نذير عجو
أيها المتدينون الإسلامويون الموصوفون بالعقلاء المعتدلون , أما زلتم بعد هذا الكم الهائل من المشاهد المروعة ( عنف وتهديد وترهيب ديني , قطع أوصال , ذبح , حرق , قتل جماعي … ) بإسم وأحكام وتشريعات دينكم مصرين على إقحام دينكم ورؤوس مشايخكم بدهاليزالسياسة وتشريعاتها والحياة العامة للبشرالمختلفين عنكم؟؟؟ .
فإن كنتم حقاً عقلاء ومعتدلون وكنتم غيارة على دينكم , عليكم أن تعلنوها براءة من فتاوي وتفسيرات فقهائكم التاريخية اللاإنسانية من رجم حتى الموت , أو قطع للأوصال , أو جز للرقاب , أو ….. , وتُخرجوا دينكم من هكذا ورطات تهديدية وترهيبية عفى عليها الزمان أمام الإنفتاح في الآفاق الحضارية وإنهيار الأسوار في العلاقات البشرية ,
وأن تبحثون عن الفتاوي الرحيمة والرؤوفة بالإنسان عسى أن يتحول دينكم لدين رحمة وليس دين غزو وإرهاب , وتبحثون عن مخارج جديدة تستطيعون إقناع الآخرين وترغبوهم في دينكم , وتوقفون الصورة الترهيبة العنفية والتدخلات المباشرة في الحياة السياسية والسلطوية والحياة العامة للبشر ,وتَقروا وتعترفوا أن التطور البشري والحضاري لم يعد يحتمل مقولة نحن ومن بعدنا الطوفان , والحياة الحاضرة فرضت ذاتها على الكل ليصبحوا مرغمين للتعايش مع المختلف الديني واللاديني , ويكفيكم ضياع بين قوانين وأحكام الماضي بظروفه ووقائعه الغير ملائمة للحاضر بوقائعه وتفاصيله , وخير دليل على الضياع في الأحكام الدينية هي المزاجية والإلتفافات ( المشايخ الدعائيين إنتهازيي الأنظمة الحاكمة ) والتعارض والتناقض المستمر بين التفسيرات والفتاوي لنفس الحدث في نفس المكان والزمان بين رجال الدين , وتاثيرات ذلك على حياة البشر , ولعل إحدى تلك التخبطات هي التي ظهرت مؤخراَ وبشكل جلي في موقف المرجعية الدينية المتمثلة بجامعة الأزهر إتجاه شناعة داعش في حرق الطيار الإردني معاذ , فالداعشيون إعتمدوا الدين وفتاويه كمصدر تشريع في الحكم على الطيار بالحرق , معتبرين أنفسهم الأتباع الحقيقيين لهذا الدين , وإعتبار الآخرين مما يدعون الإسلام منافقين ضلاليين , وجامعة الأزهرإعتمدت على الدين كمصدر تشريعي بعيداً عن قوانين وأحكام الدولة التي يتبعون لها , معتبرين أنفسهم أتباع حقيقيين للدين في الحكم على الدواعش بقطع الأوصال والذبح ,أو الصلب أو… بإعتبارهم منافقين ضلاليين …. وبين هذا الحكم وذاك هناك ضحية بشرية تتعرض لحكم يتعدي على الأخلاق والمشاعر الإنسانية في شناعة وهمجية إفتاءه وتطبيقه , وهنا يفرض عليكم أيها الموصوفون بالعقلاء المعتدلون دينياً الخروج من أجواء هكذا أحكام ,وذلك بالتفكير الجدي بفصل الدين عن السياسة والدولة , وهذا لايعني إضعاف الدين بل يعني مسايرة ظروف التداخل الحضاري وممارسة الدين بتواصل العبد مع الله عبادة في بيوت العبادة , والإرتقاء إلى تحويله من دين عنف وترهيب إلى دين سماحة وترغيب , وليتحول إلى غذاء روحي للكثيرين اللذين مازالوا وسوف يرتبطون روحياً مع الحالة العقائدية .
وكم يكون إرتقاء البشر إلى عظَمة الإنسانية الحقة , إذا تصورنا في مدينة مختلطة بشرياَ كما المدن الحالية يعيش فيها دينيون ولا دينيون متحابين , الدينيون متمسكون بدينهم ويرتادون معابدهم ويمارسون طقوسهم وقوانينهم في معابدهم دون أية عوائق , واللادينيون يرتادون نواديهم ( الثقافية , الإجتماعية , الرياضية ….. ) وخماراتهم وبقوانينهم العامة , دون أية عوائق , وخارج المعابد والنوادي والخمارات يخضع الكل للقوانين التوافقية الإنسانية المشتركة كأساس وقاعدة للعيش المشترك بين البشر ذوي المعتقدات المختلفة , حيث أن الحياة لم تعد تحتمل الدين أو الفكر أو الثقافة الواحدة ( لكم دينكم وطقوسكم ومعابدكم , ولهم فكرهم وثقافتهم وطقوسهم ونواديهم ) .
أخيراً أقول أفلا من صحوة دينية تنقذ الحياة من هكذا ترددات وتناقضات وتفسيرات إفتائية هنا وهناك خطيرة وكارثية (قطع الأوصال , الرجم , الذبح , ……, ) , صحوة تدعوا لبناء جيل يؤمن بالتعايش السلمي الإنساني بين المختلفين , بعيد عن تقسيم البشر وتمييزهم إلى مؤمنيين وكفار , والمؤمنين خير أمة مبَشرين بالجنة , والكفارأنجاس شياطين مصيرهم النار وبئس المصير , يجب محاربتهم وإرهابهم ليدخلون في دين الله أفواجاً مرغمين أو إنهائهم رافضين .
. فهلا صحت الضمائر في قبول الكل للكل في ظل قوانين الحضارات البشرية أجمع بطبعتها الإنسانية