عديم المروءة

 

د. كسرى حرسان

 

أيها العنجهيُّ المتعجرف: إن كنت قوياً وبطلاً فنازل أقرانك الأشداء!؛ فذلك أدعى إلى الفخر، وأجدر بوسام الشجاعة، وأضمن لأن يمدحك الخلق بالظافر الذي لا يُقهر، وأكفل لإضفاء سمة البياض على تاريخك.
أما أن تستقويَ على الأشقياء المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا حيلة، بينما يدعوك الجبابرة في الجهة الأخرى كي تواجههم، فتلزم جانب الصمت، وتـُؤثر حياة التقاعس، وتتظاهر بمظهر الأصم الذي لا يسمع؛ فمثلك في جراءتك هذه كمثل القطة التي تعادي الفأر، غيرَ أنك لا ترقى حتى إلى مستوى ذلك الهر، لأن مهمته تصفية حيوان ضار.

 

ولكن أنت ما أهونك وما أصغر شأنك، أنت – لولا أذاك – أقرب إلى الشماتة منك إلى الحسد، لأنك في التاريخ ظلمة، وقتلك بالنار نور.
 أيها العِلجُ الذي يعدَم الإحساس: ألا ترى الناس في كل أرجاء المعمورة، ألا تخجل من نفسك دنيئاً جباناً حريصاً على حياة متشحة بالسواد متسمة بالتشنج. انتبه من أمانك، ولا تطمئنَّ إلى مكر زمانك، وفكر في مصائر أندادك الذين امتدت إليهم يد الموت وطوى صفحتهم في ثناياه سجل الغيب الماضي، وبقيتَ في أخراهم تجترُّ وحشتك وتتحسَّر على أيام أبَّهتك الخوالي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…