ما يجري في الحسكة هو ما وعد به بشار الاسد في اجتماعه مع كوادر حزب البعث

 

إسماعيل جمه

 

 

آثارت تصريحات بشار الاسد في اجتماعه بكوادر حزب البعث في مدينة طرطوس بخصوص القضية الكردية في سوريا, واتهامه الولايات المتحدة بالسعي لإقامة إقليم فيدرالي للكرد في سوريا تساؤولات كثيرة حول دلالات هذه التصريحات والهدف منها وما يخفيه النظام للمنطقة الكردية من وراء هكذا تصريحات, وقد كشفت هذه التصريحات عن حقيقية نوايا بشار الاسد والوجه الفاشي والعنصري لنظامه تجاه القضية الكردية على عكس توقعات بعض الجهات التي راهنت ولازالت تراهن على إمكانية أن يستوعب هذا النظام القضية الكردية ويتسامح مع (التجاوزات) على نظامه في المناطق الكردية في ظل حالة الضعف والوهن التي يعاني منها وتداعيات الأزمة والحرب الأهلية الناشبة في البلاد منذ ما يقارب اربعة اعوام, والتي أشعلها هذا النظام بنفسه لتأكل الأخضر واليابس.

 

ربما كان مفاجئة للبعض أن يعود هذا النظام ليكرر مجددا اسطوانته المشروخة ولاءاته التاريخية نفسها ازاء القضية الكردية, ليؤكد أن لا وجود لقضية قومية كردية في سوريا, ولا يحق للكرد المطالبة بإعتراف دستوري بحقوقهم ولا بإدارة خاصة بهم في مناطقهم, مشيرا في الوقت ذاته الى أن ما يجري في المناطق الكردية ( ربما كانت إشارة للإدارة الذاتية التي اعلنها ب.ي.د) هي مؤامرة أمريكية تهدف لإقامة كيان فدرالي كردي لإستخدامها كورقة ضغط في وجه نظامه, ليضيف بأن هذه (المؤامرة) لن تنجح ولن يسمح به وأن الإقليم الفيدرالي الكردي لا أساس منطقي له لأن نسبة الكرد في اكثر مناطقهم كثافة وهي محافظة الحسكة لا تتجاوز 36% من إجمالي عدد سكان المحافظة, وكأنه يقول بأن نظامه ونظام والده قد نجحا في تغيير البنية السكانية للمنطقة الكردية بفضل سياسات التطهير العرقي والتعريب التي نفذاها على مدى أربعة عقود.
ولذلك لا يمكن فصل ما يجري في الحسكة عن المعاني الخطيرة التي حملها تصريحات بشار الأسد عن الكرد والقضية الكردية في حضور كوادر حزب البعث العربي الإشتراكي, هذا الحزب الذي عرف بفاشيته وعنصريته وعدوانيته تجاه كل ما هو كردي في كل من سوريا والعراق, وبالتالي لا يمكن وصف ما يجري في الحسكة على أنه مجرد اشتباكات محدودة على مناطق النفوذ بين مجموعات مسلحة أغرتها النظام على مدى السنوات الماضية بالمال والسلاح ونزعة السيطرة, بل ربما يمكن القول بأنه مجرد حلقة وبداية الإنقلاب على الكرد ومحاولة وأد طموحهم القومي بعد محاولات جرت في السنوات الماضية لإغرائهم ومن ثم إستمالتهم أو تحييدهم عن دائرة الثورة ضد نظامه, ونكاد نجد ملامح ذلك في المجموعات المسلحة الكثيرة التي يحضرها النظام في مناطق الحسكة وقامشلو(كتائب البعث, مجموعات الجيش الوطني,مجموعات حزب الله, مجموعات سوتورو, المقنعين وغيرها وغيرها), فهل نحن أمام  هذا الإنقلاب في محافظة الحسكة بعد كوباني وقد سمعنا من أكثر من مسؤول سوري خلال الأزمة بأنه من السهل خداع الكرد لأنهم كانوا دائما وعبر التاريخ ضحية للخديعة….؟؟ وهل كانت هذه اللحظة, لحظة الخديعة, في حسابات الذين انغمسوا مع حسابات النظام وراهنو عليه..؟؟؟
20-1-2015

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…