نذير عجو
(التشرد , النزوح , التدمير , القهر , التعذيب , القنص , الذبح , الحرق , مجازر القتل الجماعي …..) كلها نتائج وأفعال وسلوكيات تلازم وترادف الصراعات والحروب اللاأخلاقية واللاإنسانية.
وما حدث ويحدث في واقع منطقة الشرق الأوسط وبالأخص في سوريا والعراق من ممارسات لإنتهاكات لاأخلاقية ولاإنسانية تقشعر لها الأبدان , إنما هي نتيجة منطقية لحالة الصراعات والحروب الغير مبررة التي يشعلها المتسلطون , خدمة لمصالحهم المادية أو الأيدولوجية أو العقائدية , وإن ذكرنا اليسير من كثير الإنتهاكات التي حصلت في أحداث المنطقة مثل : التمثيل بجسد الطفل الدرعاوي حمزة , إقتلاع حنجرة المنشد الحموي قاشوش , ذبح المقاتلة الكوبانية الباسلة الكردية , ذبح البيشمركة الكردي , ذبح الصحفي الأمريكي والإنكليزي والياباني… ,حرق الطيار الأردني معاذ ووو……,ضحايا المجازر ( الحولة , سرى كانيه , شنكال , كوباني …),
مئات آلاف الضحايا ,ملايين المشردين , دمار البنية التحتية المادية والبشرية , إنما تلك الضحايا البشرية والأضرار المادية هي فاتورة فرزتها ظروف الحرب خدمة لمعلنّي الحرب وحفاظاً على جبروتهم (سلطة الأسد , سلطة التطرف والإرهاب ) وكذلك هي فاتورة لأصحاب المصالح من التجار المشجعين والمروجين والداعمين للحرب وإستمراريتها .
وعليه مادامت الحرب معلنة وقائمة من طرف ومدعومة وممولة من تجارها من طرف آخر , مادمنا بصدد الكثير من الإنتهاكات والفظاعات التقليدية والمبتكرة .
وأبشع وأفظع ما في المشهد الشرق الأوسطي , هو إجتماع لاأخلاقيات الحروب مع اللاأخلاقيات السلطوية إضافة للاأخلاقيات التفسيرات العقائدية الدينية ( الطائفية ) والأيدولوجية المتصارعة في تبرير الإنتهاكات والفظاعات الوحشية حفاظاً على السلطة أو الدين أو الأيدولوجيا .
إذاً بعيداً عن التأثر العاطفي من المشاهد المروعة التي تشهدها المنطقة , من ذبح هذا وصلب ذاك وحرق آخر , لابد من توجيه الأنظار إلى منبع وقاعدة ورأس حربة تلك الإنتهاكات والبحث عن الإمكانيات الواقعية والحقيقية والعملياتية لوقف تلك الحرب وفضح ومحاربة الأفكار التسلطية وتجفيف منابع الإيمان العقائدي المشجع لممارسة هكذا إنتهاكات , وذلك بعيداً عن التأملات الرغباتية أو المطلبية , على إعتبار أن أطراف الحرب ( سلطة الأسد , سلطة التطرف والإرهاب ) كما أثبتت الأحداث أنهم غير مبالين وغير متأثرين بمشاهدها ونتائجها طالما هم حاكمين متسلطين , وأنهم مصممين على الإستمرار إلى النهاية مهما بلغت الأثمان , حيث النظام وشعاره ( الأسد أونحرق البلد ) والتطرف الإرهابي وشعاره ( إما نحن أو نحرق العالم ) , أي أن السوريين الأحرار وأحرارالمنطقة والعالم أمام عدوين شرسين متوحشين لايهدآن من الدمار والقتل والمجازر , الأمر الذي يتطلب الجدية في تكاتف وتحالف المتضررين من الحرب المستدامة بوجود ( سلطات النظام الأسدي وسلطات التطرف والإرهاب ), وذلك بالقضاء التام على هاتين القوتين , وأن تكون كل الطرق مشروعة في إنهائها مثل ( الحصارات الخانقة والضغوطات والتهديدات العملية والمباشرة , دعم ومساندة وتسليح الأحرار… وصولاً إلى التدخلات العسكرية ) رغم إمكانية التكلفة الباهظة من نتائج هكذا إختيارات , على قاعدة أمرين للحل أحلاهما مر , أو مُكرهاً أخاك لابطل , لأن بقائهما أو بقاء أحدهما يعني الخسارة الأكثر تكلفة مادياً وبشرياً مع بقاء اللاإستقرار والعنف والصراعات الأبدية مع التهديدات الإرهابية المستدامة .
فهل لنا أن نستفيد من تجارب التاريخ والحاضر بأن القاتل لن يهدأ أو يُردع طالما هو طليق , وعليه نقول لا أمان للمنطقة إلا بمحاصرة أعداء الإنسانية وأخلاقياتها ( سلطة الأسد , سلطة التطرف والإرهاب ) في قفص المحاكمات أو القضاء عليهما إن أمكن , وإلا فإنهما سيمارسان رغباتهما الوحشية إتجاه الآخر في التمثيل والذبح والحرق و….. رغبة منهم لبقائهم أسياداً لعبيد يحكموهم
فأحرار العالم أمام خيارين صعبين ومكلّفين :
الخيار الأول يكمن في الإنصياع لواقع اللاأمان واللإستقرار والتهديدات الإرهابية بوجود أدوات تجار الحروب ووسائلهم االمتمثلة بالعقليات التسلطية الإستبدادية الديكتاتورية وصولاً للإرهابية , إضافة للعقائد الدينية ( الطائفية ) والأيدولوجية المتطرفة المغذية والرافدة للعنف والإرهاب .
الخيار الثاني يكمن في تأمين شروط حياة الأمان والسلم والإستقرار والتطور والتحضر , وذلك بالتصميم الجمعي الحر للقضاء على تلك العقليات السلطوية العنفية والعقائد الدينية والطائفية والأيدولوجية .
فهلا من جدية لدى الأحرار في البت وأخذ الصائب من القرار ؟