بيان بشأن الانسحاب من معركة انتخابات البرلمان السوري

اللجنة المركزية
  لحزب يكيتي الكردي في سوريا

لاشك أن الترشيح والانتخاب حق قانوني، يجب ممارسته والدفاع عنه، ولا يمكن للعملية الديمقراطية أن تأخذ مداها سوى بتمكين كل فرد من التعبير عن رأيه عبر صناديق الاقتراع، وبمشاركة كافة مكونات المجتمع، التي ينبغي أن تختار بكل حرية ممثليها إلى البرلمان ليدافعوا عن حقوقها ويراقبوا السلطة التنفيذية، ويقيموا أداءها، ويحاسبوها إذا قصرت في إنجاز مهامها.

إن للسوريين عموماً، ولشعبنا الكردي بشكل خاص، تجارب مريرة مع النظام الحاكم، الذي يحتكر السلطة والثروة ويشرعن من جانب واحد حق قيادة الدولة والمجتمع، ويقمع الحريات.

حيث كانت الحركة الكردية تشترك في الانتخابات وتفضح انتهاك الحقوق والتجاوز على القوانين، رغم الاستبداد وهيمنة أجهزة السلطة، ورغم قلة الإمكانات، وندرة وسائل الاتصال والإعلام، لكننا فوجئنا في هذه الدورة بإقدام التحالف الديمقراطي الكردي على إعلان المقاطعة، قبل صدور المرسوم الرئاسي الذي حدد مواعيد العملية الانتخابية.

وبرر التحالف موقفه بأنه التزام بما أقرته قوى إعلان دمشق في وقت سابق، وبعد فترة حذت الجبهة الديمقراطية الكردية نفس المنحى.

وبدا من هذا التسرع غير المعهود وكأن هذه القوى أرادت فرض أجندتها وإرادتها على القوى الأخرى وعلى الجماهير.
ومن المألوف أن أحزاب الحركة الكردية، كانت دوماً تتواصل وتلتقي لإقرار الموقف من الانتخابات بصورة جماعية، لكن هذا الموقف المفاجئ والمثير للتساؤل، وبدون مشاورة مجموع الأطراف، ساهم مباشرة في خلق البلبلة وحالة من اليأس في الشارع الكردي.
وخلال هذه الفترة قمنا باستطلاع آراء منظمات الحزب والجماهير الكردية بصورة مباشرة أو عبر الاستبيانات، فلاحظنا وجود موقفين، أحدهما متأثر بالفريق الذي آثر المقاطعة والانزواء في البيوت، والذي برر ذلك بعدم جدوى الانتخابات، واحتمالات فرض السلطة لقوائمها، واللجوء إلى التزوير في ظل سريان قانون الطوارئ، وعدم وجود قانون للأحزاب، وظهر موقف آخر متحمس لخوض المعركة الانتخابية بقوة، وبقوائم منافسة لقوائم النظام، ومراقبة صناديق الاقتراع، وفضح تدخلات أجهزة السلطة وانتهاكاتها، والاحتجاج الميداني على الخروقات واستثمار أجواء الانتخابات للاحتكاك المباشر مع الجماهير المستاءة من سياسات النظام ومخاطبتها، وتفعيل دورها.
وانطلاقاً من مبدأ “أن الحقوق لا توهب، وإنما تنتزع بالنضال”، فقد تلاقت أطراف لجنة التنسيق الكردي ودرست مسألة الانتخابات وضرورة الخروج بموقف موحد، وخوض المعركة الانتخابية لكون الظروف الحالية أفضل من حيث ازدياد الوعي، وتوفر وسائل الإعلام والاتصال والنقل، وكسر الجماهير الكردية لحاجز الخوف المتراكم، لاسيما بعد انتفاضة آذار.

لكننا، مع الأسف، فوجئنا بإقدام أحد أطراف التنسيق، وهو حزب آزادي الكردي، على إعلان المقاطعة بشكل منفرد ومفاجئ.

ورغم ضيق الوقت، فقد تمكنّا من تقديم مرشحين.

وبغية توحيد موقف الأطراف الكردية المشاركة في الترشيح، فقد حصلت عدة لقاءات أسفرت عن تفهم أولي بين (يكيتي، تيار المستقبل، الاتحاد الديمقراطي PYD) حول تشكيل قائمة كردية موازية ومنافسة لقوائم السلطة، ومحققة للنسبة العددية الكردية، وذلك أن الكرد يشكلون الأغلبية في مناطقهم التاريخية (الجزيرة، كوباني، عفرين) ومن حقهم تشكيل قوائم خاصة تتحالف مع قوى أخرى من عربية وآثورية.

