من حقهم التساؤل ومن واجبي التوضيح

صلاح بدرالدين
  بين الحين والآخر أتلقى عبر
وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الأسئلة غالبيتها من الجيل الشاب الناشئ المهتم
بالثقافة والسياسة من قبيل : لماذا تركت العمل الحزبي ولم تستمر في قيادة الحزب ؟
الساحة الكردية بحاجة لأمثالك وأين دورك في المعارضة السورية ؟ لماذا لاتطبق مواقفك
المتقدمة في الواقع العملي ؟ .
 حاولت  ومازلت التحاور مع هؤلاء الشباب بكل صدق
وشفافية وفي حين يمكن توضيح الكثير لهم الا انه من الصعوبة إيصال كل شيء أو بكلمة
أدق شرح أحداث وتطورات مايقارب النصف قرن في عدة أجوبة مختصرة ولكن رغم ذلك سيظل
الحوار مستمرا .
  أردت التوضيح لهم بأنه لكل انسان دور محدد وأوان يكتملان بتواصل الأجيال وأن
المساهمة في الواجب الوطني تتنوع وتتبدل ولاتتوقف على نسق واحد أو وسيلة واحدة حيث
تتعدد السبل نحو الهدف الواحد فهناك من يقاتل ويقاوم بالسلاح أوباالعمل السياسي أو
الثقافي أو الفكري أو الإنساني وحتى الآن حاولت أن أوضح لهم مجموعة حقائق من قبيل
:
       لقد غادرت العمل الحزبي منذ اثنتي عشر عاما طوعا لوصولي الى قناعة بعدم
جدوى السيستيم الحزبي وكنت قبل ذلك بعام ( ولم أعلن ذلك الا في نطاق ضيق حتى الآن
 ) وجهت مذكرة الى معظم المسؤلين الأوائل في الأحزاب الكردية ( نسخة منها محفوظة في
أرشيفي ) طلبت فيها بأن يتنحى من كل حزب المسؤول الأول وأعضاء المكتب السياسي أي
الذين شاركوا بالصراعات الجانبية كاجراء لتسهيل التفاهم يعقب ذلك مؤتمر عام من
ممثلي الأحزاب والمستقلين لتوحيد الحركة الكردية وأن يمارس – المتنحون الدور
الاستشاري – ولكن للأسف لم يتجاوبوا مع مقترحي حصل هذا الأمر قبل 13 عام .
        طبقت المبدأ على نفسي واستمريت في ممارسة قناعاتي السياسية والثقافية الوطنية
– والكردياتية – عبر رابطة كاوا والكتابة وبعد اندلاع الانتفاضة الثورية عايشتها
وتفاعلت معها يوميا ومع الحراك الشبابي الكردي وتنسيقياتهم ومع أطراف مهمة من
الثوار السوريين ورغم مشاركتي في عدد من مؤتمرات – المعارضة – الا أنني لم أنخرط
على الصعيدين الوطني والقومي في أي ( مجلس أو هيئة أو لجنة ) وكان ومازال دوري في
مجال الدعم والاسناد لمن أقتنع بأنه يخدم الشعب والوطن .
        في اجتماع
الكرد السوريين الأول في أربيل منذ أعوام المنعقد تحت رعاية الأشقاء دعيت وأعتذرت
للسيد رئيس الإقليم ولم أشارك لمعرفتي بكيفية ظهور ( المجلس الكردي ) وأهدافه ودعيت
مرات أخرى الى اجتماعات تالية ولم أستجب وأعلمت الأشقاء بكل تقدير واحترام  أنني
جاهز لأشارك كيانا ينبثق من مؤتمر وطني عام قوامه الحراك الشبابي والمستقلون
ومنظمات المجتمع المدني والوطنييون الصادقون وليس أكثر من 10% من قواعد الأحزاب
ويدعى اليه كمراقبين شركاؤنا من ممثلين عن الثوار السوريين وحتى في هذه الحالة لن
أكون قائدا أو مسؤولا أول بعد أن وصلت الى هذا العمرالطويل  بل داعما بكل امكانياتي
وسأسير خلف الشباب ولكن لست مستعدا أن أعمل مع أحزاب لم تعد مناسبة في هذه المرحلة
.
     عندما تخليت عن العمل الحزبي بعد أكثر من أربعين عاما كان بسبب قناعة
راسخة بعدم جدوى – السيستيم – الحزبوي في النضال الوطني وترهل الأحزاب وفقدانها
للمصداقية ثم افساح المجال للشباب والأجيال الجديدة للقيام بواجبها ولم يكن مغادرتي
بسبب عدد الأعضاء حيث كان حزبنا آنذاك ( الاتحاد الشعبي الكردي ) الأقوى كرديا
والأكثر صدقية وطنيا والأوسع علاقات عربيا وفلسطينيا والوحيد بعلاقاته الأممية مع
الدول الاشتراكية والأكثر اهتماما بالثقافة فقد أرسلنا كحزب ( 300 ) طالب كردي من
الطبقات الفقيرة للدراسة في الدول الاشتراكية وأسسنا ( رابطة كاوا للثقافة الكردية
) في بيروت ثم انتقلت الى أربيل وقامت بترجمة ونشر 140 كتاب حول القضية الكردية
والعلاقات الكردية العربية التاريخية ولأول مرة باللغة العربية وأغنينا بذلك
المكتبة العربية حول الكرد كما أسسنا ( جمعية الصداقة الكردية العربية ) وبرعاية
الرئيس بارزاني بأربيل و ( جمعية الصداقة الفلسطينية الكردية ) برام الله برعاية
الراحل ياسر عرفات و( جمعيةىالاخاء الاردني الكردي ) أما جبهة الخلاص فكانت
المبادرة الآولى لتنظيم معارضة ضد النظام وتشكلت من الاخوان المسلمين والسيد عبد
الحليم وخدام والكتلة الكردية وبعد ثلاثة أعوام انسحبنا ككتلة بعد التصادم مع
الطرفين وخاصة الاخوان وعدم إمكانية الاستمرار لازدواجية ممارساتهم ونفاقهم
واقدامهم على الحوار سرا مع النظام عبر وساطات عديدة أبرزها الحكومة التركية وكذلك
لاكتشافنا بعد تجارب عملية بأنه لا الاخوان ولا السيد خدام لديهم قواعد وتنظيمات في
الداخل السوري وقد اعلنت الانسحاب واسبابه في مؤتمر صحافي بأربيل نقلته وسائل
الاعلام والفضائيات والجزيرة مباشر حرفيا ثم ان علاقتي الشخصية بالحراك الشبابي
الكردي الثوري منذ قيام الثورة على احسن مايرام وكذلك المثقفون والمستقلون
والأكثرية الصامتة وقوى الثورة السورية والجيش الحر أما الأحزاب الكردية المنتهية
الصلاحية والمتعاملة مع النظام المستبد فيشرفني أن لاأتعامل معها والسلام
.
وماذكرته الآن بمثابة إجابة على استفسارات وأسئلة من العديد من شبابنا الذين
لم يعاصروا المراحل الماضية حيث من واجبي أن أكرر الشكر لهم على اهتماماتهم الجادة
في امتلاك الحقيقة وأنصحهم  بالعودة الى كتاب مذكراتي الصادر حديثا ومعا وسوية حتى
اسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطته وإعادة بناء سوريا الجديدة وحل القضية الكردية
على أساس إرادة الكرد في تقرير مصيرهم في سوريا التعددية الديموقراطية الموحدة
.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…