رشــيد
فالهواجس عديدة ومتعددة .
الكورد غير متفائلين كثيرا ً من الانتخابات ولا يعولون عليها ، فالتشتت يدبُ في صفوفهم ، والتباين يدك مواقفهم (الآفة المزمنة والخطيرة) ، لأن أحزابهم السياسية اجتهدت وتوصلت إلى قرارات المقاطعة أو المشاركة كل حسب موقعه وحجمه … وأعلنت ذلك على الملأ كل على طريقته الخاصة في بيانات أوتصريحات (اعتادت عليها الجماهير الكوردية وألفتها ) متسلحة بجملة من الحجج والمبررات تدعم رؤيتها ووجهتها ….
لن نسرد هنا تلك الشروحات والتويضحات ، فالكوردي يحفظها جميعها عن ظهر قلب صغيرا ً وكبيرا ً ، لأنه يعيش الواقع ويعرف جيدا ً ما معنى القوانين والمشاريع الاستثنائية التي تطبق بحقه وفي مناطقه وما قساوة نتائجها ووخامة آثارها على حياته كانسان وكمواطن .
.
ولكن من حقنا أن نتساءل:
– طالما أن السلطة هي ذاتها في الشكل والمضمون والرموز والسلوك… فلماذا تتبدل مواقف الأحزاب الكوردية بين المقاطعة مرة والمشاركة مرة أخرى في الدورات الانتخابية المتتالية ؟؟!!
– بما أن النضال السلمي الديموقراطي هو الخيار الوحيد والاستراتيجي للحركة الكوردية في الاطار الوطني لتحقيق الأهداف والمطالب… فلماذا تغادر الأحزاب الساحة الأساسية ((الانتخابات)) لممارسة النضال الديموقراطي ؟؟!!
– هل الحضور الكوردي في النقابات والدوائر والمؤسسات والمجالس … (الممثل عن الحركة الكوردية والمعبرعن برامج وأجندة وطنية وقومية واضحة) ايجابي يخدم القضية ، أم سلبي يسيء إليها ؟؟!!
لعل صنع القرارات ورسم المواقف في الأحزاب تخضع لعدة اعتبارات ، أهمها :
– النظر للأحداث والأمور من منطاقات حزبية ضيقة ، والقفز على القضية خدمة للمصالح الشخصية حفاظا ً على الأسماء والمناصب و …..
.
– الخضوع لإرادة القوى الوصائية (محليا ً وكردستانيا ً واقليميا ً) والتي تمنح معظمها الشرعية والوجود والاستمرارية .
– قد يبادر إلى أذهان البعض ، أن الأوضاع الاقليمية المضطربة المحيطة بسوريا ، والضغوطات الدولية عليها باتجاه حلحلة بعض القضايا الساخنة والهامة في الشرق الأوسط ، ستبرر الاستقواء والاستشارة بالخارج ، وبالتالي المراهنة عليها ، واعتماد التشدد والتعنت في المواقف والخطابات والممارسات.
– إن وجود أصوات عربية معارضة للسلطة السورية (شخصيات أو منظمات وطنية وحقوقية ومجتمع مدني ..) ، ومسايرة ومصغية – إلى حد ما – إلى الخطاب الكوردي ، قد يراها البعض فرصة للهروب إلى الأمام بذريعة التضامن والتحالف ، متجاهلين فحوى رسائل هؤلاء لهم وتشجيعهم على استثمار الخصوصية الكوردية ، ولكنهم قرروا أن يسيروا مع التيار ليصبوا في الطاحونة العاملة (المكنة الشغالة).
– قد يجد البعض في الانتخابات مناسبة لرفع وتيرة الهزيج والضجيج ، والصول والجول لالهاء الجماهير واشغالها ، وكذلك لاستثمارها في تصفية حسابات متراكمة ، أو لتلطيف الأجواء الملبدة (كما يتصورون) ، ولكن هكذا وجدوا ووعدوا ولا خيار لهم سوى ……..
