لماذا الارتياب من هذه الحركة الروسية ؟

صلاح بدرالدين

  الحركة الدبلوماسية الروسية شبه المفاجئة تجاه الملف السوري بالتزامن مع مبادرة المبعوث الأممي – دي ميستورا – لاترمي الى تحقيق طموحات السوريين وإنجاز السلام المتوازن كما تقرأ في ظاهر أهدافها المعلنة واذا كانت الحركة هذه التي يطيب للمسؤولين في موسكو تسميتها بالمبادرة حاجة سياسية روسية داخلية – أوروبية للانتقال ولو من حيث الشكل من واقع الاتهام والادانة الدوليين بخصوص الأزمة الأوكرانية وضحايا الطائرة الماليزية والهبوط القياسي لقيمة العملة الوطنية – الروبل – أمام الدولار واليورو وتاليا المستقبل الأسود للوضع الاقتصادي جراء العقوبات التي تتوالى على الصعيد العالمي الى جانب ذلك الحاجة الماسة الى الظهور بمظهر القوة العظمى الباحثة عن مناطق نفوذ ومنافسة أمريكا والغرب على مواقع الشرق الأوسط .
  أما من حيث واقع الحال فان النظام الروسي الذي وقف منذ انطلاقة أول انتفاضة ربيعية في المغرب والمشرق ضد الاستبداد التي جلبت اهتمام العالم وتعاطفهم وخصوصا الديموقراطيات الغربية بالضد منها أو حذرا تجاهها أو ربطها بأجندة منافسيه الأمريكان واختلف الأمر بخصوص الثورة السورية حيث أصبح طرفا معاديا لها قولا وعملا على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والدبلوماسية الى جانب نظام الأسد وجمهورية ايران الإسلامية  .
   كما يبدو وبحسب قراءة الروس للأحداث السورية بعد قيام التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الداعشي واستخدام الأجواء السورية للعمليات الحربية من دون أي حساب للنظام وبعد التقدم المطرد للمفاوضات الغربية مع ايران والانتصارات العسكرية التي حققتها تشكيلات من الجيش الحر في الجنوب وحول دمشق وعلى الحدود مع لبنان وفي ادلب والتحضيرات الجارية لمدينة حلب وقرار تدريب مجموعات من المعارضة (المعتدلة) في تركيا وبلدان أخرى تحت الاشراف الأمريكي مما قد يصب كل ذلك في توفير أسباب وشروط اسقاط نظام الأسد ومايلحق ذلك ان تم من هزيمة نكراء بالسياسة الروسية تضاف الى سجلها الموصوف بمساندة الإرهاب والدكتاتوريات والحركات الانفصالية وغير ذلك بعد قراءة كل هذه المعطيات المستجدة انتاب الجانب الروسي مايشبه الهيستريا فبادرت حكومتها الى اطلاق حركتها الراهنة الموجهة أساسا الى تعطيل الحل الذي ينشده السورييون بغالبيتهم الساحقة وهو اسقاط نظام الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي والالتفاف على الجهود الدولية لإنقاذ الشعب السوري من هذا النظام القاتل لشعبه والمدمر لبلاده .
  لقد عبر أحد المسؤولين الإعلاميين الرسميين في دمشق خلال حواره مع فضائية لبنانية موالية للنظام عن حقيقة التحرك الروسي وكشفه عاريا من دون أن يدري عندما كال المديح لروسيا الصديقة النزيهة ! والوفية وأشار في الوقت ذاته الى أن المبادرة الروسية  لاتحظى بقبول (الإرهابيين) ويقصد الثوار وأطراف المعارضة كما ستحارب من جانب الأمريكان والأوروبيين والخليجيين وسائر البلدان العربية وتركيا باعتبار هذه الأطراف معادية مما يعني أنها مرحبة فقط من النظام والى درجة ما ايران والعراق أي نفس المحور السابق الذي يغذي الحرب والقتل والتدمير ويدعم نظام الاستبداد وسيمضي قدما في نهجه العدواني السابق . 
   وكجزء من الحركة الروسية العامة حول الملف السوري جاءت زيارة الرئيس – بوتين – الى تركيا أملا منه في كسب تركيا الى جانبه سياسيا واقتصاديا واستغلال الذرائع التركية التي لاتستند غالبيتها الى أي أساس سليم حول خلافها مع الجانب الأمريكي وموضوع المنطقة الآمنة وأهداف حرب التحالف ولكنه عاد الى بلاده خالي الوفاض بعد الإصرار التركي على ضرورة اسقاط الأسد .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…