د. كسرى حرسان
أيها العنجهيُّ المتعجرف: إن كنت قوياً وبطلاً فنازل أقرانك الأشداء!؛ فذلك أدعى إلى الفخر، وأجدر بوسام الشجاعة، وأضمن لأن يمدحك الخلق بالظافر الذي لا يُقهر، وأكفل لإضفاء سمة البياض على تاريخك.
أما أن تستقويَ على الأشقياء المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا حيلة، بينما يدعوك الجبابرة في الجهة الأخرى كي تواجههم، فتلزم جانب الصمت، وتـُؤثر حياة التقاعس، وتتظاهر بمظهر الأصم الذي لا يسمع؛ فمثلك في جراءتك هذه كمثل القطة التي تعادي الفأر، غيرَ أنك لا ترقى حتى إلى مستوى ذلك الهر، لأن مهمته تصفية حيوان ضار.
ولكن أنت ما أهونك وما أصغر شأنك، أنت – لولا أذاك – أقرب إلى الشماتة منك إلى الحسد، لأنك في التاريخ ظلمة، وقتلك بالنار نور.
أيها العِلجُ الذي يعدَم الإحساس: ألا ترى الناس في كل أرجاء المعمورة، ألا تخجل من نفسك دنيئاً جباناً حريصاً على حياة متشحة بالسواد متسمة بالتشنج. انتبه من أمانك، ولا تطمئنَّ إلى مكر زمانك، وفكر في مصائر أندادك الذين امتدت إليهم يد الموت وطوى صفحتهم في ثناياه سجل الغيب الماضي، وبقيتَ في أخراهم تجترُّ وحشتك وتتحسَّر على أيام أبَّهتك الخوالي.