«الأسد جزء من الحل ! ؟»

صلاح بدرالدين

 

  بلغت
السذاجة بالبعض الى حد تفسير المكالمة التلفونية التي أجراها المبعوث الدولي – دي
ميستورا – مع  مسؤولين في أطراف من
المعارضة كتراجع عن موقفه في تصريحه السابق المثير للجدل عن ” أن الأسد هو
جزء من الحل ” ويستند هذا البعض في استنتاجه على أن المكالمة من جملة ما
تضمنت الإيحاء بأن التصريح قد فهم فهما خاطئا ! .

 

 أولا ليس هناك أي دليل على أن الرجل قد بدأ عهدا
جديدا مغايرا في تعامله مع الملف السوري منذ تلك المكالمة السحرية بل بالعكس فمن جهة لم ينفي تصريحه بل برره وأكد
عليه ولو تراجع فعلا لكان أعلن كلاما بعكس تصريحه السابق كالقول مثلا أن ”
الأسد هو جزء من المشكلة “

وكل ماقال بأن المعترضين عليه لم يستوعبوه في
اللغة والمضمون ومن جهة أخرى واذا كان هو يمثل المنظمة الدولية فانها لم تطرح
جديدا في الموضوع السوري وأن سقف مواقفها تعبير عن سياسات الأعضاء الدائمين في
مجلس الأمن الدولي التي تتأرجح بين وقف اطلاق النار حتى لو كانت في مدينة واحدة –
حلب – مثلا وبدء المفاوضات من أجل التوصل الى حل سياسي حتى لو كان عبر انضمام –
المعارضات – الى حكومة يرأسها طاغية دمشق من دون المساس بمؤسسات النظام بل صيانته
والحفاظ عليه فهذا هو سقف موقف الدول الأعضاء بمجلس الأمن والغالبية من أعضاء
الجمعية العمومية وجامعة الدول العربية ومن ضمنها أصدقاء الشعب السوري .

 

 من جانب
آخر يجب العودة بهذا الخصوص الى مقالة دافيد كينير في “فورين بوليسي”، والتي نشرها تحت عنوان “إعادة كتابة الحرب السورية”جاءت بمثابة المفاجأة للبعض وجاء
فيها ان الصحافي السابق والباحث في مركز أبحاث “الحوار الإنساني” في سويسرا – نير روزين
– قدم تقريراً يصف نظام الرئيس السوري بشار الأسد بغير الطائفي، ويطلق صفة التطرف السني
على المعارضة بأكملها، ويدعو الى وقف إطلاق نارويقول كينير إن تقرير روزين جاء بعد
لقاءاته مع مسؤولين أميركيين، وان التقرير انتشر في أوساط الإدارة الأميركية، وتحول
الى أساس خطة مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستفان دي ميستورا الداعية الى “تجميد القتال”
 
 طبعا من غير المستبعد بحسب المتابعين أن هذا
الموقف المهادن لنظام الأسد الذي يتبعه – دي ميستورا – والسكوت المريب عن انقلاب الحوثيين ضد الشرعية واطلاق العنان
للجنرال – قاسم سليماني – في العراق كحاكم عسكري مطلق والتعامل مع ميليشيات
وجماعات سورية مرتبطة بنظام الأسد وإصرار الغرب على أن الخطر الأكبر هو – داعش –
وليس نظام الاستبداد بدمشق عائد في الجزء الأكبر منه الى الاتفاق الغربي –
الإيراني الوشيك .

 انه مضيعة للوقت أن نغرق في تفسيرات حسب مانريد
ونتمنى وليس كماهي الوقائع والأحداث فالمشهد واضح
والوضع بغاية الخطورة فهل هناك أمر وأفظع من أن نتابع جرائم فيلق القدس الإيراني
وعصابات نصرالله في مدننا وقرانا يواجهون شبابنا وثوارنا بكل أنواع الأسلحة وأمام
أعين العالم والمؤامرات بأوجها والأمل الوحيد أمام الوطنيين السوريين والثوار هو
الدعوة السريعة لعقد المؤتمر الوطني السوري الجامع من الذين لم يسيئوا الى شعبنا
ولم يمارسوا الفساد والافساد بغالبية من ممثلي الجيش الحر يليها ممثلو الحراك
الشبابي الثوري ومناضلي الريف والمدن على أن تتمثل – المعارضات – التي تؤمن بأهداف
الثورة وفي المقدمة اسقاط النظام المستبد مؤسسات ورموزا وسلطة بمالايزيد عن 10%
للخروج ببرنامج وطني انقاذي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري مشترك لقيادة المرحلة
الراهنة .

 

  نعم للمواقف الخارجية تأثير ودور وفعل واضح
ولكن الشعوب هي المنوطة بتقرير مصيرها وهي المسؤولة عن حاضرها ومستقبلها وإقرار ماتراه مناسبا في اللحظات
الحاسمة فهي من أشعلت الثورات ضد المستعمر والغازي والمعتدي وهي من رفعت أعلام
الاستقلال وانتزعت الحرية وبنت الأوطان لذلك ومن هذا المنطلق فان الشعب السوري
وإزاء الانقسام الحاصل والأوضاع المعلومة منذ أعوام أربعة وفي هذه المرحلة الخطيرة
سيتحمل مسؤوليته التاريخية بغالبيته الساحقة من أجل دحر الاستبداد وإعادة بناء
سوريا الجديدة . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…