– قد يفكر البعض الآخر ، بأن الالتزام بالقضية بات من مسؤوليتهم وحدهم بعد غياب الآخرين ، فاعتمدوا التمايز والانفراد شعارا ً ومنهجا ً للبرهان على صواب رأيهم ومسارهم ، فاجتهدوا في التحليل والتدويل ، وبالنهاية وقعوا في شرك التطرف والنشاز والتضليل ، فأخطؤوا مواقعهم.
اللهم لا شماتة ولاتشهير ولا تجريح فأنا من أبناء جلدتهم ، وربما أعبر عن رأي الكثير من المثقفين والمهتمين بهموم القضية والوطن بحياد وموضوعية ومباشرة وصراحة… ، لا نبتغي سوى النقد والتنبيه لمواطن الخلل لغاية تداركها واصلاحها .
ولكن بهذه الصورة ووفق المعطيات والمؤشرات المتوفرة حاليا ً ، ستنتهي الانتخابات حتما ً وستعلن أسماء الفائزين (المتوقعين سابقا ً) ، وسيدخل الكورد بقيادة أحزابهم ومشاركة مثقفيهم في جولات من التحليل والمناقشة والتنظير والسجال ….
وسيحصلون على نتيجة معتادة ومألوفة وهي: لا بأ س ، فطريق النضال مازال طويلا ً ، وهناك متسع من الوقت للتفكير واتخاذ القرار بشكل صحيح ، حظا ً أوفر وإلى اللقاء في دورات انتخابية قادمة .
لم يكتمل المشهد بعد ، فهناك من سيعين نائبا ً ليكون محسوبا ً على الكورد من خلال قوائم الظل وغيرها ، ولن يهمه همومهم ومعاناتهم ومشاكلهم ، فقط سينتقل من وزارة لأخرى (بمثابة معقب معاملات) للحصول على الاستثناءات من الرخص والموافقات ، وتسيير أموره الشخصية والعائلية والعشائرية أسوة بغيره ممن عينوا نوابا ً في المجالس السابقة ، وقد يذهب أبعد من ذلك ليحسن صورة السلطة داخليا ً وخارجيا ً ، ويشهد زورا ً على أن وضع الكورد هو على أفضل ما يكون في سوريا !! (وقد حصل هذا سابقا ً) .
وأخيرا ً : سيتساءل كل حزب نفسه ومحيطه ، هل أصاب في مسعاه ومنحاه ، أم خاب ؟؟!! ، هل النتائج بهذه الصورة مقبولة ، وتليق بشعب عريق يجاوز تعداده الثلاثة ملايين ، وشعب واع ٍ ومسيس ٍ بفضل أحزابه العتيدة و العديدة والمتنوعة ، وشعب شهم ٍ وأبي تشهد له معارك التحرير والاستقلال وأحداث 12 آذار ، وشعب مظلوم ومغبون يدل على ذلك الاحصاء الاستثنائي الجائر والحزام العربي المقيت وغيرهما…؟؟؟؟!!!!
يقول الشاعر العربي : عش عزيزا ً أو مت وأنت كريم … أوافق على قوله وأبني عليه قائلاً : أجزم قاطعا ً بأن عزة الكورد وكرامتهم ونجاتهم في اجماعهم ووحدة كلمتهم وعملهم ، فأما المشاركة معا ً ببرامج وقوائم انتخابية موحدة ، أو الرفض والمقاطعة بكبرياء وأنفة وشرف… لأن في الحالتين يكون الكورد قد كسبوا المعركة ، لأنهم أثبتوا حضورهم وجدارتهم ، وكسبوا أنفسهم قبل أصدقائهم وحلفائهم وأشقائهم ، وبالتالي تنتصر الارادة الكوردية الطامحة للحرية والعدالة والمساواة ، وتأمين الحقوق القومية والوطنية المشروعة ، لأن انتصار الكورد زخم وزخر لجميع القوى الوطنية والديموقراطية الخيرة والمعطاءة والمخلصة ، وبالتالي انتصار للوطن بكل أبعاده ومعانيه على التحديات القائمة وعلى المتربصين و أعداء الانسانية و الأمن و السلم والاستقرار والتقدم ..
9/4/2007