العدد 500 من جريدة كوردستان

نوري بريمو

بصدور العدد (500) من جريدة “كوردستان” التي جاءت لتكمل المشوار الذي بدأته جريدة “صوت الأكراد” التي كان يصدرها “الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ـ البارتي”، منذ تأسيسه في 14تموز1957م وحتى نيسان 2014، حيث إنعقد المؤتمر التوحيدي الذي انبثق عنه تأسيس (الحزب الديموقراطي الكوردستانيـ سوريا)، تكون هذه الجريدة الدورية الصامدة منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، قد تجاوزت بفضل مراكمة جهود كافة قياديي الحزب وكوادره وأعضائه، وخاصة محرريها ومراسليها وطابعيها وناشريها مرحلة عسيرة من مسيرتها الصحفية التي لم تكن تخلو من المصاعب في الظروف الإستثنائية التي مرت بها سوريا وغرب كوردستان على مدى العقود الستة المنصرمة، مما جعل الإنسان يشعر بالثقة بالـذات وبالنضال الذي يخوضه شعبنا وبالتالي يتحصّل على روحية الإجتهاد لتحقيق المزيـد من الخطوات الناجحة في مجال تطوير هذه الصحيفة وباقي وسائل الإعلام والصحافة.
واحتراما للحقيقة وليس مدحاً للذات، فإنّ نجم “كوردستان” بدأ يسطع وأنوارها ازدادت تألقاً أثناء هذه الفترة وخلال زمن قياسي بالقياس مع مثيلاتها، فقد تميّز أداءها الصحفي بالمصداقية في نقل الخبر رغم إمكانياتها المتواضعة، وقد استطاع الكتاب وأعضاء أسرة التحرير الذين ينشطون كورشة عمل متكاملة، أن يبرهنوا بأنهم يمتلكون قدراً لا بأس به من الطاقة الكامنة التي تجعلهم قادرين على التعامل بعقلانية وإيجابية مع إشكاليات وقضايا وقواسم مشتركة وأخرى مختلفة لا حصر لها، إذ أثبتت هذه الخلية الإعلامية خلال هذه الفترة الوجيزة أنها أهلٌ لمبادرة صحفية من طراز نوعي تصلح أن تكون نواة خصبة لإنجاز مشروع إعلامي يلمّ شمل الأقلام الواعدة ـ داخل البارتي وخارجه ـ لكي ترافع عن الحق وتنطق بالكلمة الحرة وتكاشف بالحقيقة لتوفير سبل ومستلزمات الدفاع عن قضية الكورد وكوردستان ضد مختلف الشرور.
وبمناسبة إستذكارية صدور العدد 500، يحق للبارتي ولجماهيره ولأسرة التحرير أن يفتخروا بهذه الوسيلة الإعلامية المتواضعة التي وُلِدَتْ قبل أكثر من نصف قرن في قامشلو وعفرين وكوباني وبشكل منشور سرّي كان يتم اعداده ونشره وطبعه بأدوات يدوية بسيطة وفي الكهوف والغرف المظلمة في العهود الدكتاتورية، والتي نمَت فيما بعد وترعرعت بفضل الجهود والإمكانيات التي قدمها لنا إخوتنا في البارتي الشقيق، وبعد أن انتقلت الجريدة إلى هولير عاصمة اقليم كوردستان التي يعود لها الفضل في تطويرها وتحويلها إلى منبر عصري يفسح المجال أمام أي مهتم بشؤون الثقافة والإعلام والسياسة لكي يروّج رؤاه وأفكاره وينشد أنشودة السلام لخدمة مشروعنا القومي الديمقراطي على نهج البارزاني الخالد وعلى طريق بناء سوريا الجديدة التي تضمن الفدرالية لكوردستان سوريا.
