فوائد وجود تنظيم الدولة ( داعش) لامريكا والغرب

سمير طلعت بلال *

عندما نقرأ التاريخ الاسلامي نجد ان هناك جماعات متشددة
ظهرت بين الفينة والاخرى ثم اختفت ثم ظهرت من جديد ، واشهر مثال على ذلك (الخوارج)
وقسم من هؤلاء ارادوا بناء دويلات وفي كثير من الاحيان فشلوا وبعضهم استغلوا وتم
اختراقهم من قبل القوى الكبرى في ذلك الزمن ومن ثم استعمالهم وإستغلالهم ضد خصومهم
وبعد ذلك القضاء عليهم فور انتهاء المهمة والهدف .
يمكننا القول ان داعش هي نفس
القصة ’ ليست بالاحرى ان امريكا والغرب هم من صنعوها بشكل مباشر ، الا انهم على
الاقل غضوا البصر عن تحركاتهم ونشاطاتهم في البداية لان قسم من هؤلاء المقاتلين
جاءوا من دول اوروبية والاستخبارات الغربية والامريكية كانوا على علم بهذا ورغم ذلك
لم يتخذوا التدابيرالامنية اللازمة لمنع تحركاتهم وكانوا يذهبون الى سوريا ويعودون
الى بلدانهم الاوروبية دون عوائق. 
لنقل انها تشكلت في منطقتنا بشكل عفوي لاسباب مختلفة (وجود المراجع والكتب التي
تدعو الى تبني هذه الافكار المتشنجة و ازدواجية الغرب وامريكا في التعامل معنا و
وجود حكومات دكتاتورية في المنطقة ووجود اسرائيل وقضية فلسطين و سقوط بغداد
……..) وعلينا ان لاننسى كان لهم جذور في افغانستان ايضا.
حيث تم استغلالهم
وإختراق صفوفهم من قبل الدول الكبرى لتحقيق اهدافهم وغايتهم. ما يلي ملخص خواطري
حول هذا الموضوع والتي تؤكد ماذكرته انفا من ان الغرب وامريكا على وجه الخصوص من
المستفيدين من كل ما جرى من خلال:
1- لصق اسم الارهاب بالاسلام (تشويه سمعة) هي
من اهم الاهداف حيث يغفل عنه الكثيرون . الاسلام اليوم اصبح اكثر الاديان نموا في
العالم وبسبب وجود حكومات دكتاتورية في الشرق الاوسط هاجر كثير من المسلمين الى
اوروبا و كندا و… و حصل التغيير الديموغرافي لهذه الدول و تعرف قسم من غير
المسلمين للديانة الاسلامية . فهناك تخوف حقيقي لديهم من تحول هذه الدول الى
الاسلام في المستقبل القريب بدون حرب خصوصا ان عدد سكانهم قد تقلص بسبب نمط حياتهم
واصبح هناك فراغا سهل للمسلمين المهاجرين إملاءها مما شكل خطرا على حضارتهم و
مستقبلهم .الامر الذي أدى الى لصق الارهاب بالاسلام وإخافة الغير المسلمين من هذا
الدين وهذا ما يقوم به داعش.
2- عدم تكرار الغرب و امريكا تجاربهم السابقة من
خلال القتال المباشر مع المتطرفين لتجنب فقدان جنودهم واموالهم وسمعتهم (على سبيل
المثال , قسم من المسلمين كانوا يتعاطفون مع المتطرفين بحجة انهم يقاتلون امريكا او
كونهم جاءوا من أقاصي الارض ليحتلوا ارضنا) ما يحدث اليوم هو السعي لجعل القتال
المباشر بين المسلمين سواء كان بين المتطرفين من جهة و البيشمركة والجيش العراقي
والسوري والمصري والليبي واليمني والحوثيون وقوات الحماية الكردية من جهة اخرى حيث
(القاتل والمقتول) من المسلمين هي بالمحصلة النهائية لمصلحة امريكا والغرب.
 3-
جمع المتطرفين من انحاء العالم من الشرق والغرب في منطقة واحدة للتخلص منهم ولكن
بعد اكمال المهمة (مثلا اعادة رسم خارطة الشرق الاوسط الجديد والقضاء على الحكام
الغير المرغوبين) ومن ثم القضاء عليهم باموال ودماء الدول العربية والمسلمة في
الشرق الاوسط .
4- الانتعاش الاقتصادي حيث الدول العربية والاسلامية هرعوا الى
امريكا والغرب لشراء الاسلحة باسعار خيالية خوفا من داعش ولمقاومة مده ، حتى القصف
الجوي للتحالف الدولي هي باموال عربية إسلامية مما يعود الفائدة للغرب
وامريكا.
في الختام  يمكننا القول ان لدى أمريكا والغرب مشروع كبير في المنطقة
وهؤلاء المتطرفين ما هم الا احد ادوات هذا المشروع الواسع. ولكن  ليس شرطا ان كل ما
يخططه هؤلاء يطبق كما هو المطلوب ومن المحتمل ان ينقلب السحر على الساحر وان يخرج
الامرعن نطاق السيطرة ويطول و لا يعلم مداها الا الله.

* كاتب و أستاذ
جامعي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خورشيد شوزي في ظل الأوضاع المعقدة التي تشهدها سوريا، يبقى النهج الإقصائي الذي تمارسه سلطات الأمر الواقع أحد العوامل الأساسية في تعميق الأزمات بدلاً من حلها. فالتهميش المستمر ورفض التعددية السياسية يضعف أسس الاستقرار، ويؤدي إلى إعادة إنتاج أخطاء الماضي. أي سلطة تسعى إلى بناء دولة قوية ومستقرة لا بد أن تعتمد على مبدأ الشراكة الوطنية، وتعزز التعددية…

نارين عمر   يبدو أنّه علينا كشعب أن نعيش عمرنا بين تساؤلات واستفسارات موجّهة إلى مختلف قيادات الحركة الكردية والأطراف التي ترى نفسنا أنّها تمثّلنا في سوريا دون أن نتلقى إجابات واضحة منهم تهدّئ من صخب فكرنا وتنعش النّفس ببعض الآمال المحققة لطموحاتنا وحقوقنا. في اتفاق أسموه بالتّاريخي بين “قسد” وحكومة دمشق تمّ طرح عدّة بنود منها: (( دمج قسد…

درويش محما قد تصبح الامور عصية على الفهم في بعض الاحيان، وضبابية غير واضحة، حينها يجد المرء نفسه في حيرة من امره، ازاء سلوك او تصرف معين يقدم عليه شخص ما، والسبب بكل بساطة، يكمن في عدم معرفتنا للهوية الحقيقية للشخص صاحب التصرف والسلوك. اما ماهية الهوية كمفهوم، فهناك اجماع على تعريفه، بمجموعة السمات والخصائص المميزة لفرد ما بعينه،…

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…