وفي الجزيرة تقدم مرشحونا ببرنامجهم الانتخابي للجنة الحكومية المشرفة، ليحصل على الموافقة (النشاط الانتخابي والدعاية)، وتضمن البرنامج العمل من أجل: 1- تعزيز التعايش الأخوي بين الشعبين العربي والكردي وكافة مكونات المجتمع السوري.

2- توفير الحريات الديمقراطية في البلاد.

3- إلغاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية.

4- إيجاد قانون عصري للأحزاب.

5- إعادة صياغة دستور البلاد بحيث تتحقق فيه المساواة والعدالة بين كافة مكونات المجتمع السوري.

6- الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كثـاني قوميــة في البلاد.

7- إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية.

8- إلغاء كافة المشاريع والإجراءات الاستثنائية المطبقة بحق الشعب الكردي.

9- مكافحة الفساد بجميع أشكاله، وتحقيق التنمية الاقتصادية في المحافظة.

10- تأمين لقمة العيش وتوفير فرص العمل لكافة المواطنين.

11- إيلاء الاهتمام الكافي بتنمية المحافظة من كافة الجوانب.
وكعادتها، ماطلت السلطات في الجواب وأحالت اللجنة المشرفة على الانتخابات، البرنامج إلى الأمن السياسي الذي رفض الموافقة مما شكل خرقاً للقانون الانتخابي، وبين بجلاء زيف ادعاءات النظام حول ديمقراطية وشفافية العملية الانتخابية.
ورغم هذه العراقيل والأجواء فقد جرى لقاء مشترك بين ممثلي يكيتي والتيار و PYD لبلورة الموقف النهائي، حيث أصبحنا أمام خيارين؛ إما الانسحاب الجماعي لمرشحينا أو تشكيل قائمة موسعة كما اتفقنا سابقاً.

لكننا صدمنا بموقف جديد من الأخوة في PYD يتمثل في أنهم سوف يخوضون الانتخابات ضمن الهامش المتمم لقوائم حزب البعث، ولن يتجاوزوها، وبأنهم قاموا بالنشاط الانتخابي لمرشحيهم، وهنا رأينا أنه ليس من مصلحة قضيتنا تشكيل قوائم كردية منافسة لقوائم كردية أخرى، وبالتالي لم يبق أمامنا سوى الانسحاب رغم قناعتنا بأن المصلحة الكردية تقتضي مواجهة السلطة وخوض الانتخابات وبقوائم واسعة وقوية، فالانتخابات رغم ما يكتنفها من تشوهات، تبقى خياراً نضالياً للقوى المؤمنة بالتغيير الديمقراطي السلمي إلى جانب خيارات أخرى، كالتظاهر والاحتجاج والعصيان المدني، وغيرها… حيث لم يثبت يوماً أن نظاماً قمعياً استبدادياً، تخلى عن قمعه واستبداده دون أن يكون هناك فعل نضالي إيجابي يجبره على ذلك، ومن المؤسف أن القوى المقاطعة للانتخابات وغيرها من قوى المعارضة السورية ترفض باستمرار كل عمل جماهيري أو حراك نضالي، وقد جوبهنا مراراً بحملات تضليل وتشهير لثنينا عن توجهاتنا النضالية.
لقد كانت الانتخابات فرصة لشعبنا كي يثبت تحديه لسياسات النظام، والحركة الكردية كي تنفض عن نفسها تهمة الموالاة للنظام بسبب قيامها في الدورات السابقة بدخول الانتخابات ضمن الهامش الذي تتركه السلطة للمستقلين.

إن المستفيد الوحيد من مقاطعة الانتخابات هو النظام، حيث تتوفر لقوائمه فرصة غياب منافس حقيقي، وبذلك تبدو الانتخابات وكأنها نزيهة، وبالتالي لن يخشى النظام من وجود المراقبة من قبل القوى والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
يا جماهير شعبنا:
لقد اجتمعت عوامل عديدة لتحول دون تمكننا من الاستمرار في المعركة الانتخابية، وتمثلت في الموقف السلبي بالمقاطعة من معظم أطراف الحركة الكردية، وتراجع الإخوة في PYD  عن تشكيل قوائم كردية منافسة لقوائم السلطة، بالإضافة إلى استمرار النظام في سياسة القمع والاستبداد وكبت الحريات.

وهكذا فإننا نعلن انسحاب مرشحينا من معركة الانتخابات للأسباب المذكورة، ولحرصنا على عدم خلق مزيد من الإرباك في الساحة الكردية، والحفاظ على ما تبقى من أجواء إيجابية، خاصة وأن الحركة الكردية مقبلة على توحيد رؤيتها السياسية وبناء مؤسسة جامعة لها، لاسيما بعد مؤتمر باريس وبيانه الختامي الذي اتسم بخطاب سياسي وموقف متقدم في مجال حقوق الشعب الكردي، وقضيته العادلة.
قامشلو 
8/نيسان/ 2007 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…