أبواب جريدة “كوردستان” مفتوحة لكافة المهتمين بالشأن ولروادها الذين يبحثون عن متنفّس لنتاجاتهم الفكرية ولخياراتهم السياسية لدى تناول أية مسألة وفتح أي ملف أو أية قضية مهما كانت شائكة وعالقة، بعيداً عن أية سطوة فوقية لأية خطوط حمراء، لأنّ أهل جريدة كوردستان يرسمون لها لتتطوّر إلى فضاء للحوار حول كافة همومنا وشجوننا وآلامنا وآمالنا وحقوقنا وحاضرنا ومستقبلنا ومصيرنا، وفي هذا المجال نعدكم بأنّ هذا الحوار لن تعرقله أية موانع سوى الرادع الذاتي والصالح القومي والضمير الصحفي الذي نطمح أن يكون متوفراً لدى مختلَف الفرَقاء، كي تغدو هذه الصحيفة منبرا حرا وبلا أي رقيب أو حسيب سوى الوجدانية في القول والعمل، لأنّ مسارات الجريدة ستبدو حينها مفتوحة على كافة الأصعدة بلا أية تفرقة مع ضرورة مناشدة الجميع ببذل عناء البحث عن مقوّمات النجاح والالتزام بموجباته واستحقاقاته، فالصواب الديموقراطي يقتضي وجوب احتكام الجميع إلى خيار حضاري يوّفر لنا مستلزمات الفوز بطاولة مستديرة يتم حولها التجاذب الإيجابي بين كافة الأطراف على قاعدة إحترام الرأي والرأي الآخر.
أنّ التوقف لبرهة وإجراء الجرد في هذه المناسبة، ينبغي أن يُلزمنا بضرورة الاعتراف بإمكانية وجود أوجه خلل أو ثمة تقصير غير متعمّد قد حصلَ ويحصل في هذا المجال أو ذاك، والذي من المحتمل قد أدّى إلى عدم المقدرة على استقطاب عدد أكبر من الأوساط السياسية والمجتمعية والثقافية التي لا بديل عن التفاعل معها وإشراكها في معادلة حراكنا الإعلامي والسياسي مهما بلغت درجة الاختلاف معها، في حين كان ولا يزال المرتجى هو تشكيل حاضنة إعلامية ـ داخل البارتي وخارجه ـ للتوصل الى حراك صحافي متعدد الرؤى والأطياف عبر مراكمة الجهود لخلق مناخات أكثر رحابة من شأنها إعطاء دفع للأداء الإعلامي لتغطية المتغيرات الجارية في ساحاتنا الكوردستانية والسورية والشرق أوسطية التي باتت حبلى بمختلف الإحتمالات والمفاجئات، ويمكننا القول بأنّ ذلك تجلّى في معظم أعداد الجريدة التي جرى فيها التركيز على ضرورات فتح وإغناء مسارات النهوض الإعلامي بقضايانا. والأهم، فإن أسرة التحرير تولي الأولوية لضرورة العمل من أجل بناء علاقات إيجابية متبادلة في الحياة الداخلية للجريدة، لخلق أجواء ديموقراطية من شأنها تنشئة أجيال تحمل أخلاقيات وسلوكيات حديثة تؤهلها لتؤدي أداءً عصرياً، وتطوّره من التقليدي إلى الحداثي  القادر على إخراجنا من دوائر التفكير الضيقة والأداء المزاجي إلى مناخات إعلامية أكثر انفراجا ورحابة، ولنصبح أكثر تصميماً على متابعة مسيرة شعبنا الكوردي التوّاق إلى تحقيق كيانه والعيش بسلام وحرية إسوة بباقي شعوب المعمورة.
وبهذا الصدد التقويمي، وما دمنا نشعر بأنّ قيادة “البارتي” ومكتب الإعلام وأسرة التحرير جادون وعاقدون العزم على المضي قدماً بمركبنا الإعلامي نحو الأفضل، فينبغي التذكير بأنّ السهر والمثابرة على العمل، يبقيان يشكلان العماد الرئيسي في تحقيق المزيد من النجاح، وهنا ليس بالوسع سوى الدعاء بالموفقية لكل من يساهم في اصدار هذه الجريدة، ولابد من تقديم 500 مبروك لصدور العدد 500 من جريدة كوردستان، وكلنا أمل في أن تتحوّل هذه الجريدة إلى صحيفة أسبوعية ومن ثم يومية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…