مؤتمر القاهرة وموسكو وجهان لنظام واحد

 

بيار روباري

 

لم أتوقع أي خير من مؤتمر القاهرة، كي أتوقع خيرآ من مؤتمر موسكو، كون البلدان اللذان يحتضنان تلك الإجتماعات، من داعمي النظام السوري المجرم من أول الأحداث وإلى الأن. وكلا النظامين المصري والروسي، لا يختلفان بشيئ في نظري عن النظام السوري القاتل. ومن ثم يكفي للمرء معرفة أسماء الحاضرين في مؤتمر القاهرة، حتى يعرف نتائجه مسبقآ. فتصوروا معي إجتماعآ معارضآ، بقيادة هيثم مناع حبيب النظام العقلاني، وإلى جانبه إبن النظام المدلل جهاد المقدسي رجل المخابرات المسيحي، وجمال سليمان العلوي، وبعض الكرد الذين يدورون في فلك النظام منذ أكثر من عشرين عامآ.

 

وبعد إجتماعهم العتيد، خرجوا علينا بنقاطهم العشرة، وبشرونا ببقاء النظام اللقيط، وكم ستكون الحياة حلوة في ظله بعد التصالح معه من جديد. وأكدوا بأن السوريين سينعمون بالعيش الرغيد، لأن النظام في جوهره قد تغير بكل تأكيد، وما علينا إلا تحضير كعك العيد!! فهل هناك أسفه من هذا الكلام يا سعيد؟
بالنسبة لي كانسان كردي، أتسأل كيف قبل اولئك الإخوة من أبناء شعبنا الكردي، حضور مثل هذا المؤتمر منظمه جهاد المقدسي؟ هذا أولآ وثانيآ كيف قبلوا الحضور دون وجود بند خاص بالقضية الكردية على جدول أعمال المؤتمر أو اللقاء؟ ثالثآ كيف وافقوا على بند ينص حصر السلاح بيد النظام «الدولة»؟ هل هذا يعني إن الإخوة في (ب ي د) الذين حضروا ذاك المؤتمر، مستعدين لتسليم سلاحهم للسلطة السورية أيآ كان إسمها وحاكمها في المستقبل؟ إذا كا الأمر كذلك ما الفرق بين أن يحكمنا داعش أو هيثم مناع أو مقدسي أو النظام الحالي فاحش؟ وهل تنظنون هناك فرقآ بين هؤلاء والإخوان المسلمين والقومجين العرب وغيرهم؟ الجواب أبدآ.
لا يمكن الوثوق بأطرف سوري مهما كانت هويته السياسية والدينية والقومية، ولا طرف عراقي ولا تركي ولا فارسي. وخير دليل على ذلك، ما فعله الشيعة بالكرد بعد وصولهم للحكم. فهل يعقل أن يقوم طرف كردي ما بالتخلي عن سلاحه، ويسلم رقبته للأخرين كالنعاج؟! أليس هذا ما يصر عليه الدولة التركية في مفاوضاتها مع الجانب الكردي، المتمثل في حزب العمال الكردستاني؟ لماذا يا هل ترى هذا الإصرار على تسليم السلاح من قبل الدولة التركية؟ ولماذا تسعى حكومة العبادي ليلآ ونهارآ، لدى دول العالم ويطالبها بعدم تزويد قوات البيشمركة بالسلاح النوعي والثقيل؟ علمآ هي الوحيدة التي تحارب تنظيم داعش نيابة عن جيش الشيعة «العراقي» وكل العالم.
ثم تسليم السلاح ألا يعني ذلك التخلي عن عن الإدارة الذاتية؟ وماذا سيفعل اولئك الإخوة الذين حضروا لقاء القاهرة ووقعوا على وثيقة النقاط العشرة، بكل تلك الأفراد المنضمين لقوات الحماية الشعبية، وكيف سيحمون أنفسم وإدارتهم من الحكومات القادمة في حال سلموا سلاحهم؟ فهل حصلوا في المقابل على توقيع الطرف العربي بخصوص الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا المستقبل؟
والأمر الأخر الغير مفهوم والغير مقبول نهائيآ، هو موافقة اولئك الإخوة على إخراج جميع القوات الأجنبية من سوريا دون تميز، وهذا يعني مساواة قوات البيشمركة بنتظيم داعش الإرهابي وحزب الله المجرم وقوات الحرس الثوري الفارسي الطائفية. إذا كنتم قبلتم بذلك المبدأ، فألا تتوقعون أن يطالبكم في المقابل العراقيين بالخروج من جنوب كردستان كونكم غير عراقين وتعتبرون محتلين للأراضي العراقية، ويتم مساوتكم بداعش؟؟!! بموافقتكم تلك وقعتم أيها الإخوة في خطأ جسيم، وكان عليكم تجنب بذلك.
ولنفترض جدلآ رحل النظام السوري الحالي، وأتى محله نظامآ يساريآ كما تطالبون وتتمنون، وليكن بقيادة اليساري الأكبر ميشيل كيلوا وعبد الرزاق عيد والعقلاني هيثم مناع، فهل تظنون إن موقف هؤلاء من قضية الشعب الكردي وحقوقه القومية، سيكون أفضل من موقف حزب البعث المجرم؟ أبدآ وأعلم حق العلم عما أتحدث يا إخوان.
وهل تظنون إن الذي يحمي أبناء شعبنا الكردي في جنوب كردستان وحقوقه ومكتسباته، هو نص الدستور العراقي ومنصب الرئاسة العراقية أو منصب رئاسة الأركان؟ بالتأكيد لا، إن الذي يحمي شعبنا في إقليم جنوب كردستان وحقوقه، هو سلاحهم وإرادة شعبنا ووحدته فقط. لو هذا السلاح وتلك الإرادة، لكان الأن داعش يحكم هولير، ومن قبله نوري المالكي. ألا تتذكرون كيف حشد المالكي قواته على حدود إقليم جنوب كردستان قبل فترة وهدد الكرد باعادتهم إلى الحظيرة؟
كان على اولئك الإخوة الذين حضروا ذاك الإجتماع من الكرد، أن يفكروا مليآ قبل الحضور، ويجب أن يكون حضورنا في أي إجتماع أو مؤتمر ذو مغزى وفائدة، وليس مجرد لأخذ الصور والتوقيع على ما يكتبه الأخرين لنا. وأنا من الذين يرفضون حضور أي طرف كردي لوحده، في مؤتمرات خاصة بالقضية الكردية، لأن ذلك ليس من حقه والقضية ليست ملكآ لطرف دون غيره. يجب أن يكون هناك تشاور بين الأطراف الكردية، ويجب تشكيل وفد موحد ولديه رؤية متفق عليها كرديآ، ومن ثم الذهاب والحضور التحدث باسم الشعب الكردي.
وفي الختام أريد أن أطرح سؤالآ، وأترك الإجابة عليه للإخوة القراء، بعد أن يطلعوا على بيان إجتماع القاهرة ونقاطه العشرة. السؤال هو: هل هناك من فارق بين تلك النقاط العشر، وما يطرحه النظام السوري من حلول للأزمة السورية، وأين هي الفقرة الخاصة بالقضة الكردية؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…