمول
السنة كذلك بالمشروع والذي من شأنه ان ينقذهم من التهلكة والفناء وان تتضامن الدول
العربية معهم، ويخصص المشروع 75% من المساعدات للكرد والسنة وفرضه شروطاً على بغداد
مثل: (وقف دعم الميليشيات الشيعية) و(اعطاء غير الشيعة دوراً اكبر في الحكم) ولقد
رفض الشيعة تلك الشروط بسرعة البرق، علماً ان هناك سقفاً زمنياً حدده المشروع
لتلبيتها اي الشروط هو 3 أشهر. 
إن انظار الملايين الكردية في الوقت الذي تتجه
الان وبفارغ من الصبر الى واشنطن والبارزاني والاستقلال. يجب ان يأخذوا، الكرد،
ببالهم ان القادم من الايام سيكون زاخراً بالمؤامرات واعمال التخريب واشكال
الخيانات للحيلولة دون نجاح البارزاني والكونكرس في مهمتهما. وعلى السنة ايضاً ان
يتوقعوا خططا ومؤامرات لأفشال المشروع الامريكي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…