بعد كانتون «كوباني» ….. كانتون «عفرين» في مهب الريح .!

عنايت ديكو

– يظهر بأن الكلام الذي وجهَهُ مندوب النظام السوري ” بشار الجعفري ” للسيد ” صالح مسلم ” في موسكو وتوبيخهِ بأدنى العبارات بدأ يأتي بثماره الآن .!
– فمنذ أربع سنوات ولا مكانٌ للأحرار في الكانتونات الثلاث ، والماكينة الإعلامية للأمة الديمقراطية تعمل ليل نهار وتدافع جهاراً نهاراً عن التعذيب والقتل والاعتقال والطرد والملاحقة والسجون ، وترفع الشعارات الطوباوية مثل الأمة الأيكولوجية والأمة الديمقراطية والمجتمع الكونفيدرالي الشعوبوي والنضال ما فوق القومي ومساواة الرجل بالمرأة وإقامة الكثير من الحدود بحق الرجال الذين يضطهدون زوجاتهم وأحياناً سجنهم بحجة أن الأمة الديمقراطية لا تقبل بهذا العنف بتاتاً وبأن القوانين في مملكة الكانتونات الثلاثة ستكون قوانينٌ مدنية عصرية ديمقراطية وغير مستمدة من الشرع ، كون مناطق الكانتونات هي مزيجٌ من الأديان والأعراق والمذاهب المختلفة . وسيكون هناك التشريع المدني العصري في ربوع الكانتونات .
 لقد طرشوننا بهذه الفلسفة خلال هذه السنين الماضية، وكانوا يقولون بأنهم يمثلون التيار الثالث ولا يريدون الإنضمام الى الثورة السورية بحجة سيطرة الإسلاميين عليها وبأن النظام السوري سيأتي وسيقصفنا بالبراميل والطائرات مثل ما قصف ” حمص وحماه وحلب وادلب ” وغيرها من المدن السورية . 
– فها هي اليوم جائت إلينا أمتنا الديمقراطية بشحمها ولحمها وأتحفتنا بإتفاقها التاريخي مع جماعة الإسلامويين من الجبهة الشامية التي تقود مفاصل الصراع في حلب وشمالها تحت يافطة العلم الأسود والسيف . لقد ” ذاب الثلج وبانَ المرج ” وظهر ما تخبئه لنا هذه المروج من يخضورٍ وإرتفاعات ومنخفضات .!!
– فكيف لأمةٍ ديمقراطية أيكولوجية مدنية عصرية متحررة من القيود الإجتماعية البالية والعشائرية المقيتة والذكورية الجارحة والدينية والعقائدية ، وتطمح لمجتمعٍ خالٍ من الأمراض والأوبئة الراديكالية وتريد أن تُفَصّلَ لنا مجتمعٍ خالٍ من التناقضات ومجتمع ما فوق الديني وما فوق التناقضي وما فوق القومي وما فوق القطري والأممي والعالمي ، أمةٍ تسعى إلى إتحاد للكونفيدراليات في المنطقة والعالم …؟ أن تأتي هذه الأمة اليوم وتعلن عن إتفاقٍ مكتوب وموقع عليه مع جماعاتٍ دينية راديكالية إسلاموية ( كالجبهة الشامية ) التي تأخذ ” السيف ” شعاراً لها . وأن تقر هذه الأمة الديمقراطية بشرعية وجود أمة أخرى وهي الأمة الإسلاموية في كانتون عفرين وتسلم بالأمر بما تفرضه الجبهة الشامية الإسلامية عليها من فرمانات وإتفاقات ولربما تطلب غداً بالغنائم وغيرها، وأن تسمح للجبهة الشامية بأن تبعث بأمرائها وشيوخها بجلبابهم وذقونهم الكثة لمراقبة الحالة الإيمانية والفكرية والروحية والرحمانية في منطقة كورداغ والقرى التابعة لها ..؟؟؟ وسيراقب هؤلاء الجلبابيون والأمراء من الجبهة الإسلامية كل شاردةٍ وواردة في الحقل الديني والإجتماعي والإنساني في منطقتنا والعمل بشرع الله كما ورد في البند الأول من الإتفاق بين الأمة الديمقراطية والأمة الإلهية . وسيتدخل هـؤلاء الشيوخ في الجهاز القضائي الذي هو باطل برأيهم لكي تتوحد كلمة ” الله ” أخيراً ولكي تُرفع من شأن هذه الكلمة في سماء منطقة عفرين وقراها . والى جانب هذا نرى في البند الثاني السماح للجبهة الإسلامية بفتح المراكز والمكاتب الدينية والدعوية والشرعية والإيمانية وإقامة الصلوات في أيام الجُمَعْ في حين ممنوع على أبناء كورداغ الذين ينتقدون الأمة الديمقراطية في سياساتها من زيارة قبور أهلهم هناك .  
– السؤال هنا : كيف تنازلت الأمة الأيكولوجية الديمقراطية عن قوانينها ودساتيرها ومحاكمها ونقاباتها وجميع فرماناتها ووقعت  إتفاقاً يسمح للإسلامويين بالدخول الى ” كورداغ ” ورسم ملامح دولة إسلامية هناك ورفع السيف عالياً الى جانب أعلام اليي بي غي .؟
– كيف تخلّتْ هذه الأمة الديمقراطية عن كلمة ” كانتون ” وبدّلتها بكلمة منطقة عفرين فقط صافٍ حاف كما جاء في البيان الذي وقعتهُ هذه الأمة .؟
– فكيف ستتعامل هذه الحكمدارية الجديدة في كورداغ المتمثلة بالإسلامويين والأيكولوجيين مع التماثيل والمزارات الإيزيدية في قلب عفرين ؟ مثل تمثال ” زرادشت ” وتمثال ” كاوا الحداد ” الذي يرفضه الإسلام بتاتاً ويرى الإسلام في التماثيل كفراً ؟
– في الأخير نرى أيضاً بنداً قراقوشياً يتضمن ملاحقة المفسدين في كورداغ … أظن هنا بأنه كان ليس من الضروري التلميح الى هذا البند ، لأن الأمة الديمقراطية ومنذ سنوات قد طهّرَتْ ” كانتون عفرين ” من كل هؤلاء المفسدين والمعيقين ولم يبقى أحد من هؤلاء المفسدين ، فلم يبقى أحدٌ هناك لا في عفرين كمدينة ولا في قراها وجبالها ووديانها وسراديبها وكهوفها . 
– نقطة إنتهى

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…