أين يمكن صرف إنتصار جبهة النصرة في إدلب؟

بيار
روباري
  

إن تحرير أي مدينة
سورية من رجس النظام العنصري والطائفي الحاكم في دمشق منذ خمسين عامآ بالحديد
والنار، مدعاة للفرح إذا تم ذلك على يد الثوار، الذين خرجوا للشوارع من أجل الحرية
والكرامة الإنسانية، وسورية لا مركزية ومتعددة القوميات وليس على يد عصابة إرهابية
كعصابة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، وهي لا تقل إجرامآ وخطرآ على
السوريين كردآ وعربآ، من نظام ال الأسد الإجرامي.

  

لا شك إن تحرير
مدينة ادلب وطرد قوات النظام الاسدي وشبيحته منها، يعتبر إنجازآ مهمآ في مثار الثورة السورية، وخاصة في الأعوام الأخيرة. ولكن هل هذا النصر
هو لخدمة الثورة وقضية الشعب السوري، أم سيكون نتيجته إمارة إسلامية على شاكلة
إمارة داعش في الرقة، وسنشهد مأساة إخرى شبيهة بمأساة أهالي مدينة الرقة مع تنظيم
داعش المتوحش؟

إن الدلائل الإولى
بعد تحرير المدينة، لا تبشر بالخير أبدآ، فأول ما قاموا به هؤلاء المتطرفيين، هو
حرق محلات الإخوة المواطنين المسيحيين بحجة بيعهم للدخان والمشروبات الكحولية،
وقتلوا البعض الأخر بسبب تعاملهم مع أفراد النظام، وكأن كان المطلوب من هؤلاء
الناس التميز بين الزبائن والتفتيش في هوياتهم من هو مع النظام أو ضده! 
 
وثانيآ قاموا
بحملة إعتقالات في صفوف المواطنيين الكرد من أهالي منطقة عفرين، الذاهبين إلى أعمالهم ومدارسهم في مدينة حلب، على الطريق في منطقة إدلب
بسبب قطع طريق حلب – عفرين. فقد إختطفوا 300 مواطن كردي بريئ بين نساءٍ ورجال،
بحجة إن لهم ثلاثة أعضاء يعتقد إنهم مسجونين لدى قوات الحماية الشعبية! ولا أدري
ما علاقة هؤلاء الناس المدنين بهذا الأمر.
 

والأمر الثالث
أخذوا مباشرةً يشددون الحصار الإقتصادي على المنطقة الكردية وحركة المواطنيين الكرد من وإلى مدينة عفرين. ورابعأ أعلنوا عن نيتهم إقامة إمارة إسلامية في المنطقة وتطبيق الشريعة
الإسلامية فيها، أي تحويل حياة الناس إلى جحيم.

 

 

أنا واثق من أن
جبهة النصرة القاعدية، لن تستطيع صرف هذا النصر العسكري وبيعه للسوريين ولا للمجموعة الدولية، رغم أهميته. على قيادة هذا التنظيم
والمتحالفين معه، أن يتخلوا عن إرتباطهم بتنظيم القاعدة علنآ وفعلآ وليس مجرد
قولآ. وثانيآ التخلي عن أفكارهم الهدامة وقبول الأخرين والإيمان بسورية تعددية لا
مركزية، تضمن الحريات الفردية وحقوق الشعب الكردي القومية والدستورية، والكف عن العداء
للشعب الكردي

ورفع الحصار عن
مناطقه، حينها يمكن لجبهة النصرة تجد قبولآ من أبناء الشعب السوري بكافة مكوناته
القومية والدينية والعالم الحر. وغير ذلك سوف ينتهي الحال بها

كما إنتهى الأمر
بداعش، أي مواجهة الداخل والخارج على حدٍ سواء.

 

 

أنا ضد مقولة: كل
شيء إلا الأسد، لأن هذا المقولة خاطئة وقصيرة النظر وعواقبها وخيمة على جميع السوريين، وخير دليل على ذلك إمارة داعش في الرقة والموصل.
وعلينا أن ندرك إن كل من النظام الأسدي والتكفيريين بات الواحد منهم بحاجة للأخر
كملح الوجود. فالأول يقتل من أجل البقاء في السلطة، والثاني يقتل ردآ عليه ولأخذ
السلطة منه.

  

لذا لا مكان
للفرحة والإحتفال، فالذين حلوا محل الأسد في الرقة وإدلب ومخيم اليرموك، يُخضعون السوريين لسلطتهم القهرية، ويضطهدون النساء ويهددون الأقليات ويفرضون
عليهم الشريعة، ويهدمون تراثهم الثقافي، ويزيدونهم فقراً، ويمنعون عنهم الإنترنيت والهاتف
والتلفزيون والمسرح والموسيقى والرياضة، والتعليم الحديث. فهذه التنظيمات لا تعترف
بسورية كوطن لأبنائه، ومعها يصعب التعايش مع هؤلاء الوحش، كما هو الحال مع وحوش
الشبيحة الأسدية.

  

ومن هنا يمكن
القول، إن الذين فرحوا وهللوا لإنتصار جبهة النصرة في إدلب، حركهم الرغبة العميقة في الثأر والإنتقام من النظام المجرم، الذي اوغل كثيرآ في
دماء السوريين، ولهذا الموقف خلفية طائفية أيضآ من وجهة نظري. والأمرمفهوم في هذه
الحرب الشرسة التي أعلنها النظام الطائفي على الشعب السوري منذ أربعة أعوام.

  

وختامآ لستُ متفائلآ في نجاح تلك الجبهات السبعة، التي حررت إدلب من النظام
أن تستطيع تدير المدينة وتؤمن الأمن ومقومات الحياة
للمواطنين، نظرآ لإختلاف هذه الجماعات في الأفكار والمفاهيم والأهداف. 

  

08 – 04 – 2015

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…