لمصلحة من إعلان أوجلان التخلي عن السلاح

صبري حاجي

بعد سنوات من العنف والقتال الدامي بين حزب
العمال الكوردساني والدولة التركية راحت ضحيتها اكثر من اربعين الف من الطرفين
بينهم اطفال ونساء وابرياء عزل ,في محاولة من الكوردساني الذي حمل على عاتقه قضية
شعب كوردستان بأجزائه الأربعة في التحرير والتوحيد في ظرف والحركة الكوردية اجمالاً
تعاني من التشرزم والتشتت والضعف واليأس أثر الحصار والخناق الذي فرضت عليها من قوى
اقليمية ودولية خاصة تلك التي تتقاسم كوردستان وجعلها تتراوح في مكانها مستغلاً
الشعور القومي الثوري للشباب واندفاعهم وارتباطهم بتراب كوردستان العزيزة للتخلي عن
احزابهم وتحريضهم الى الدخول في صفوفه على اساس انه التنظيم الأجدر لتحقيق مطالب
الأمة الكوردستانية وحقها في تقرير مصيرها أسوة ببقية شعوب العالم والإستقلال التام
بقوة السلاح .
ها قد ظهر زعيم الحزب السيد عبدالله أوجلان وسط ترحيب وتصفيق تركي غير مسبوق حكومةً
ومعارضة ليعلن نهاية لمرحلة الكفاح المسلح بدعوته قيادة  قنديل والقواعد الى التخلي
عن الكفاح المسلح والبدء بالنضال السياسي لإيجاد حل سلمي للقضية الكوردية ,مقابل
السماح للحزب بالنشاط الرسمي والعمل السياسي داخل تركيا وانهاء مرحلة المفاوضات
الغير مباشرة واطلاق سراحه ربما في عيد رأس السنة الكوردية ” نوروز ” قبيل
الانتخابات البرلمانية المزمع اجرائها في السابع من يونيو حزيران المقبل ,وبذلك
يكون الحزب قد انتقل من مرحلة الصراع المستميت التي دامت ثلاثين عاماً الى السلام
الدائم لهدف التوصل الى حل ديمقراطي على ان يعقد مؤتمراً طارئأ خلال اشهر الربيع
لاتخاذ قرار تاريخي واستراتيجي يستند الى التخلي عن الكفاح المسلح في ضوء المبادئ
التي تم الاتفاق فيها على الحد الادنى المشترك 
والاتفاقية تتألف من عشر بنود
اساسية أبرزها: تعريف الابعاد الوطنية والمحلية للحل الديمقراطي ,الضمانات
القانونية والديمقراطية للمواطنة الحرة ,الابعاد الاجتماعية الاقتصادية لمسيرة
السلام ,تناول علاقة الديمقراطية بالأمن ,بشكل يحمي النظام العام والحريات ,خلال
مسيرة السلام ,تبني المفهوم الديمقراطي التعددي بخصوص مفهوم الهوية ,وتعريفها
,والاعتراف بها ,وصياغة دستور جديد يرمي لتكريس كافة التحولات والحملات
الديمقراطية. أي سلام والنقاط المذكورة جميعها  جاءت خالية من كلمة الكورد
وكوردستان والقضية الكوردية .حيث قدم الرئيس التركي اردوغان على الفور ترحيبه في
مؤتمر صحفي قائلاً ” ان نزع الكوردستاني للسلاح كان متوقعاً ,واتمنى ان يكونوا على
قدر اقوالهم ويتخذوا الخطوات اللازمة ,وإن الذين عليهم ان يضعوا اسلحتهم هم اعضاء
هذه المنظمة الارهابية ,على حد قوله ,إذا كانوا يتوقعون نزع سلاح قواتنا الأمنية
فإنهم يحلمون لن يحدث ذلك ,وفي الوقت نفسه مدح أوجلان واصفاً بأنه قد أدى واجبه
وفعل كل ما في وسعه وما يقع على عاتقه يخصوص عملية السلام . 
وهذا الاعلان يأتي
بالدرجة الاولى في مصلحة تركيا وعلى الاخص حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم
والانتخابات على الابواب من ناحية كسب اصوات الشعب الكوردي لصالحه لضمان الاغلبية
النيابية وبقاءه فترة اطول في الحكم   وتمرير دستوره الجديد للوصول القصر الرئاسي
,ومن جهة اخرى تشكيل حكومة قوية رصينة قادرة على الدفاع عن مصالح تركيا والحزب
الحاكم من قوى داخلية وخارجية وخصمه اللدود ,الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم
في الولايات المتحدة ,للتفرد بالسلطة بدعم امريكي اوربي ,وكسب ورقة الضغط الكوردية
واحتوائه محلياً بالحبوب المهدئة في هذه المرحلة الهامة والحساسة التي تعصف المنطقة
بوابل من التغييرات التي تهدد برسم خارطة جديدة لها .
حيث تتطلب الظروف الدولية
الأنية الى التعامل بمرونة مع الملف الكوردي في تركيا لتخفيف العبئ الثقيل والخوف
المريب عليها من الضغوطات التي تعترضها الملف السوري ,وتهيئة الاجواء المناسبة
لقبولها بالوضع الكوردي في سوريا والدخول رسمياً الى التحالف الدولي للقضاء على
الارهاب كأولوية لسياستها المرحلية في سوريا , ووضع قوات الكوردستاني امام خيارين
,اولاً: الاستسلام للسلطات التركية لمحاكمتهم او العفو عنهم ,ثانياً: تجميعهم في
شمال سورية اي المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية الديمقراطية , بالإضافة الى المصلحة
الاقتصادية التي تربطها بأقليم كوردستان ,ما دفع رئيس الاقليم السيد مسعود البرزاني
الى لعب دور الوسيط في هذا الاتفاق ,إن حجم التبادل التجاري خاصة النفط عبر خطوط
انابيب جيهان الى تركيا ,والتي تدر على الطرفين ارباحاً سنوياً بالمليارات
الدولارات ,وهذا الامر يتطلب استقرار الاقليم وخلوها من الصراعات الداخلية وحزب
العمال لتلطيف الاجواء الكوردستانية والعمل معاً لإعداد مشروع للبنية التحتية له
والتوجه نحو اسس ومعالم الدولة العصرية الوليدة .
… المانيا ـ 4.3.2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…