التحديات التي يواجهها الكرد في سوريا

مروان سليمان

يبدو للناظر من بعيد بأن المنطقة الكردية في سوريا أصبحت محررة تماماً، فمن إدارة ذاتية و وزراء و حكومة و رئاسة وزراء إلى آخره من التشكيلات الموجودة في دولة ما، بالإضافة إلى دستور و مؤسسات، فهل نحن على أعتاب دولة أو أقليم كردي في سوريا كما يبدو، أم أن الموضوع يدعو إلى شئ من التقكير و التحليل قبل الإعلان عن ذلك، و لكن ما هي أبرز التحديات التي يواجهها الكرد في منطقتهم شمال شرق سوريا و التي تعرف بكردستان سوريا قبل التفكير بأي شئ آخر، و خاصة في ظل تأزم الوضع الأمني في المنطقة برمتها نتيجة ظهور الجماعات الإرهابية و التي تهدد الوجود الكردي بشكل عام و لو أن سياسات بعض الدول تتناغم مع بعض أطراف الوضع الكردي في سوريا في هذه المرحلة مثل إيران و روسيا و حتى النظامين العراقي و السوري نفسه،
 و لكن يبقى كل شئ عند المواطن الكردي عبارة عن عملية تجميلية فقط بسبب غياب قانون مستند للشرعية و عدم مشاركة الشعب في سن تلك القوانين بالإضافة إلى تحكم الأميين و أصحاب النفوذ في واقع الأمر و ممارسة سياسة القمع و الإعتقال الكيفي و المداهمات التي أصبح المواطن يشتكي منها و التي أدت إلى إفراغ المنطقة الكردية من سكانها.
إن من أبرز التحديات هو فقدان الثقة ما بين الأطراف الكردية قاطبة و المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي و تف دم، و هذا ما يعرقل عملية التواصل و فتح القلوب و التعامل بالنوايا الحسنة و تصفية الأجواء بالأعمال التي تخدم الشعب الكردي و خاصة من خلال المرجعية التي تم التوصل إليها مؤخراً لأن السياسيين الذين يفتقدون ثقة شعبهم لا يمكن استمرارهم في حكمه، و هذه الثقة فقدت مع الأسف منذ اتفاقيات هولير و دهوك، فالجميع سوف لن ينجحوا في مسعاهم ما لم يقتربوا من الناس و مشاكلهم و همومهم و يكشفوا عن نواياهم و خطواتهم المستقبلية لكي يطمئن الناس لمستقبلهم و مستقبل أولادهم فالحصول على ثقة الشعب الكردي في سوريا يمثل التحدي الأكبر أمام الحركة الكردية و إن لم ينجحوا فيه سوف يفشلون في مواجهة التحديات الأخرى.
أما التحدي الآخر فهو يكمن في أن الوضع الدولي و الأقليمي هو وضع صراع و تحالفات و إلتفافات و إصطفافات و خاصة أن جوارنا بالمجمل لا يريدون الخير لنا و كلهم يتصارعون فيما بينهم من أجل السيطرة على المنطقة قبل الآخر، و الأهم من كل هذا أن المنطقة أصبحت ساحة لتصفية الحسابات بأدوات أقليمية و موافقة دولية، و من هنا ليس من مصلحة الكرد الدخول في الصراعات الجانبية بقدر نجاحهم في تحقيق توازن سياسي و عسكري يوحد المصالح تحت راية الكردايتي و هذا يتطلب العمل على جميع الجبهات في توصيل قضيتنا العادلة للمجتمع الدولي بمهارة و قدرة على الإقناع و خبرة في التحرك على كافة المستويات.
و التحدي الثالث هو مواجهة الإرهاب و الفكر التكفيري المتطرف، و هذا يتطلب التسلح بالفكر المعتدل و الواقعي الذي يلبي رغبات الشعب و ذلك بإقامة ندوات حوارية لتوعية الناس سواء بالإتصال المباشر مع المجتمع أو من خلال القنوات التلفزيونية، و بناء هيكلية عسكرية مدربة جيداً حتى لو تم الإستعانة بخبراء في هذا المجال لبناء قوة عسكرية تنتمي في عقيدتها للكردايتي لا للأحزاب و الأشخاص و العمل معاً ككل من أجل كسب ثقة المجتمع الدولي لكي ينال الدعم و التأييد بما يكفي لمواجهة تلك القوى المتطرفة ، بالإضافة إلى بناء مؤسسات مدنية مهنية غير فاسدة قادرة على تلبية حاجات الناس بالطرق القانونية و تستطيع استغلال الموارد الموجودة في المنطقة لمصلحة الشعب بحيث يشعر فيه المواطن بأنه هو المعني بالتغيير و هذا يشجع الناس أكثر في المضي قدماً للإقتناع ذاتياً في الدفاع عن المنطقة  لإيقاف الزحف الإرهابي.
 الإلتفاف لمسألة حقوق الإنسان و المواطن بجدية كبيرة و إيلائها الإهتمام اللازم و إحترام هيبة و كرامة الشعب الذي هو من الأولويات التي تغرس في النفوس حسب الوطن و الوطنية الحقيقية و الجادة و بما أننا في عصر التكنولوجيا و الأعلام فإنه من الضرورة تصحيح الأخطاء السابقة و التجاوزات التي حصلت و وضع قوانين تحد من التعدي على الحريات العامة و الخاصة و بث روح التعاون و الإنصاف و العدالة و عدم إلقاء التهم جزافاً على الناس و تأمين الخدمات للناس حسب الحاجة على أن يكون الوطن للجميع أرضاً و ثروة و دفاعاً و هكذا سوف يكون المواطن عوناً في إشاعة روح المحبة و الأمن و الأمان.
06.02.2015 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

صلاح بدرالدين الفرق بين مؤتمر الحوار السوري ، والمؤتمر الكردي المؤتمر السوري المزمع عقده هو مؤتمر للحوار بين الناس حول مستقبل سوريا ، وهو تجمع للتشاور ، ولاصفة تشريعية ، او تقريرية له ، ولا يشكل من يحضر ممثلا لاي مكون قومي او طرف سياسي ، لان التمثيل الشرعي يجب ان يتم عبر الانتخاب الحر…

شادي حاجي الحقيقة الوضع السياسي الكردي في سوريا وتحالفات كل من أطرافها السياسية تعاني من تخبط فيما يبدو أنه نتيجة عدم وضوح الرؤية والتأثر بالضغوط السياسية والمصالح الشخصية والحزبية لا شك أن أحياناً كثيرة قد يتأثر صانع القرار السياسي بشأن ما ينبغي فعله إما بضغوط سياسية من جهات مختلفة كأن تكون داخلية او خارجية وهذا الأمر يجب حسمه في…